23-سبتمبر-2022
البرهان

عبدالفتاح البرهان لدى مخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة

أمس الخميس وسط تظاهرات حاشدة للجالية السودانية بالولايات المتحدة الأمريكية في محيط مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لمطالبة المجتمع الدولي بمقاطعة السلطات العسكرية في السودان، قدّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وطالب فيها بضرورة إجراء إصلاحات في منظومة مجلس الأمن الدولي. وجدّد البرهان في كلمته التزام الجيش بالخروج من العملية السياسية، داعيًا القوى المدنية إلى التوافق على حكومة انتقالية تقود البلاد إلى الانتخابات.

قيادي في الحرية والتغيير: مشاركة البرهان في اجتماع الأمم المتحدة "إجراء روتيني" ولا تعني فك العزلة الدولية المفروضة على الانقلاب

وأكد البرهان دعمهم للعملية السياسية التي سهلتها الآلية الثلاثية بقيادة بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي و"الإيقاد"، وتأييدهم لكل المبادرات الساعية لحل الأزمة في البلاد خاصة المبادرات الوطنية.

وشدد البرهان على ضرورة قيام وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة والأشقاء والأصدقاء بتقديم المساعدات الإنسانية والعونِ للسودان لاستضافته ملايين اللاجئين من الإخوة الأشقاء من مختلف أرجاء القارة الأفريقية عبر عقود من الزمن. وقال البرهان في خطابه أمام الدورة الـ(77) للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك مساء الخميس إن السودان ظل يفتح أبوابه للاجئين ويتشارك معهم "موارده القليلة" ويقدم الحماية لهم على الرغم من الظروف الاقتصادية المعلومة. وأشار إلى أن تفاقم آثار التغيرات المناخية والتناوب بين موجات الجفاف والفيضانات ونقص المساعدات الإنسانية يتطلب تقديم المساعدات للمجتمعات المستضيفة.

https://t.me/ultrasudan

وطالب رئيس مجلس السيادة المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة الوفاء بتعهداتها التي التزمت بها في اجتماعيْ باريس 2020 وبرلين 2021، لإعفاء الديون الخارجية على السودان التي قال إنها تقف "حجر عثرة" أمام تقدمه وتحد من جهوده في مواصلة تحقيقِ التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وقال "إن السودان كان قد تأهل للاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)"، مؤكدًا إكمال السودان جميع التشريعات المطلوبة للاستفادة من إعفاء الديون.

قدّم الفريق أول البرهان كلمة بلاده في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبقي السؤال: هل حكى رئيس مجلس السيادة الرواية كاملة؟ كما قال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس السيادة العميد الطاهر أبوهاجة قبل يومين في تصريحات لقناة "الحدث": "البرهان سيحكي في نيويورك كل الرواية من بدايتها إلى نهايتها". روايةً تقول فصولها إن هذا البلد عانى بما فيه الكفاية، وأنه قد آن الأوان لنؤسس لواقع جديد لا إفراط فيه ولا تفريط، لواقع يعرف الغرب فيه حقيقة ما يحدث في السودان بكل شفافية، ونعرف فيه كسودانيين أنه لا بد من حد أدنى إن لم يكن حدًا أعلى للمكاشفة والصدق مع النفس والتسامح والتسامي لننهي حقبًا عجافًا لا تعي ولا تنطق. 

وأثارت مشاركة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة جدلًا كثيفًا، على خلفية تنفيذ قائد الجيش انقلابًا على الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وقال مراقبون إن من شأن مشاركة البرهان في الفعاليات الدولية أن تمنح شرعية لسلطة الانقلاب.

وعد أبوهاجة مشاركة البرهان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدايةً لفصل جديد قوامه تأسيس العلاقات الخارجية على معلومات "صحيحة ودقيقة وليست مغلوطة كما كان بالأمس" – على حد تعبيره. وأردف: "معلومات تكشف أننا وبقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام أكثر الناس حرصًا على التحول المدني الحقيقي وأكثرهم حرصًا على تلاحم أبناء الوطن الواحد وتحقيق علاقات خارجية بما يخدم تماسك الجبهة الداخلية منظومتها السياسية والعسكرية بما يحقق التوافق الوطني".

وقال الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) نور الدين صلاح الدين لـ"الترا سودان" إن المشهد الأكثر مصداقية في نيويورك هو ذلك الذي عبرت عنه حشود الجالية السودانية بمطالبتها للمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بقيادات الانقلاب متحدثين باسم السودان أو ثورته. وبحسب صلاح، فإن رواية قائد الانقلاب شابهت إلى حدٍ بعيدٍ روايات النظام البائد وجاءت "محتشدة بالأكاذيب" كما أنها تجاوزت الجانب المهم من تطورات الأوضاع في البلاد ما بعد تنفيذ انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر – وفقًا لصلاح الدين. وأضاف الناطق باسم قوى المجلس المركزي أن المفارقة في خطاب قائد الانقلاب هو استناده إلى إنجازات حكومة الثورة التي انقلب عليها. وزاد نور الدين أن مخاطبة الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تعني بأي حال من الأحوال "فك العزلة الدولية المفروضة على الانقلاب"، إنما هي -بحسب نور الدين- "إجراء روتيني" مرتبط بعضوية الدولة المعنية في منظمة الأمم المتحدة.  

وفي وقت سابق، قال الأمين العام للحرية والتغيير (مجموعة التوافق الوطني) مبارك أردول إن مشاركة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في اجتماعات الدورة الـ(77) للجمعية العامة للأمم المتحدة ومخاطبته لهذه الاجتماعات، تُعد "خطوة مهمة إلى الأمام". وقال في تصريحات لوكالة السودان للأنباء (سونا) إن هذه المشاركة ستفتح آفاقًا للسودان مع المجتمع الدولي كما أنها تمثل "خطوة مهمة" وعدها "اعترافًا دوليًا" بالحكومة.

أردول: مشاركة البرهان في اجتماع الأمم المتحدة اعتراف دولي بالحكومة

ومنذ تنفيذ انقلاب 25 تشرين الأول /أكتوبر 2021 تسعى سلطة الأمر في الواقع في السودان حثيثًا بغية الحصول على الشرعية من المجتمع الدولي والإقليمي وفك العزلة المفروضة عليها، وهو الأمر الذي تشترط القوى الدولية حدوثه بضرورة العودة إلى مسار الحكم الدستوري عبر تشكيل حكومة مدنية "ذات مصداقية" كما تكرر في بياناتها المتتالية.