دعا المكتب التنفيذي لقوى إعلان الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، جميع قياداته وأعضائه لدعم الإضرابات وكافة أشكال المقاومة السلمية والمدنية، وتعزيز المشاركة فيها لتوسيعها كمًا ونوعًا. وأكد المكتب دعمه للإضرابات المعلنة لأطباء الامتياز وللعاملين بوزارة الزراعة والتجارة والكهرباء ومفوضية اللاجئين وعمال السكة حديد بعطبرة.
وثمَّن المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير في بيان له المقاومة المدنية والسلمية عبر الإضرابات التي يقودها العمال والتجار والعاملين بالمستشفيات الحكومية في عدد من المدن، منها الأبيض والقضارف وسنار والدمازين وعطبرة، والتي رفضت سياسات الانقلاب وسياسات سلطته، وفقًا للبيان.
دخلت عدد من الأجسام والكيانات في إضرابات مطلبية تنادي بتعديل الأجور، بجانب مجموعة من المطالب الأخرى
وأشار المكتب التنفيذي إلى أن تصاعد الإضرابات والاحتجاجات في المؤسسات الحكومية والأسواق مؤشر يؤكد إمكانية إسقاط الانقلاب، ووجه بدعم وتوحيد الحركات المطلبية في أوساط العمال، صغار التجار، وأوساط المهنيين. كما لفت إلى إمكانية المضي بالإضرابات المطلبية نحو الإضراب السياسي والعصيان المدني وإسقاط الانقلاب، قائلًا: "إن الحركة الجماهيرية تنتظم في مقاومة شعبية عريضة وظواهر نوعية داخل دولاب الدولة ومؤسساتها وفي القطاع الخاص، وهو ما يستحق الدعم والتنظيم والدفع به نحو الإضراب السياسي والعصيان المدني".
ودعا المكتب إلى التجمع وتنسيق العمل الميداني لشهر تشرين الأول/أكتوبر لبناء ما أسماه بـ"الجبهة المدنية الواسعة لإسقاط الانقلاب"، في سبيل إقامة سلطة مدنية ديمقراطية - حد تعبيره.
وكانت قد دخلت عدد من الأجسام والكيانات في إضرابات مطلبية تنادي بتعديل الأجور، بجانب مجموعة من المطالب الأخرى. وتصاعدت الإضرابات المطلبية منذ صبيحة انقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، ونادت بمطالب تشير إلى فشل الحكومة ووزارة المالية بالتحديد، في الوفاء بمطلوبات العاملين بالجهات الحكومية، حيث نادت الجهات بتعديل وصرف الأجور وصرف الحوافز والبدلات المشروعة للعمال، كما نادت عدد من الجهات بسحب المدراء المنتمين للنظام السابق الذين تمت إعادتهم بعد الانقلاب.
وشارك في الإضرابات عدد من الجهات، منها العاملون بوزارة العدل، تجمع أساتذة الجامعات، معلمو المدارس، الأطباء بالمستشفيات الحكومية، العاملون بوزارة النفط، العاملون بالشركة السودانية لتوزيع الكهرباء والعاملون بوزارة الزراعة، والتي ما زال عدد منها لم يرفع الإضراب حتى الآن، وتمددت حركة الإضرابات حتى طالت الأسواق والتجار بعدد من الولايات.
أزمة قديمة متجددة
ومن جانبه وصف تجمع المهنيين السودانيين الإضراب بالسلاح الأخير في يد العاملين لانتزاع حقوقهم عبر التنظيم، سواء كان التنظيم في شكل نقابات أو لجان إضرابات أو أي لجان مُحددة الصلاحيات، مشيرًا إلى أن الإضراب أمر إيجابي، وأن التجمع يدعم تكوين نقابات على مستوى العاملين في جميع المؤسسات.
وأشار المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين الوليد علي، إلى وجود فشل اقتصادي يلازم الدولة السودانية من السبعينات؛ منذ رضوخ الدولة لاشتراطات الداعمين، وقال الوليد: إن التدهور مستمر حتى اللحظة، وجميع الإصلاحات التي تتخذها الدولة منذ ذلك الوقت هي "إصلاحات تسكينية"، وتعود الدولة لحالة الفشل مرة أخرى - على حد قوله.
وأضاف الوليد في حديث لـ"الترا سودان": "وضحت الأزمة الاقتصادية في خطاب رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك، والذي أوضح فيه أن نسبة (82) من موارد الدولة تقع خارج حيازة وزارة المالية وخارج سيطرة الحكومة، وأن هذا الوضع مستمر حتى اللحظة".
وتابع الوليد: "تحولت حكومة السودان إلى حكومة جبايات وتعتمد على الضرائب المباشرة وغير المباشرة بالتحديد من زيادة القيمة المضافة والجمارك في كل ضائقة لتسيير أمور الدولة"
ونوه الوليد إلى أن اعتماد الدولة على الضرائب غير المباشرة هو دليل قاطع على فشلها، باعتبار أن الضرائب الغير مباشرة ستسهم على الفور في زيادة أسعار السلع وبالتالي خفض قيمة الأجور، مشيرًا إلى أنه لا بد أن تنتهج الدولة سياسات تتوجه للأنشطة الزراعية والصناعية أو الضرائب المباشرة وأرباح الأعمال.
فشل الموازنة وضعف الأجور
يقول الخبير والمحلل الاقتصادي مزمل الضي، إن عجز الموازنة قد أثر مباشرة على دخول الأفراد، وعزا الضي فشل الموازنة لاعتمادها وبنسبة (70)% على الموارد الذاتية المتمثلة في الضرائب المباشرة وغير المباشرة والجمارك وغيرها، قائلًا: "من المعروف أن الضريبة دائمًا تمثل عبئًا على المواطن وتقود لزيادة أسعار السلع الاستهلاكية، وبالتالي انتهاج الدولة لسياسة مالية أساسها زيادة معدلات الضرائب سيتسبب في خفض معدل دخل الأفراد، وبالتالي انخفاض المستوى المعيشي وانخفاض في الإنتاج والإنتاجية مقابل زيادة كبيرة جدًا في مستوى الأسعار في السوق"، ولفت الضي إلى أن الإضراب له أثر على الاقتصاد والخطط الموضوعة من قبل وزارة الصناعة والتجارة، لكنه حق مشروع لجميع العاملين في الدولة للمطالبة بحقوقهم وتحسين المستوى المعيشي.
ونوه الضي إلى أن الحل لأزمة فشل الموازنة يكمن في تسليط الضوء على سبب العجز، وهو أن نسبة الواردات تفوق نسبة الصادرات، وبالتالي لا بد أن تتبنى الدولة سياسات تتعلق بالتوازن في الميزان التجاري ونحاول زيادة معدلات التصدير وتقليل الواردات من السلع الكمالية، ونركز على استيراد السلع الأساسية ما يقلل من تدفق الدولار والعملات الصعبة.
وأشار إلى أنه يجب إعادة هيكلة الاقتصاد بمعنى التركيز على القطاع الصناعي وانتهاج سياسة جديدة ولوائح جديدة فيما يخص الاستثمار في مجال الصناعة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة أو متوسطة، وبالتالي تشجيع الصناعات المحلية على منافسة الاستيراد من الخارج، وتخفيف معدلات الضرائب والجمارك التي تخص الصناعة المحلية، وهيكلة القطاع الزراعي والتركيز على عملية الاكتفاء الذاتي عبر اتخاذ سياسات اقتصادية سليمة من أجل تحقيق فائض في الميزان التجاري.
سياسات الخروج من الأزمة
وأوضح الخبير الاقتصادي أن السياسات الاقتصادية التي يفترض أن تتبناها الدولة هي تلك التي تعتمد على خفض معدلات الضرائب في سبيل تشجيع الإنتاج، بالإضافة إلى اتخاذ سياسة نقدية عبر بنك السودان المركزي للمحافظة على الكتلة النقدية.
خبير اقتصادي: إدخال الأموال إلى السوق ما لم يقترن بعملية إنتاج حقيقي تقابل سعر الطبع سيقود لربكة اقتصادية لها تداعيات ضخمة
ولفت الضي إلى أن ما يزيد إشكالية عجز الموازنة هو الاستدانة من الجهاز المصرفي، فطبع الأموال من أجل تغطية الرواتب وأجور العمال والموظفين في الدولة تزيد من الكتلة النقدية في السوق ما يؤدي لزيادة أسعار السلع والخدمات. قائلًا إن إدخال الأموال إلى السوق ما لم يقترن بعملية إنتاج حقيقي تقابل سعر الطبع سيقود لربكة اقتصادية لها تداعيات ضخمة؛ منها زيادة معدلات التضخم وعدد من الإشكاليات الأخرى.
وأضاف الضي قائلًا: "لا بد من إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية؛ إتباع سياسات اقتصادية رشيدة، تبني نموذج تنموي محلي مُقارن مع الدول الأخرى الصاعدة اقتصاديًا، وتضمين النموذج اعتبارات مناخ السودان وطبيعته وثقافته".