سمى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، على رئاسة لجنة مكلفة بعقد لقاء بين قيادات رفيعة من الجيش والدعم السريع، للوصول إلى وقف إطلاق نار دون قيد أو شرط.
باحث سياسي: رفض اللقاء المباشر سيجلب التدخل الدولي
منذ اندلاع الحرب في السودان لم يكن للاتحاد الإفريقي تأثيرًا مباشرًا على وقف القتال، سوى الاعتماد على خطط الهيئة الحكومية للتنمية الدولية "الإيغاد" التي تعثرت في كانون الأول/يناير الماضي في جلب قائدي الجيش والدعم السريع إلى الاجتماع المباشر في جيبوتي وعنتبي.
الاجتماع الذي عقده رؤساء دول الاتحاد الإفريقي عبر تقنية الفيديو الجمعة، شدد على ضرورة وقف الحرب في السودان، وإنهاء معاناة ملايين المدنيين، حيث سجلت حركة النزوح داخليًا وخارجيًا وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية (10) ملايين شخص.
وخلال اجتماع رؤساء دول الاتحاد الإفريقي، أوصى المجتمعون على ضرورة مراقبة الانتهاكات التي تقع خلال الحرب في السودان، ورصد النقاط الخارجية التي تورد الأسلحة إلى الفصائل المتقاتلة، في خطوة تظهر رغبة المنظمة القارية على التدخل بقوة لإنهاء الصراع المسلح في السودان.
لماذا عاد الاتحاد الإفريقي إلى صدارة الملف السوداني عقب تراجع المنظمة القارية عن الاهتمام بحرب السودان؟ للإجابة على هذا السؤال يقول دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية السودانية لـ"الترا سودان"، إن هناك ضغوط أوروبية وأميركية مورست على الاتحاد الإفريقي على لعب دور إيجابي وفعال لوقف الحرب في السودان.
وكان الباحث في الشؤون السودانية سليمان بلدو، وجه انتقادات للاتحاد الإفريقي خلال ندوة عقدت في العاصمة كمبالا نهاية العام الماضي، مشيرًا إلى أن تدخل المنظمة القارية ضعيف للغاية في وضع السودان، رغم اندلاع الحرب وتهديد والسلم والأمن في الإقليم.
ويضيف الدبلوماسي: "الضغوط الدولية كانت كبيرة على الاتحاد الإفريقي، وهناك تحذيرات صدرت من مراكز بحثية ومعلوماتية تحدثت حول إمكانية توسع الحرب إلى دول الإقليم خاصة إفريقيا، مع الاضطرابات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعاني منها هذه البلدان".
ويسلط الدبلوماسي الضوء على توسع حركة اللجوء من السودان إلى دول الجوار، على خلفية توسع رقعة المعارك العسكرية ووقوع انتهاكات بحق المدنيين خاصة في الفاشر والجزيرة، لذلك فإن هذه الدول لاحظت موجة نزوح جديدة إلى الحدود.
موسفيني الذي كلف برئاسة اللجنة الإفريقية بترتيب الاجتماع المباشر بين قائدي الجيش والدعم السريع، كان قد التقى البرهان وحميدتي خلال الحرب في العاصمة الأوغندية كمبالا مطلع العام الحالي، وكان يأمل الرئيس الأوغندي في إنجاح محاولات الإيغاد في الجمع بين الجنرالين على طاولة واحدة.
وفُسر وصول البرهان إلى عنتبي منتصف أيلول/سبتمبر 2023 ولقاء الرئيس الأوغندي يوري موسفيني بالبحث عن سبل لمحاصرة الدعم السريع دبلوماسيًا، حينما ذكرت وسائل الإعلام في ذلك الوقت أن البرهان قدم شكوى لموسفيني حول انتهاكات الدعم السريع بحق المدنيين خلال الحرب.
تأتي رغبة موسفيني هذه المرة بالجمع بين الجنرالين الحليفين سابقًا، الخصمان اللدودان منذ حرب منتصف نيسان/أبريل العام الماضي، وقد مرت مياه تحت جسر القتال في السودان، وخرجت الأمور عن السيطرة بالنسبة لدعوات الوساطة والذهاب إلى المفاوضات في منبر جدة، حيث لم يظهر الطرفان حماسًا حيال دعوات أميركية سعودية الشهر الماضي بالانخراط في المحادثات لوقف الحرب.
لم تصدر الحكومة في السودان رد فعل على بيان الاتحاد الإفريقي سلبًا أو إيجابًا، لكن عندما طلبت مصر استضافة مؤتمر خاص بالقوى السياسية السودانية، طلبت الخارجية إشراك الاتحاد الإفريقي حال موافقته على إلغاء تجميد عضوية السودان في المنظمة القارية منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021،عندما أطاح الانقلاب العسكري بالحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك.
ويقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان" إن الاتحاد الإفريقي أظهر تصميمًا خلال الاجتماع الافتراضي الجمعة، عندما قرر تسمية لجنة مكلفة رسميًا بالبحث عن طريقة لعقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي في غضون شهر واحد.
وأردف: "كلف الاتحاد الإفريقي الإيغاد بمراقبة الانتهاكات في السودان خلال الحرب، كما كلف الأجهزة الاستخباراتية العاملة مع المنظمة القارية برصد نقاط تدفق الأسلحة إلى الأطراف المتقاتلة في السودان، ويقصد بذلك الدول التي ترسل السلاح".
يرجح الباحث السياسي انعقاد اللقاء بين البرهان وحميدتي
ويرى عبد الله أن هذه الإجراءات "أكثر راديكالية" هذه المرة من قبل الاتحاد الإفريقي، ما يعني أن الحرب في السودان قد تتوقف من خلال تفعيل أدوات المنظمة القارية.
وحول لقاء البرهان وحميدتي يرجح مصعب عبدالله انعقاد اللقاء، ونجاح اللجنة الإفريقية برئاسة موسفيني على تحقيق هذا اللقاء المنتظر منذ تموز/يوليو 2023، مشيرًا إلى أن رفض أي طرف دعوة اللجنة الإفريقية برئاسة موسفيني لعقد اللقاء بين الجنرالين، سيضع نفسه في موقف صعب دبلوماسيًا على الصعيد الإقليمي والدولي، لذلك ربما تأتي الموافقة من الطرفين.