موتر يقوم بنقل المصابين في المواكب، تصوير (عفراء سعد)
في الآونة الأخيرة ساءت سمعت الدراجات النارية "المواتر" في الخرطوم، وأصبحت مصدرًا للقلق والذعر وسط المواطنين، بالرغم من أن ظاهرة السرقة ليست جديدة، ولكن الملفت للنظر كان طول اليد التي تمتد للسرقة حتى أُطلق عليهم (9 طويلة) لأن السارق هنا له أسلوب خاص ومواصفات أبرزها الخطف والهروب وغالبهم يأتي لضحيته ممتطيًا دراجة نارية "موتر".
ظهرت "المواتر" بشكل جديد في مواكب الخرطوم، وأضحت الوسيلة الأهم والأكثر فاعلية في نقل المصابين والجرحى
لكن تلك السمعة السيئة، قد حسّنتها المواكب مؤخرًا، ففي أثناء سيرك بالموكب تسمع صوت "المواتر" لأول مرة دون خوف، وإنما يتملكك شعور آخر هذه المرة، يشبه قلق سيارة الاسعاف التي تحمل عزيز يهمك أمره، كيف لا وهم رفاق النضال والمشاوير الصعبة.
ظهرت "المواتر" بشكل جديد في مواكب الخرطوم، وأضحت الوسيلة الأهم والأكثر فاعلية في نقل المصابين والجرحى، وذلك لصغر حجمها وسرعتها في اقتحام دخان البمبان الكثيف، ونقل المُختنقين والجرحى إلى أقرب مستشفى، بعد أن يتم فتح جزء صغيرة من "الترس" حتى تتمكن من العبور بسهوله، ففي كل المواكب تجدهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون في تلبية طلبات الاستغاثة، التي تأتي من الثوار أثناء الموكب عندما يصاب أحدهم أو يختنق.
رغم إصابته بثلاث إصابات بمبان؛ لم تمنعه إصاباته عن الإسعاف، "محمد صالح" صاحب الـ (18) عامًا، ذو الإرادة القوية، الذي يقول أنه كان يشارك في المواكب بشكل منتظم، ولم يتوقف إلّا عند إصابته في ذراعه، و نسبة لسفر أخيه في مأمورية في وظيفته تاركًا وراءه دراجته النارية في البيت؛ فكر في استخدمها وساعدته -بعد إصابته- في نقل المصابين ريثما يعود الأخ من عمله خارج الخرطوم، وبيّن محمد صالح أن إصابات الثوار لا تخرج من ذاكرته، حيث كان يعتقد أن الإسعاف عمل لا يحتاج إلى شجاعة في مواجهه العسكر أثناء الموكب ودخان البمبان، إلّا أنه عمل مرهق و متعب نفسيًا، لأن دماء المصابين والشهداء تكون في ملابسنا حتى في البيت، الأمر الذي يحتاج إلى قوة وشجاعة وتحمّل.
غسان عثمان شاب يعمل في السوق، وهو الأشهر في مواكب الخرطوم، يتحدث غسان قائلًا: قبل سقوط البشير كنت أشارك في المظاهرات بصورة منتظمة، ولكن بعد اتفاق المدنيين والعسكريين على الحكم لم يعد الأمر يهمني كثيرًا، وبعد انقلاب البرهان لم تكن لدي القوة للمشاركة في التظاهر، لذلك قررت المشاركة عن طريق نقل المصابين بالموتر، شاهدت هذه الحركة في الثورة المصرية.
وأضاف معترضًا على مشاركة الركشات أو ما يعرف بالتكتك في نقل المصابين قائلًا: المكان الذي يتم فتحة من الترس لمرور الركشة يمكن أن يمرر تاتشر، وهذا أمر خطير ويفتح ثغرات كثيرة، لذلك لا أحبذ هذه الفكرة.
أما مازن الأحمدي يقول أن عمله كمسعف في المواكب يعتبر مساعدة إنسانية لرفقاء القضية في إسقاط الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتاح البرهان، ويرى الأحمدي أن الدرجات النارية " المواتر" التي تقوم بنقل المصابين في المواكب هي الوسيلة الأنسب في إنقاذهم، نسبةً لسرعتها، ويحكي الأحمدي مواقف مرت به كمسعف قائلاً: هناك متظاهرون يتعرضون لإصابات أكتر من مرة في الموكب الواحد، ولا يلتفتون لنصائح زملائهم في الابتعاد والرجوع إلى الخلف، عندمت تأتيني مثل هذه الحالة أتعمد أخذها لأبعد مستشفى، لكي يكون زمن الموكب قد انتهى عند عودتنا، وذلك من أجل مصلحته.
مازن: عملي كمسعف في المواكب يعتبر مساعدة إنسانية لرفقاء القضية في إسقاط الانقلاب العسكري الذي قام به عبدالفتاح البرهان
وأضاف أنه في إحدى المرات كان يُسعف فتاة أُصيبت برصاص مطاطي في عنقها وكانت فاقده للوعي، الأمر الذي اضطره للبقاء معها إلى أن استعادت وعيها، وأكد مازن على أن صورة الفتاة وهي تنزف لم تفارق عيناه.