الترا سودان | فريق التحرير
قدّم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس أمس الأربعاء إحاطةً لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في السودان.
قال بيرتس في إحاطته لمجلس الأمن إن قرابة (15.8) مليون شخص سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في العام 2023
وقال بيرتس في إحاطته لمجلس الأمن إن القيادة العسكرية في السودان وقّعت على الاتفاق السياسي الإطاري مع "مجموعة واسعة من الأطراف المدنية". وأوضح أنه من المفترض أن يمهّد التوقيع على الاتفاق الطريق -بعد جولة أخرى من المحادثات حول ما وصفه بـ"الجوهر"- للتوصل إلى اتفاق سياسي نهائي وتشكيل حكومة مدنية جديدة تقود البلاد نحو "الانتعاش وإجراء انتخابات ديمقراطية".
وزاد: "سيؤدي الاتفاق السياسي النهائي، بمجرد التوصل إليه، إلى حكومة مدنية لا بدّ من أنّها ستكون في وضع أفضل لمعالجة الوضع الأمني والإنساني والاقتصادي"، مشيرًا إلى أنها ستمهّد الطريق نحو بناء "دولة ديمقراطية قائمة على حقوق الإنسان وسيادة القانون والمساواة بين الجنسين".
وأضاف بيرتس أن السودان -على مدى أكثر من عام- شهد "شحًا في الأخبار الإيجابية"، لافتًا إلى الاستيلاء العسكري على السلطة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 والأزمة "متعددة الأبعاد" التي أدخل فيها البلاد. وقال: "لقد وضع الانقلاب والمأزق السياسي اللاحق البلاد في حالة من عدم اليقين وانعدام الأمن"، مشيرًا إلى تصاعد "التوترات" وتحوّلها إلى "أعمال عنف" في المناطق التي قال إنها "شهدت هدوءًا في السابق".
وأحاط فولكر بيرتس مجلس الأمن علمًا بورود أنباء عن مقتل أكثر من (900) شخص وإصابة عدد أكبر في إطار "نزاع عنيف" منذ بداية هذا العام. وأبلغهم بوقوع "اشتباكات كبيرة" في النيل الأزرق وغرب كردفان ووسط دارفور في الأشهر الماضية. وقال: "يُظهر تجدّد أعمال العنف على نطاق واسع الهشاشة المتزايدة على مستوى الدولة"، منوهًا بتفاقمها جرّاء استمرار "الفراغ في الحكم". وأشار بيرتس إلى فرض حالة الطوارئ في النيل الأزرق. وذكر أن مستويات العنف "قد هدأت"، ولكن الوضع هناك "لا يزال غير مستقر" - على حد وصفه.
وزاد رئيس بعثة "اليونيتامس": "تفتقر السلطات المحلية بكلّ بساطة إلى القدرة والموارد اللازمة لحماية المدنيين، في حين أن الأسباب الجذرية والمظالم الأساسية لم تتمّ معالجتها بعد".
ولفت بيرتس مجلس الأمن إلى اندلاع أعمال عنف بين المجتمعات المحليّة في محلية "لقاوة" بغرب كردفان في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل (19) شخصًا على الأقل ونزوح (65) ألف شخص.
وبحسب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان فقد شهد الشهران الماضيان في وسط دارفور "معارك عنيفة" بين جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور وقوات الدعم السريع، كما وقعت أحدث حلقة من أعمال العنف في جبل مرة في نوفمبر وأسفرت عن مقتل (13) مدنيًا ونزوح خمسة آلاف و(600) شخص. ونقل بيرتس إلى مجلس الأمن تأكيدات من قائد جيش تحرير السودان عبدالواحد النور خلال زيارته الأخيرة إلى جوبا أنه "لن يهاجم ولن يصعّد".
وفقًا لبيرتس، فقد نزح أكثر من (260) ألف شخص بسبب النزاعات منذ بداية العام في جميع أنحاء السودان
ووفقًا لبيرتس، فقد نزح أكثر من (260) ألف شخص بسبب النزاعات منذ بداية العام في جميع أنحاء السودان.
وقال بيرتس في إحاطته لمجلس الأمن إن قرابة (15.8) مليون شخص -أي ثلث السكان- سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في العام 2023 بحسب تقديرات من أسماهم "الشركاء في المجال الإنساني"، مبيّنًا أن هناك زيادة قدرها (1.5) مليون شخص مقارنةً بالعام 2022، قائلًا إنها "الأكبر منذ عقد".
ووفقًا لإحاطة فولكر بيرتس، فقد تجاوز عدد المتضررين من الفيضانات في العام 2022 عددَهم في العام الماضي وبلغ (349) ألف شخص في جميع أنحاء البلاد. ومع استمرار التضخم "المرتفع" في تقليص القدرة الشرائيّة للأسر لا يستطيع الناس تلبية احتياجاتهم الأساسية - طبقًا لبيرتس. وأضاف: "في حين تمكنت الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة من الوصول إلى (9.1) مليون شخص محتاج في الفترة من يناير إلى سبتمبر، فإنّ خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2022 تموّل بنسبة (41.3) في المئة فقط".
وفي ما يخصّ حالة حقوق الإنسان في السودان، قال بيرتس إنها "ما تزال مثيرة للقلق"، لافتًا إلى استمرار الاحتجاجات ضد الحكم العسكري وبقائها "سلميةً إلى حد كبير" - على حد تعبيره. وأبان أن قوات الأمن ردت في أغلب الأحيان بالاستخدام "المفرط" للقوة.
وأشار بيرتس إلى مقتل متظاهريْن في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ليترفع إجمالي عدد القتلى بين المحتجّين -ولا سيّما في العاصمة- إلى (121) قتيلًا منذ الانقلاب. كما أبلغ مجلس الأمن بتعرّض أكثر من ثمانية آلاف شخص للإصابة، مشددًا على أنه يتعيّن على السلطات السودانية احترام الحق في التجمع السلمي والامتناع عن الاستخدام المفرط للقوة "حتى عند الاستفزاز". وأضاف: "وما لا يقلّ أهميّة هو ضمان مراعاة الأصول القانونية الواجبة للمدعى عليهم المحالين للمحاكمة".
وذكر بيرتس في إحاطته لمجلس الأمن إن توقيع "الاتفاق الإطاري" يمثّل "إنجازًا مهمًا"، مستدركًا أنّ القضايا "الخلافية الحاسمة" لا تزال بحاجة إلى المعالجة في الاتفاق النهائي، ومبيّنًا أنها تشمل إصلاح قطاع الأمن ودمج القوات والعدالة الانتقالية وتنفيذ اتفاق جوبا للسلام ووضع لجنة التفكيك والشرق.
وقال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان إنه من المفيد إجراء تبادل في هذه المرحلة الثانية حول "الأولويات الاقتصادية والتنموية" للحكومة الجديدة. وكشف عن بدء بعثة "اليونيتامس" وفريق الأمم المتحدة القطري بالتنسيق مع المجتمع الدولي على الأرض لضمان "حزمة من الدعم" لمرحلة انتقالية جديدة.
ووصف بيرتس التقدم المحرز على المسار السياسي بـ"المشجع"، ولكنه نبّه مجلس الأمن إلى أنه ما زال من الممكن أن "يحيد عن مساره" بسبب "التحديات والمفسدين" - على حد تعبيره.
حذّر بيرتس من تصعيد محتمَل لتقويض العملية السياسية ممّن لا يرون دعمًا لمصالحهم من خلال تسوية سياسية
وحذّر بيرتس من تصعيد محتمَل لتقويض العملية السياسية ممّن قال إنهم لا يرون دعمًا لمصالحهم من خلال تسوية سياسية، لافتًا إلى أنه بإمكان عملية "شاملة بما فيه الكفاية" أن تساعد في الحماية من تأثيرهم. وحثّ المجتمع الدولي على "المناصرة المتضافرة" لتشجيع "مواقف بناءة" من قبل أولئك الذين "ليسوا أو لا يريدون أن يكونوا جزءًا من العملية أو لا يريدون أن يكونوا جزءًا من العملية بعد".