23-نوفمبر-2019

قوى الحرية والتغيير

ثلاثة أشهر مضت على توقيع الوثيقة الدستورية لينقضي معها أجل أول مهلة لإكمال هياكل حكم الفترة الانتقالية، والذي حدده أحد نصوص الوثيقة الدستورية بالسابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر كأقصى موعد لتشكيل البرلمان. حملت الفترة الماضية في طياتها بوادر خلاف جديد بين مكونات قوى الحرية والتغيير، في وقت وصف فيه البعض عدم الالتزام بالوثيقة بـ"الخرق" فيما قلل البعض الأخر من التأخير وعدم تأثير ذلك على واقع الأحداث السياسية، وما بين هذين الرأيين تساؤلات عديدة في حاجة لإجابات حاسمة.

اتهم المتحدث باسم الحزب الشيوعي نائب مجلس السيادة والحركات المسلحة لجهة بأنها قامت بالتأجيل وفق اتفاق ثنائي بينهما دون الرجوع لبقية المكونات

خرق الوثيقة الدستورية

طرحنا سؤالًا عن الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوداني فتحي فضل، عن موقفهم تجاه عدم اكتمال هياكل الحكم حتى اللحظة فأجاب: "ما حدث هو خرق قانوني لنص الوثيقة الدستورية، وتأجيل التشكيل لم تقره قوى الحرية والتغيير وهي صاحبة القرار في الأمر، لذلك هي لم تطلب التأجيل، وكان يجب الالتزام بنص الوثيقة الدستورية التي أشارت بوضوح إلى أن يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر هو آخر يوم لتشكيل المجلس التشريعي".

اقرأ/ي أيضًا: نزار النعيم.. وفاة غامضة لشرطي انحاز للثورة السودانية

واتهم المتحدث باسم الحزب الشيوعي نائب مجلس السيادة والحركات المسلحة لجهة بأنها قامت بالتأجيل وفق اتفاق ثنائي بينهما دون الرجوع لبقية المكونات واردف: "ما تم بين نائب رئيس مجلس السيادة والحركات المسلحة غير قانوني لأنهم اتفقوا في غرف مغلقة دون الرجوع لقوى الحرية والتغيير صاحبة القرار في الأمر، ولو كان الأمر بين قوى الحرية والتغيير والحركات لما كان هناك خرق في الأمر، والتأجيل الذي حدث فرض واقعًا جديدًا في المسار السياسي، وزاد قائلا: لا توجد جهة في الأرض من حقها أن تقرر هذا الأمر بخلاف قوى الحرية والتغيير وفقًا للاتفاق الذي تم بينها والمجلس العسكري ووفقًا للوثيقة الدستورية التي أعطتها 67% من نسبة المجلس التشريعي.

صراعات داخل التحالف

وحمّل عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين، أحد مكونات تجمع المهنيين، حسن فاروق، قوى الحرية والتغيير المسؤولية لانشغالها بالصراعات الداخلية، ويضيف: "واضح إن قوى الحرية والتغيير تخوض في أمور كثيرة بعيدًا عن رغبة الشارع، الذي ينتظرها لإكمال هياكل الحكم في الفترة الانتقالية، كما أن الصراعات الداخلية في هذا التحالف هي جزء من الإشكالية التي تعاني منها الحرية والتغيير وتمنعها من الوفاء بمتطلبات الفترة الانتقالية، ويستطرد فاروق، "تجمع المهنيين ليس جزءًا من تلك الصراعات، لأن الصراع يتمركز داخل تحالف نداء السودان-أحد مكونات الحرية والتغيير- والجبهة الثورية التي تطالب بعدم تشكيل المجلس التشريعي".

تعديل الوثيقة الدستورية

ويؤكد فاروق على أنهم مع خيار تشكيل المجلس التشريعي وإكمال هياكل الحكم وفقًا للمواعيد التي حددتها الوثيقة الدستورية، ويشير إلى أن هناك معلومات تؤكد أن الجبهة الثورية رافضة لتشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة ما لم يتم التوصل لسلام ويصف مطالبها بالذاتية والأنانية، ويضيف قائلًا: "تعيين الولاة يمكن أن يتم في أي لحظة، وبحسب الوثيقة الدستورية مهلة تشكيل التشريعي انتهت لذا لا بد من تعديل الوثيقة، وستكون هناك إشكالية كبيرة ما لم يتم تعديلها، وما حدث يعتبر خرقًا واضحًا لها، ولا بد من اجتماع مشترك لمجلسي السيادة والوزراء لحسم هذا الأمر في أسرع وقت، ويجب ألا يخضع تشكيل المجلس التشريعي لأي مزايدات من الجبهة الثورية، ولا بد من تكوينه فورًا وفق النسب المحددة في الوثيقة".

اقرأ/ي أيضًاعزمي بشارة: طموح الجيش بالسلطة أخطر ما يهدد المرحلة الانتقالية في السودان

يحذر عضو سكرتارية شبكة الصحفيين، قوى الحرية والتغيير من ثورة جديدة للشارع حال عدم الالتزام بالوثيقة ويضيف: "على قوى الحرية والتغيير التركيز على مطالب الشارع لأنه هو من قام بالثورة وهو من يحرسها الآن، ويمكن أن يستمر التفاوض حول السلام لأكثر من عام، فهل على المواطن السوداني الذي يطالب بتعيين ولاة مدنيين وتشكيل برلمان يحمل همومه ومشكلاته أن ينتظر حتى يتم التوصل لاتفاق؟ يجب السير في إكمال هياكل الحكم، ولا أتوقع تأجيل تشكيل البرلمان كثيرًا". مشددًا على ضرورة تحديد وقت قريب لتشكيل المجلس التشريعي، لأن تعطيله أكثر سيتسبب في وقوع ثورة جديدة على الحكومة الانتقالية.

ويستشهد فاروق بقدرة الشارع على تقويم الانحرافات ورفضه للمحاصصات التي تمت بأديس أبابا إبان انطلاق مسار التفاوض بين مكونات قوى الثورة.

مشاورات داخلية

أبدى الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين وجدي صالح أسفه لعدم اكتمال ما أسماه بالمشاورات الداخلية وأردف قائلًا:" للأسف لم تكتمل مشاوراتنا داخل قوى الحرية والتغيير حول كيفية تشكيل المجلس التشريعي والذي يمكن من خلاله أن التعبير عن كل مكونات المتجمع السوداني، كانت لدينا ورشة وأوصت بعدد من المقترحات وما زلنا نواصل الحوار حول المخرجات، وسنعمل على الإسراع بتشكيل المجلس بالصورة التي ترضي كل مكونات الشعب السوداني".

اعتراف بالتأخير

اعترف صالح بأن قوى الحرية والتغيير وراء تأخير إكمال هياكل الحكم بقوله: "أنا أحمل مسؤولية التأخير في المشاورات الداخلية لقوى الحرية والتغيير، وهي قامت بذلك حتى تستوعب كل رؤى الولايات في كيفية تشكيل المجلس التشريعي، يكون ممثلًا لكل السودانيين، ولدينا تفاهمات مع الجبهة الثورية للوصول لصيغة مرضية لتحقيق الهدفين معًا".

اقرأ/ي أيضًاموسى هلال.. قصة رجل خلف القضبان قبل وبعد سقوط البشير

ويمضي بالقول: "أبدت الجبهة الثورية بعض التحفظات على تشكيل المجلس التشريعي لكننا عازمون على الوصول معها إلى توافق لإيجاد إجابات على تساؤلاتهم ومخاوفهم، قبل الوصول لاتفاق سلام، وحريصون على التشاور والاتفاق مع رفاقنا في الجبهة الثورية وكذلك حريصون على سد الفراغ في غياب المجلس التشريعي ونعي أنه لا بديل عن وجوده لمراقبة الجهاز التنفيذي والقيام بدوره التشريعي".

لا خلافات داخل الحرية والتغيير

وينفي الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير وجود خلاف داخل قوى الحرية والتغيير، ويقول: "لم تكتمل المشاورات بعد ولكن يمكننا القول أننا نسير بصورة سريعة للوصول للغايات، وكما يمكنني التأكيد على أنه ليس هناك أي خلاف بين مكونات التحالف، والتأخير هو حول إيجاد الصيغة المثلى للتشكيل، الذي يعبر عن كل السودان بأحزابه وتنظيماته المهنية وفئاته وأقاليمه وولاياته المختلفة".

ويرى صالح بعدم حاجة الوثيقة الدستورية للتعديل مرة أخرى بقوله: "نعم الوثيقة الدستورية هي الحاكم للفترة الانتقالية، لكنها لا تحتاج لتعديل وإذا رفضنا تشكيل المجلس ستكون هذه مخالفة صريحة لها، أما التأخير والتشكيل فيما بعد لا يبطل النص القانوني وفق الوثيقة طالما توافقت جميع الأطراف على ذلك".

المجلس المركزي ظل في حالة انعقاد متواصل عقب رفع الولايات لترشيحاتها في مناصب الولاة منذ آخر يوم محدد بالتاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر

ويشير وجدي صالح إلى أن المجلس المركزي ظل في حالة انعقاد متواصل عقب رفع الولايات لترشيحاتها في مناصب الولاة منذ آخر يوم محدد بالتاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، ويضيف: "ستعكف بعدها الحرية والتغيير بمجلسها المركزي للنظر في ترشيحاتها، وسيتم اختيار الولاة، وليس هناك أمد محدد لإكمال هياكل الحكم لكنه سيكون بأسرع ما تيسر".

موقف الجبهة الثورية

وفي سبيل سعي المحرر للاستماع إلى رؤية الجبهة الثورية لإزالة الكثير من الغموض وشرعنا في التواصل مع المتحدث الرسمي باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد إلا أننا لم نجد منه إجابة لموقفهم الحالي. وسبق أن أعلن توت قلواك مانمي، رئيس لجنة الوساطة السودانية من جانب دولة جنوب السودان عن تأجيل انطلاقة الجولة الثانية من عملية السلام التي كان من المتوقع انطلاقها الخميس المقبل بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة لتبدأ في 10 كانون الأول/ديسمبر المقبل بسبب انشغال بعض الحركات المسلحة بورش عمل متعلقة بعملية السلام بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

 

اقرأ/ي أيضًا

استياء واشنطن من طرفي اتفاق السلام في جنوب السودان.. ما تداعياته المستقبلية؟

في محكمة المخلوع.. حساب رئاسي غير خاضع للمراجعة والحكم النهائي مع ذكرى الثورة