20-سبتمبر-2022

ميناء بورتسودان

ربما توافق السلطة الحاكمة في السودان على العرض الإماراتي لإنشاء ميناء جديد على بعد (230) كيلومترًا شمال بورتسودان على ساحل البحر الأحمر شرق السودان، لا سيما مع مخاوف أبوظبي من صعود تيار راديكالي إلى الحكومة المدنية، ما قد يعرقل هذه الصفقة مُشجعًا هيمنة القطاع العام على الموانئ السودانية.

قال خبير في الموانئ إن بناء ميناء جديد التفاف على الموانئ السودانية ويسحب البساط منها كليًا

وفي حزيران/يونيو الماضي أبلغ رجل الأعمال السوداني ومالك مجموعة "دال" أسامة داوود وكالة "رويترز" أن الإمارات تعتزم إنشاء ميناء في منطقة "أبوعمامة" وضخ استثمارات قدرها ستة مليارات دولار.

وتشير التقديرات السنوية إلى أن السودان يجني نحو نصف مليار دولار من عائدات الموانئ في البحر الأحمر؛ إذ يدار هذا القطاع بدرجة كبيرة بواسطة الحكومة السودانية، ولم تفلح محاولات الخصخصة في الاستحواذ عليها.

وفي العام 2020 ذكرت إحصائيات حكومية أن الموانئ السودانية صدرت (3.5) مليون حاوية، واستوردت (12) مليون حاوية - بحسب ما ذكر مسؤول في وزارة النقل والبنى التحتية.

ومجموعة "دال" شريك في الاتفاق الذي يمثل أول استثمار أجنبي كبير منذ إعلان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان الاستيلاء على السلطة في السودان في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وقال عبداللطيف إن الحزمة الاستثمارية تتضمن "إنشاء منطقة للتجارة الحرة ومشروعًا زراعيًا كبيرًا ووديعة وشيكة في البنك المركزي السوداني بقيمة (300) مليون دولار".

https://t.me/ultrasudan

ويحاول السودان إنقاذ اقتصاده المتعثر منذ تعليق المؤسسات الدولية قروضًا بقيمة (4.3) مليار دولار في أعقاب الانقلاب العسكري واستيلاء الجنرال عبدالفتاح البرهان على السلطة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وإذا ما وافق السودان على العرض الإماراتي، فإنه سيلتقى مباشرةً وديعة بقيمة (300) مليون دولار، تضخ في البنك المركزي، لأن الحكومة مضطرة إلى سداد أجور العاملين وسط أمواج من الاضطرابات العمالية لانخفاض الأجور مقابل التضخم.

وحول العرض الإماراتي، أقر وزير المالية جبريل إبراهيم في مؤتمر صحفي السبت الماضي أن أبوظبي قدمت عرضًا للحكومة السودانية لإنشاء ميناء "أبوعمامة" يضم فنادق ومنتجعًا سياحيًا ومطارًا على ساحل البحر الأحمر.

أقر وزير المالية جبريل إبراهيم بأن أبوظبي قدمت عرضًا للحكومة السودانية لإنشاء ميناء "أبوعمامة"

وذكر جبريل إبراهيم أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان وجّه بتشكيل لجنة من جهات الاختصاص لدراسة العرض الإماراتي.

وقال وزير المالية جبريل إبراهيم للصحفيين: "هذا شأن لن أقرره أنا لأنني معروف في موقفي من الإمارات وأنا أنتمي إلى الإسلاميين"، لافتًا إلى أن اللجنة هي التي ستقرر في شأن "العرض الإماراتي".

وكان الوزير السابق بوزارة النقل والبنى التحتية في الحكومة الانتقالية هاشم بن عوف قد أشار في مقال نشره على حسابه الشخصي قبل أسبوعين إلى أن إنشاء ميناء جديد في منطقة "أبو عمامة" قد يدفع الصين إلى الضغط على الخرطوم بشأن ملف الديون على السودان.

وأوضح بن عوف أن بكين لديها استثمارات في ميناء "أبوعمامة" منذ 2011 مخصص للأغراض الزراعية والمناولات ولن توافق على المنافسة في سوق الصادرات والواردات.

وتروض الإمارات السودان في السنوات الأخيرة للحصول على ترخيص ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر وسط مخاوف من شلل قد يلحق بالموانئ السودانية التي تعاني من التدهور والاضطرابات.

وقد يوافق السودان على العرض الإماراتي خاصة مع الأزمة الاقتصادية وتصاعد حركة الاحتجاجات العمالية لزيادة الأجور، إذ أن وزارة المالية تواجه عجزًا يصل إلى (54) مليار هذا العام في بند تعويضات العاملين.

وبالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية فإن أبوظبي مقربة من بعض العسكريين في السلطة الانتقالية، لكن وجود تباين بين أعضاء المكون العسكري قد يعطل إبرام الصفقة.

وهناك أسباب تدعو أبوظبي إلى استعجال الصفقة، خاصةً في ظل مخاوف من صعود تيار راديكالي لإدارة الحكومة المدنية لأنه قد يواجه ضغوطًا شعبية لعدم خصخصة القطاع العام مثل ما حدث مع رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك على مدار العامين السابقين.

ويقول بدري خلف الله الخبير في قطاع الموانئ لـ"الترا سودان" إن العرض الإماراتي يحتوي على إنشاء ميناء جديد وهو مقترح جديد لتفادي خصخصة الموانئ القديمة في بورتسودان وتجنب الاضطرابات الشعبية الرافضة في ولاية البحر الأحمر لهذا المشروع القديم المتجدد.

خبير في قطاع الموانئ لـ"الترا سودان": العرض الإماراتي يحتوي على إنشاء ميناء جديد لتفادي خصخصة الموانئ القديمة في بورتسودان

ويرى خلف الله أن إنشاء ميناء جديد يعني عمليًا إنهاء فرص عمل الموانئ السودانية، لأن أبوظبي تطمح إلى بناء موانئ واسعة، وفي هذه الحالة لن تكون حركة الاستيراد والصادرات عبر الموانئ السودانية الحالية التي ستموت "إكلينيكيًا" - على حد تعبيره.