أعرب بيانٌ من مكاتب وتنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عن موقفهم الرافض "رفضًا تامًا وباتًا" لموقف رئيس الحركة "الداعم لاستمرار الحركة في الشراكة في الحكم بالرغم من وقوع الانقلاب". ووصف البيان موقف رئيس الحركة بـ"غير المبدئي" وقال إنه يمثل "طعنةً للثورة ولدماء الشهداء ولا يشبه الحركة ولا تاريخها".
قيادات بالحركة: موقف رئيس الحركة يمثل تهديدًا جديًا لمستقبل الحركة السياسي وتبديدًا لرصيدها الجماهيري
واتهم البيان رئيس الحركة الشعبية – شمال مالك عقار بالمساهمة مع من أسماهم البيان "مجموعة تحالف اعتصام القصر الجمهوري"، بالاضطلاع بدور "أساسي" في دعم الانقلاب العسكري وتقويته. وأضاف البيان أن هذا الموقف من الانقلاب أدى إلى "بلبلة وانقسامات داخل الحركة وبين كوادرها وإلى استقالة عدد من أعضائها احتجاجًا على هذا الموقف المشين".
وزاد البيان إن موقف رئيس الحركة يمثل "تهديدًا جديًا لمستقبل الحركة السياسي وتبديدًا لرصيدها الجماهيري وعلاقتها بالشعب".
وأشار بيان تنظيمات المهجر بالحركة الشعبية إلى حالة الانقسام "غير المعلن" نتيجة الاختلاف حول الموقف من الانقلاب العسكري منذ يومه الأول، قائلًا إن الأغلبية "الساحقة" من أعضاء الحركة الشعبية داخل السودان وخارجه ترى أن مكان الحركة "الطبيعي" هو "الوقوف مع الشارع وقوى الثورة المدنية والسياسية في مواجهة الانقلاب".
وأضاف البيان: "كانت رؤيتنا دائمًا ولا تزال أن الموقع الطبيعي للحرّكة الشعبية والمشتق من اسمها وتاريخها ومشروعها الفكري والسياسي هو الوقوف إلى جانب الشعب في كل الأوقات وتحت كل الظروف وليس مع أعداء الشعب والوطن من الانقلابيين وبقايا دولة التمكين".
ولفت البيان إلى حوارات قادها الموقعون على البيان مع رئيس الحركة "أملًا في حمله على الرجوع للصواب وتصحيح موقف الحركة"، قائلًا إنها باءت جميعًا بالفشل في ظل "إصرار رئيس الحركة والقلة المؤيدة له على استمرار شراكتهم مع الانقلابيين وقتلة الشهداء" – على حد تعبير البيان.
وأوضح البيان أن موقف الحركة كان واضحًا في مواجهة الانقلاب، مشيرًا إلى انسحاب نائب رئيس الحركة من موقعه الحكومي كمستشار لرئيس الوزراء السابق وانسحاب مساعد وزير وزارة شؤون مجلس الوزراء ووكيل وزارة الحكم الاتحادي من موقعيهما في الحكومة فور وقوع الانقلاب. ولفت البيان إلى استمرار وزيرة الحكم الاتحادي في مقاومة الانقلابيين وسياساتهم "حتى إعلانها استقالتها صباح اليوم من موقعها" – وفقًا للبيان.
البيان: عضوة الحركة ووزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار دفعت باستقالتها من الوزارة صباح اليوم
وقال البيان إن الحركة ظلت تعمل بـ"فعالية" مع حلفائها في قوى الحرية والتغيير من أجل إسقاط الانقلاب وإعادة الحكم المدني، في الوقت الذي يدعم فيه رئيس الحركة استمرار الشراكة مع حكومة الانقلاب، لافتًا إلى أن هذه "الازدواجية" دفعت بعض الناس إلى اتهام قيادات الحركة بالانخراط في "لعبة توزيع الأدوار".
وتابع البيان: "إن الحجة الرئيسية التي يحاول الرفيق رئيس الحركة أن يبرر بها موقفه الداعم للانقلابيين هي تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام"، مؤكدًا أن الحركة ظلت ملتزمة بتنفيذ اتفاقية السلام، ومبيّنًا أن الاتفاقية "لا تنفصل عن إطارها الدّستوري المتمثل في الوثيقة الدستورية التي مزقها الانقلاب"، ولافتًا إلى أن التجارب السابقة أثبتت "استحالة تحقيق السلام في ظل الدكتاتورية".
ووصف البيان الانقلاب الحالي بـ"الجسر الذي يمهد لانقلاب أكبر" قال إنه "سيُعيد المؤتمر الوطني والنظام القدّيم بكامل أركانه" على "جماجم السودانيين"، معربًا عن رفضهم "القاطع" أن تكون الحركة "جزءًا من سلطة انقلاب يشكل جسرًا لعودة النظام القديم".
وورد في بيان قيادات الحركة الشعبية في المهجر أنه لا يوجد في اتفاقية السلام أي نص "يُلزم الحركة بتأييد الانقلاب"، فيما توجد نصوص "كثيرة جدًا" -وفقًا للبيان- تلزم الحركة بـ"الدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي ومناهضة أي انقلاب عليه". وأوضح أن الرؤية التي تربط اتفاقية السلام بالتحول الديمقراطي تستمد أساسها من "منفستو الحركة الشعبية 2019" الذي قال البيان إنه أجيز قبل أقل من عام على توقيع الاتفاقية.
وذكر البيان أن اتخاذ قرار "بخطورة قرار استمرار المشاركة في سلطة انقلابية متورطة في جرائم ضد الإنسانية ومستمرة في سفك دماء الشهداء من الشباب العزل" – "ليس شأنًا خاصًا أو قرارًا يتخذه فرد بمعزل عن مؤسسات الحركة والآلاف من أعضائها"، مبيّنًا أن قرار استمرار مشاركة رئيس الحركة عضوًا في مجلس الانقلاب كان "انفراديًا من دون الرجوع إلى أية مؤسسة من مؤسسات الحركة المعلومة".
وخلص البيان إلى أن محاولة تبرير الاستمرار في الشراكة مع الانقلابيين بحجج تنفيذ اتفاقية السلام "تفتقد إلى أي سند من دستور ووثائق وأدبيات الحركة وأعراف عملها السياسي".
وبخصوص الترتيبات الأمنية، قال البيان إنها "لا يمكن أن تختزل في مجرد دمج جزء صغير جدًا من الجيش الشعبي في الجيش الحكومي"، منوّهًا بأنها يفترض أن تكون "عملية شاملة تبدأ بإعادة هيكلة الجيش الحكومي وإبعاد العناصر الحزبية التي تدين بالولاء للنظام القديم". وتابع: "تأتي عملية دمج الوحدات كتتويج للترتيبات الأمنية وليس بالطريقة التي تحدث الآن"، لافتًا إلى أن عملية إعادة هيكلة مؤسسة الجيش وإصلاحها "لا تكتمل إلا بعد عودته إلى الثكنات وخروجه بالكامل من السياسة".
وأضاف البيان أن ما يجري باسم الترتيبات الأمنية "يتعارض مع بنود الترتيبات الأمنية في الاتفاقية"، موضحًا أنه يمثل تجنيدًا واستيعابًا لجزء من قوات الحركة داخل المؤسسة العسكرية التي "لم تخضع لأيّ عملية إعادة هيكلة أو إصلاح حتى جزئي كما جاء في الاتفاقية وحافظت على طبيعتها كمؤسسة مسيسة وذات قيادة معادية لتطلعات شعبنا" – على حد تعبير البيان.
المؤسسة العسكرية لم تخضع لأيّ هيكلة أو إصلاح وحافظت على طبيعتها كمؤسسة مسيسة وذات قيادة معادية لتطلعات شعبنا
وأهاب البيان الذي حمل توقيع (15) قياديًا في الحركة في ثماني دول مختلفة – أهاب بمؤسسات الحركة الشعبية وعضويتها لتحمل مسؤولياتهم في هذه الظروف "الدقيقة" التي تمر بها البلاد والعمل بالطرق "الدستورية والديمقراطية" على وضع الأمور في "نصابها الصحيح".