07-مايو-2023
معبر أرقين الحدودي مع مصر شمالي السودان

دفعت الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع عشرات الآلاف إلى الفرار نحو مصر

من حي "بانت" أسفل كبري "الفتيحاب" القريب من سلاح المهندسين بمدينة أم درمان التي تشهد اشتباكات عسكرية مكثفة، انتقل معمر إلى القاهرة في غضون (10) أيام.

نزاع مسلح بين الجيش والدعم السريع يدفع معمر بالحنين إلى الوطن، متذكرًا الساعات الأخيرة قبل القتال عندما التقى الأصدقاء في مقهى شعبي وسط العاصمة الخرطوم، ليفاجأ بأصوات المدافع والرصاص أثناء النوم في غرفته صباح 15 نيسان/أبريل الماضي. 

الآلاف من السودانيين ينتظرون في مصر انحسار القتال وتوقف أصوات الرصاص والمدافع وعودة الخرطوم على ما كانت عليه قبل منتصف أبريل الماضي

وصل معمر (33 عامًا) إلى مصر مرورًا بالولاية الشمالية حيث قضى في مدينة وادي حلفا في المعبر الحدودي مع مصر نحو (10) أيام في انتظار "تأشيرة الدخول".

ربما لا يخطط معمر الذي درس هندسة المعمار للعودة إلى السودان قريبًا، لكن يدفعه –في الوقت نفسه– غموض المشهد وانعدام بارقة أمل في توقف نزاع السودان إلى تبني خطط طارئة من بينها التماس اللجوء في أوروبا أو كندا أو الولايات المتحدة أو أستراليا.  

الآلاف من السودانيين –مثل معمر– ينتظرون في مصر، خاصةً في القاهرة، انحسار القتال وتوقف أصوات الرصاص والمدافع وعودة الخرطوم على ما كانت عليه قبل منتصف نيسان/أبريل الماضي، وربما يفضل آخرون البقاء هناك. 

صعد معمر على متن الحافلة من أم درمان وسط أصوات الرصاص والمدافع، متوجهًا صوب شمال السودان، قبل يوم من عيد الفطر، وشاهد أرتالًا من قوات الدعم السريع على مركباتهم التي تخطئها العين وقاذفات الصواريخ المصوبة نحو السماء وهي تترصد طيران الجيش في شوارع أم درمان، قبل أن تختفي عن الأنظار كلما تقدمت الحافلة شمالًا.

https://t.me/ultrasudan

مركبات عسكرية ومضادات طائرات جرى تعزيزها في أيدي هذه القوات منذ أكثر من ثلاث سنوات، خاصةً مع صعود الجنرال حميدتي إلى مجلس السيادة الانتقالي عقب إطاحة الثورة الشعبية بعمر البشير في نيسان/أبريل 2019.

النزاع المسلح في السودان والذي يتركز بدرجة كبيرة في العاصمة الخرطوم من الصعب التكهن بآجاله ونهايته، ولذلك يقول معمر إن الوضع في مصر بالنسبة إليه لن يكون أسوأ حالًا من بلده الأم.

يتابع هذا الشاب مواقع التواصل الاجتماعي مثل "توتير" و"فيسبوك" و"واتس آب" للبحث عن وظيفة في مصر، على صعوبة المهمة، لكن هناك شركات تعرض وظائف عمالية بحسب ما يقول معمر.

تخشى مصر من تدفقات كبيرة من المهاجرين من السودان إذا اشتد النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع، لذلك دعت الحكومة المصرية من أعلى مستوياتها إلى الانخراط في حوار يفضي إلى إيقاف القتال فورًا في السودان. 

منذ سنوات تحولت مصر إلى دولة ثانية لعشرات الآلاف من السودانيين، يدفعهم انعدام الأمن ونقص الخدمات واضطرابات التقويم الدراسي، خاصةً بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، إلى الهجرة نحو الأراضي المصرية. ويقدر عددهم بنحو أربعة ملايين شخص قبل اندلاع النزاع المسلح في السودان.

مصر التي انشغلت في الأسبوع الأول من النزاع المسلح في السودان بأزمة الجنود المصريين الرهائن لدى قوات الدعم السريع، شددت على مطالبة الجيش والدعم السريع بوقف القتال والتوجه إلى مدينة جدة للانخراط في تفاوض مثمر.

وتلقت مصر بحسب مصادر دبلوماسية "تحذيرات جدية" من الولايات المتحدة من أن استمرار النزاع المسلح في السودان قد يدفع ملايين الأشخاص إلى طلب اللجوء في مصر، خاصةً مع حدودها المرنة مقارنة مع دول الجوار الأخرى.

في مصر يقضي معمر ساعات في مقهى وسط القاهرة يلتقي بالأصدقاء الذين وصلوا إلى القاهرة منذ مدد طويلة، وتتطرق هذه اللقاءات إلى الوضع السياسي في السودان.

ويسرد معمر ساعات الرحلة القاسية من أم درمان إلى القاهرة تحت مدافع وأسلحة مصوبة على مركبات عسكرية يقودها جنود تلاحظ بوضوح أعمارهم الصغيرة، ينخرطون في قوات الدعم السريع أملًا في تحسين وضعهم المالي في بلد تنعدم فيه العدالة الاجتماعية ويعاني من غياب التوزيع العادل للثروات وظهور "مليشيا الذهب".