خلال اليومين الماضيين أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفولة الواقعة في الجزء الجنوب الغربي، لتصبح المدينة الأولى التي تقع تحت سيطرة هذه القوات بعد استماتة الجيش في مدينة بابنوسة التي تضم المقر الرئيسي للقوات المسلحة، بولاية غرب كردفان وهي الفرقة (22) مشاة.
تسيطر الدعم السريع على ثلاثة مواقع نفطية في البلاد
مدينة الفولة تضم أكبر حقول النفط التي يعتمد عليها السودان منذ سنوات طويلة تفوق الـ (27) عامًا، وتصدر عبر الموانئ شرقي البلاد، وتعد هذه المرة الثالثة التي تستولى فيها الدعم السريع على منطقة نفطية بعد استيلائها على حقل بليلة النفطي في تشرين الثاني/أكتوبر العام الماضي، ومصفاة الخرطوم منذ اليوم الأول للقتال.
وفي السنوات الأخيرة انخفض انتاج السودان من النفط إلى أقل من (50) ألف برميل يوميًا بسبب الاضطرابات الأمنية قرب المواقع النفطية، إلى جانب الإهمال الحكومي والأزمة الاقتصادية وعزوف الشركات الكبرى عن المغامرة في الاستثمارات النفطية في بلد مضطرب.
وحقل الفولة لم يتجاوز إنتاجه في أقصى مراحله الحيوية (15) ألف برميل يوميًا يُنقل عبر خطوط الأنابيب إلى مصفاة الخرطوم وهو خام مزيج، والمصفاة نفسها متوفقة بسبب المعارك العسكرية وسيطرة الدعم السريع منذ اليوم الأول للقتال منتصف نيسان/أبريل 2023.
وعقب سيطرتها على منطقة الفولة ترفع الدعم السريع عدد المواقع النفطية الاستراتيجية التي تستحوذ عليها إلى ثلاثة مواقع، يصفها العاملون في هذا القطاع بـ"الحيوية"، وفي ذات الوقت فإنها بداية النهاية لتوجيه ضربة قاسية لصناعة النفط في السودان ما لم يتم تدارك الأزمة.
منذ الأربعاء الماضي حشدت الدعم السريع المقاتلين على متن عربات الدفع الرباعي، تلك الشاحنات التي تعمل في الصحراء للسيطرة على الفولة، فيما قد يكون الجيش قد اختار التركيز على مدينة بابنوسة التي يقع فيها مقر الفرقة الرئيسية للقوات المسلحة في ولاية غرب كردفان وهي الفرقة (22) مشاة.
وكادت وزارة الطاقة والتعدين أن تقترب من إنهاء أزمة توقف الخام المنقول من جنوب السودان إلى موانئ بورتسودان، عقب التوقف القسري منذ آذار/مارس الماضي.
ورغم الإنتاج النفطي لأكثر من عقدين، ظلت مدينة الفولة تعاني من نقص مريع في التنمية وارتفاع نسبة البطالة بين الشبان والفتيات، أولئك الذين حصلوا على الشهادات الجامعية ولم يعثروا على وظائف حسب ناشطين في المنطقة يقولون إن البطالة من الأسباب الرئيسية التي قادت الشبان والرجال إلى الانخراط في التجنيد العسكري.
حينما توغلت الدعم السريع على شوارع مدينة الفولة، كان المدنيون يستخدمون الطرق المتاحة أمامهم رغم قلة الأمان، ومع بداية موسم الأمطار فإن الوضع الإنساني في نظر العاملين في غرف الطوارئ قد يكون كارثي.
ومع استمرار المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع في أجزاء من مدينة الفولة، هناك مخاوف من الانتهاكات بحق المدنيين واتساع حركة النزوح لتشمل أكبر مدينتين بولاية غرب كردفان وهما بابنوسة والفولة، ما يعني وضع حياة أكثر من (1.5) مليون مدني على المحك، وفقًا للعاملين في غرف الطوارئ.
وتتفاقم معاناة المدنيين في مدن الفولة وبابنوسة بولاية غرب كردفان جراء صعوبة حصول المواطنين على ممرات آمنة، إلى جانب انتشار العصابات المسلحة في بعض المناطق، كما أن مراكز الإيواء بمدينة المجلد تواجه نقصًا في الاحتياجات الإنسانية، وشهدت وفيات للأطفال حديثي الولادة في كانون الأول/يناير وشباط/فبراير الماضيين، مع اشتداد القتال في بابنوسة ونزوح عشرات الآلاف إلى محليات الولاية.
ويقول محمد الحبيب الناشط والعامل الإنساني في منطقة الفولة، والذي أطلق حملة لغوث المدنيين مع مجموعة من المتطوعين، إن الوضع الإنساني حرج للغاية، خاصة وأن القتال بدأ للتو والطرفان يحاولان الحصول على مكاسب ميدانية لكن هذا سيكون على حساب المدنيين.
ويقول الحبيب لـ"الترا سودان" إن المدنيين فروا من الفولة سيرً على الأقدام والدواب والشاحنات التجارية، عقب الأنباء التي راجت الأربعاء الماضي بحشود للدعم السريع للهجوم على الفولة.
وكانت حكومة ولاية غرب كردفان دعت المواطنين للانخراط في القتال وإفشال الهجوم على الفولة، بالتزامن مع إعلان الدعم السريع السيطرة على مقر حكومي رئيسي في المدينة ونشرت مقطع على المنصات الإجتماعية.
عودة الحياة والمواطنين والأسواق إلى طبيعتها بـ "الفولة" وانتشار واسع لقوات الدعم السريع لتأمين المدينة #الدعم_السريع_جيش_قومي pic.twitter.com/QK6LKDsG1F
— السافنا (@RSF_SFN) June 22, 2024
والجمعة نشرت حسابات موالية للدعم السريع مقاطع فيديو أشارت إلى تحسن الوضع الأمني وعودة الأسواق في مدينة الفولة بينما جرى توثيق هذه الأنشطة من مواقع محدودة دون التطرق إلى الوضع في الأحياء السكنية.