قالت صحيفة "العربي الجديد" في تحقيق جديد لها، إن مصادر حكومية قد كشفت لها، عن إهدار من أسمتهم "مافيا الثروة الحيوانية"، لأكثر من ستة مليارات دولار على خزينة الدولة السودانية، وذلك عبر الشركات الوهمية ومجموعات المصدرين الذين "يحصلون على مستندات وهمية من الجهات الحكومية المختصة"، تتيح لهم تهريب الصادرات دون اتباع الإجراءات السليمة، متهربين من دفع حصائل الصادر والضرائب للسلطات عن طريق هذه الأوراق.
تجدد ظاهرة الشركات الخفية والتلاعب بالسجلات "المضروبة" في صادر الثروة الحيوانية، أو ما يعرف بمصدري الورّاقة
وأطلق التحقيق على هذه المجموعات اسم "مافيا الورّاقة"، حيث تتحايل هذه المجموعات عبر الأوراق القانونية التي تتحصل عليها، على لجنة السلع الاستراتيجية التي أنشأتها السلطات لهذا الغرض بالتحديد؛ ضبط ومراقبة السلع الاستراتيجية في السودان، والحد من تهريبها، وهي أزمة مستمرة في البلاد، أهدرت المليارات على الخزينة والشعب السوداني الذي يمر بظروف اقتصادية صعبة امتدت لأعوام.
وقالت مصادر العربي الجديد، إن ما يحدث من "بيع أوراق الصادر" هو فساد وتحايل، وأشارت إلى افتقار لجنة السلع الاستراتيجية للخبراء والفنيين في مجال مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال وجرائم الاحتيال البنكي، بجانب حاجتها للغطاء القانوني والإداري القوي، حتى تتمكن من فرض هيبة الدولة في هذا القطاع المهم في السودان.
وكشف مصدرون في التحقيق، عن تجدد ظاهرة الشركات الخفية والتلاعب بالسجلات "المضروبة"، أو ما يعرف بمصدري الورّاقة والذين يتلاعبون بالمستندات عبر أشخاص ليست لهم علاقة بالصادر من أجل الاحتفاظ بعائدات الصادر لمصالحهم، ما يتسبب في فقدان حصائل الصادر، أحد أهم مصادر العملات الصعبة في البلاد، الأمر الذي ينعكس على قيمة الجنيه، كما يدفع المصدرين النظاميين للخروج من السوق لعدم القدرة على المنافسة في ظل العوائد الدولارية التي يدفعونها.
ووصف مقرر شعبة المواشي خالد وافي، الوضع الحالي في القطاع بأنه "مأزوم" و"شبه منهار"، مرجعًا ذلك للسياسات الفاشلة، قائلًا إن الأرقام التي تصدر من وزارة الثروة الحيوانية فيما يتعلق بإيرادات وعوائد القطاع "غير صحيحة"، مع غياب البنيات التحتية بجانب تفشي الأمراض في القطاع دون وجود خطط أو أي برامج لتحديثه - حد قوله.
أكد مقرر شعبة المواشي استمرار عمل "الورّاقين"، مناديًا بإنقاذ الوضع عبر رؤية من اختصاصيين
وأكد وافي للعربي الجديد استمرار عمل "الورّاقين"، مناديًا بإنقاذ الوضع عبر رؤية من اختصاصيين، قائلًا إنه "إذا وجدت خطة واضحة واهتمام من المسؤولين سوف تحطم إيرادات الثروة الحيوانية الأرقام القياسية، لكنّ المهم إنهاء أزمة الوراقين نهائيًا".
وتعد الثروة الحيوانية من أهم الموارد في السودان، حيث تعتمد قطاعات واسعة من السكان على عوائدها في معاشهم، وتدور حيوات مجموعات كبيرة من المواطنين حول رعاية وتربية الماشية والتجارة فيها، مما يعزز أهميتها الاجتماعية والمادية في البلاد، حيث تعتبر الماشية مصدر فخر ودلالة على المكانة وسط مجتمعات الرحل، كما تعد أحد أهم الصادرات السودانية بعد الذهب.