31-مايو-2023
ترس في أحد أحياء أم درمان لمنع قوات الدعم السريع من الدخول إلى الحي

(Getty) يشيد المواطنون المتاريس لمنع قوات الدعم السريع من الدخول إلى أحيائهم

لم يتمكن الملايين من المدنيين العالقين في أحياء العاصمة السودانية الخرطوم من مغادرة منازلهم بالرغم من توقيع (14) هدنة لوقف إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع، وصفت أغلبها بالهشة.

أعلنت الأمم المتحدة عن نزوح نحو (700) ألف شخص من الخرطوم منذ بداية النزاع المسلح، وتتوقع فرار (2.5) مليون شخص حتى أكتوبر المقبل

يواجه المدنيون العالقون مشكلة تدبير تكاليف السفر والانتقال إلى الولايات أو إلى دول الجوار، ولذلك يفضلون البقاء تحت دوي المدافع وتحليق الطيران، خاصةً في الأحياء التي تشهد اشتباكات مسلحة عنيفة. 

قالت سامية (52 عامًا) والتي تقيم مع عائلتها في حي جبرة جنوب الخرطوم في حديث لـ"الترا سودان" إن الغرض من الهدنة إتاحة الفرصة لمغادرة الأحياء بالاستفادة من توقف القتال، لكن معظم الذين لم يغادرا "لم يجدوا المال لركوب الحافلات إلى الولايات الآمنة" – وفقًا لهذه السيدة.

وتقول هذه السيدة إن هناك قلق من عدم القدرة على تحمل نفقات السفر أو حتى تدبر شؤون الحياة في ولاية لم تزرها في حياتك. "هناك تكافل بين المجتمعات في السودان، لكن هذا لا يعني أن تكون هناك بلا مال" – تقول سامية.  

https://t.me/ultrasudan

أما النذير وهو متطوع في جنوب الخرطوم فقد قال في حديث لـ"الترا سودان" إن بعض الغرف المتطوعة وفرت عشرات الحافلات لنقل المدنيين مجانًا إلى الولايات، لكن هذه الخدمة مكلفة ويجب أن تطورها المنظمات الدولية بالتمويل والمتابعة – بحسب النذير. 

ويرى هذا المتطوع أن تكلفة سفر عائلة واحدة من أربعة أفراد إلى الولاية الشمالية لا تقل عن (300) ألف جنيه –أي ما يعادل (500) دولار أمريكي– وأغلب المواطنين لم يكن معهم هذا المبلغ عندما بدأت الحرب، خاصةً من يعتمدون على العمل الخاص والأسواق أو حتى الموظفين في القطاع العام الذين لم يحصلوا على رواتب آذار/مارس ونيسان/أبريل وأيار/مايو – يوضح هذا المتطوع.

ويعتقد النذير أن على المنظمات الدولية مثل منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة أن تطلق مشروعًا لنقل العالقين عبر ممرات آمنة من أحياء العاصمة والمدن التي تشهد القتال، بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر السوداني. وأضاف: "لا يمكن ترك أكثر من تسع ملايين شخص في الخرطوم في ظل استمرار الحرب، خاصةً مع صعوبة التكهن بنتائج المحادثات الجارية في جدة، وعما إذا كانت ستضع حدًا للقتال أم لا".

وأعلنت الأمم المتحدة عن نزوح نحو (700) ألف شخص من العاصمة السودانية الخرطوم منذ بداية النزاع المسلح حتى نهاية أيار/مايو الجاري، وتتوقع فرار (2.5) مليون شخص حتى تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وقال الباحث في مجال السكان والهجرة أحمد عثمان في حديث لـ"الترا سودان" إن إجلاء المدنيين العالقين في أحياء العاصمة ومدن الأبيض ونيالا والفاشر والجنينة وزالنجي "ليس ضمن خطط الأمم المتحدة ولم تناقش هذه الأزمة". وأضاف: "حتى خلال تنفيذ هدنة ناجحة، من لا يملك المال لا يمكنه مغادرة منزله، وعودة الطرفين إلى معارك عنيفة حسب التوقعات ستضاعف من الضحايا وسط المدنيين".

ويرى عثمان أن المجتمع الدولي والقوى المدنية السودانية تحتاج إلى التنسيق لمعرفة كيفية إنقاذ ملايين المدنيين العالقين في أحياء العاصمة والمدن الأخرى التي تشهد قتالًا بين الجيش والدعم السريع. وتابع: "نقابة الأطباء هي أكثر جهة يمكنها التطرق إلى هذا الملف بالتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر". "يجب إنقاذ المدنيين بتوفير ممرات آمنة ومواقع إقامة خارج العاصمة بالولايات" – يشدد الباحث في مجال السكان والهجرة أحمد عثمان.