05-سبتمبر-2022
علم السودان

حالة من الاتفاق بين فرقاء المشهد السوداني المضطرب على أن الطريق نحو الاستقرار يمر عبر شارع "التسوية"، كما أن حالة الشقاق والخلاف الماثلة تهدد بقاء كيان الدولة السودانية وتجعل البلاد أقرب للانهيار أكثر من أي وقت مضى. وعقب تسلم السفير الأمريكي عمله في العاصمة الخرطوم، قال البعض إن التسوية باتت أقرب من أي وقت مضى؛ إلا أن عملية تحقيق تسوية في السودان تحيطها مجموعة من التحديات.

منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، يشهد السودان حالة شد وجذب بين داعمي الانقلاب وقوى مقاومته

ومنذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، يشهد السودان حالة شد وجذب بين داعمي الانقلاب وقوى مقاومته، ما أنتج عجزًا عن تشكيل حكومة لأكثر من تسعة أشهر. لم يكمل الانقلاب دائرة سلطته بعد، حيث يواجه توصيفات بالفشل، وعجزت في المقابل القوى المناهضة له عن إسقاطه.

لاءات لجان المقاومة

في وقت مبكر أعلنت لجان المقاومة موقفها الحاسم بضرورة إسقاط الانقلاب؛ الموقف الذي مثل امتدادًا لموقفها الرافض لما أسمتها "شراكة الدم". وستجد التسوية المنتظرة نفسها في مواجهة شعار الشارع بلاءات الرفض "لا تفاوض لا شراكة ولا شرعية"، وهي الشعارات المستندة أيضًا على مخرجات ميثاق "سلطة شعب" الذي يرفض حتى العودة للوثيقة الدستورية المنقلب عليها من قبل قائد الجيش.

ويقول فيصل السعيد أحد المتحدثين الرسميين باسم لجان المقاومة أن موقفهم من التسوية محسوم، وأنهم لا يملكون استعدادًا لإعادة سيناريوهات الفشل السابقة، وأن ما ترغب فيه لجان المقاومة ومن يخوضون المعركة في الشوارع الآن هو تنفيذ شعارات ثورة ديسمبر في الحرية والسلام والعدالة، وأن التجربة السابقة أكدت استحالة تحقيق ذلك في ظل سيطرة العسكريين على المشهد، وهو ما يستدعي ضرورة قيام سلطة مدنية

رفض التدخلات الأجنبية

قبل التوقيع على الوثيقة الدستورية حذر الحزب الشيوعي السوداني من تنامي التدخلات الأجنبية في تحديد مسارات الثورة السودانية، وأشار الحزب بشكل مباشر لما أسماه "معركة المحاور" التي تحاول توظيف الثورة لتحقيق مصالحها في السودان. وتأسف الحزب على أن هذا الأمر يتم بتماهي من قوى سياسية سودانية يطلق عليها الحزب العريق "قوى الهبوط الناعم"، والتي دفعت بالحزب لمغادرة قوى إعلان الحرية والتغيير، بل وإعلان موقفه المناهض والراغب في إسقاط الحكومة الانتقالية.

ولم تغير تحولات المشهد السياسي عقب الانقلاب من موقف الشيوعي الرافض لأي تسوية، والتمترس خلف مطالب اللاءات الثلاث وإكمال مشروع إسقاط السلطة بشكل كامل.

عدم الثقة

فشلت الآلية الرباعية الدولية المكونة من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، في عقد اجتماع بين قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي والمكون العسكري وقوى الحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني وأطراف السلام بمنزل السفير السعودي بضاحية كافوري بالخرطوم بحري.

 ووجهت الرباعية الدولية دعوات للقوى السياسية لمناقشة الأزمة وبحث سبل الخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد منذ الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي عقب استيلاء الجيش على السلطة وإقصاء قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" عن السلطة.

وتشهد الأوضاع بين قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي" وقوى الحرية والتغيير التوافق الوطني تصعيدًا كبيرًا، ويحاول كل طرف إقصاء الطرف الآخر من المعادلة السياسية في السودان.

https://t.me/ultrasudan

ووصفت قوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، حضور بعض ممن وصفتهم بـ"داعمي الانقلاب من المدنيين" لاجتماع الرباعية الدولية بمنزل السفير السعودي أمس، بأنه غير مفيد للعملية السياسية، مؤكدين بأنهم لن يكونوا طرفًا في اجتماع تشارك فيه هذه القوى المدنية. 

وقال الناطق الرسمي باسم المجلس المركزي شريف محمد عثمان، إن المكون العسكري هو الذي نفذ الانقلاب وأن إجراءات إنهاء الانقلاب تكون بالنقاش مع منفذ الانقلاب. وأضاف عثمان في تصريحات سابقة لـ"الترا سودان"، أن المجموعات الداعمة للانقلاب هي عبارة عن واجهات الانقلاب وليس لديها القدرة على إنهائه أو اتخاذ أي قرارات في أمر الانقلاب - حد قوله.

من جانبها، كشفت قوى الحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني، عن اتخاذها موقفًا من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي عقب رفضهم مشاركة قوى التوافق الوطني في الاجتماع الذي دعت له الرباعية الدولية أمس الأحد بمنزل السفير السعودي.

الطريق نحو تحقيق التسوية السياسية في السودان تحيطه مجموعة من الصعوبات؛ أعلاها "لاءات المقاومة" وأدناها رفض "الهبوط الناعم"

وقال عضو المجلس الرئاسي لقوى التوافق الوطني، الحاج روما، إن المجلس المركزي يسعى لاحتكار الساحة السياسية بلا شرعية، وأضاف في تصريح سابق لـ"الترا سودان"، أنهم لن يعترفوا به التحالف منذ اليوم، مشيرًا إلى أنهم سيتعاملون معهم كأحزاب.

ومن الواضح أن عدم الاستقرار السياسي وحالة الانفلات الأمني والأزمة الاقتصادية المتفاقمة وعودة السودان لحالة العزلة الدولية نتيجة لخطوة الانقلاب، بجانب التباينات بين القوى الحزبية؛ كلها عوامل تجعل من إنجاز تسوية سياسية المطلوب الأكثر الحاحًا في الوقت الراهن من أجل تجاوز الأزمة. لكن الطريق نحو تحقيقها تحيطه مجموعة من الصعوبات؛ أعلاها "لاءات المقاومة" وأدناها رفض "الهبوط الناعم".