15-أكتوبر-2019

كبر في استقبال عبد الفتاح البرهان (Getty)

الترا سودان-فريق التحرير

انطلقت يومس أمس بمدينة جوبا، عاصمة جمهورية جنوب السودان، الجلسة الافتتاحية للمباحثات الرسمية بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة والسلمية، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام نهائي في أو قبل تاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر القادم، يضع حدًا للأزمة السياسية المستمرة في البلاد، تحت رعاية الرئيس سلفا كير ميارديت.

قال عبد الفتاح البرهان في كلمته أن قارة إفريقيا موعودة في مقبل الأيام بأن تنال ما تتمناه وما تستحقه من تقدير وريادة للعالم

وشهدت الجلسة الافتتاحية، التي استضافتها "قاعة الحرية" (Freedom Hall)، وسط المدينة، مشاركة إقليمية ودولية واسعة، في مقدمتها رؤساء دول المنظمة الأفريقية للتنمية في شرق إفريقيا "إيقاد" ودول الجوار، وممثلين للمنظمات الدولية والسفارات الأجنبية، أبرزهم؛ رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس الوزراء الإثيوبي، الدكتور أبي أحمد، والرئيس الأوغندي، يوري كاغوتا موسيفني، ورئيس الوزراء المصري مصطفى كامل مدبولي، إلى جانب ممثل المملكة العربية السعودية، السفير علي الحسان، وممثل الإمارات العربية المتحدة، خالد الكعبي، ومسؤولين من حكومة جنوب السودان، وجمع غفير من الجالية السودانية بجوبا.

ووصلت الوفود الرسمية للأطراف المشاركة في المفاوضات، إلى مقر الجلسة الافتتاحية بـ"قاعة الحرية"، منذ ساعات الصباح، بدءًا بوفد الحكومة السودانية، بقيادة عضو مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، ووفد الجبهة الثورية التي تضم حوالي اثنتي عشرة حركة ومجموعة مسلحة وسلمية، بقيادة الدكتور الهادي إدريس منصور، ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، بقيادة الفريق عبد العزيز آدم الحلو. ومن ثم تبعها وصول رؤساء دول الإيقاد.

اقرأ/ي أيضًا: كير: تحقيق السلام في السودان سيعود على جنوب السودان بالاستقرار

بدأت الجلسة الافتتاحية في توقيت متأخرًا حوالي الثالثة عصرًا بدلًا عن الحادية عشر ظهرًا بسبب الترتيبات المتعلقة بوصول الوفود إلى العاصمة جوبا، فكل شيء كان متروكًا للبروتوكول والإجراءات الرسمية المتعلقة بتجهيز مقرات الوفود. وحين وصول الرئيس كير إلى قاعة الحرية برفقة رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد، ورئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي، بجانب الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، ورئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان، وقف الحضور في القاعة وبدأ عزف النشيد الوطني لجمهورية جنوب السودان، ليصعد "مييك أييك" وزير مكتب الرئيس إلى المنصة الرئيسية لإعلان بدء الجلسة الافتتاحية.

وبدأت الجلسة بصلوات قصيرة من الإنجيل وتلاوة للقرآن، وبدأ تقديم المتحدثين الواحد تلو الآخر. والبداية كانت لديفيد شيرر، ممثل الأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة بجنوب السودان مهنئًا الأطراف السودانية لنجاحها في تكوين الحكومة الانتقالية كما أشاد بالاتحاد الافريقي للمساعدات التي قدمها للسودان، كما ثمن المبادرة التي قدمها الرئيس كير لاستعادة السلام في السودان. وزاد بالقول: "نشجعكم للتركيز على الحقائق التي تعزز من الثقة والتركيز على أن هذه الخطوة لا يقصد منها للوصول للسلام فقط وإنما لوقف الحرب تمامًا في السودان في سبيل تحقيق التقدم والنمو الاجتماعي والاقتصادي، الأمم المتحدة تؤكد دعمها للعملية السلمية في السودان وجنوب السودان".

وقد سجلت الجلسة الافتتاحية، غيابًا بارزًا لحركة تحرير السودان– جناح عبد الواحد محمد نور، الذي لا يزال يقاطع المحادثات، رغم تلقي حركته دعوة رسمية من قبل حكومة جنوب السودان، للمشاركة في المفاوضات. ويذكر أن حركة نور، لم توقع على إعلان جوبا بين الحكومة الانتقالية في السودان والحركات المسلحة والسلمية السودانية، الذي تم توقيعه مطلع أيلول/سبتمبر الماضي.

الجبهة الثورية تطالب "مخاطبة القضايا الأساسية"

من جهته قال الهادي إدريس يحي في كلمته أمام الحضور أن التغيير الذي حدث في السودان، جاء نتيجة لتضحيات كبيرة ساهم فيها الشعب السوداني بجميع فئاته بما فيها قوى الكفاح المسلح وتوج بانحياز القوات المسلحة إلى جانب الشعب.

وزاد بقوله:" تعترف الجبهة الثورية بأن هذا التحول وفر إرادة سياسية وروح شراكة جديدة، ومناخ جديد مناسب للبحث عن السلام العادل ووقف الحرب والاقتتال وإنهاء معاناة الشعب السوداني، وتحقيق الأمن والاستقرار من أجل سودان جديد ينعم بالسلام والحرية والعدالة".

وأشار يحي إلى أن الوقت قد حان لطي صفحة الماضي المظلم، وفتح صفحة جديدة في السودان من خلال الاعتراف بالتنوع وايقاف التهميش والظلم الذي قاد إلى حروب طاحنة في السودان.

وأكدت الجبهة الثورية على رغبتها في العمل على تحقيق السلام والاستقرار في السودان، عن طريق الدخول في عملية سلمية جادة، معلنة عن التزامها الكامل بإعلان جوبا والعمل من أجل مناقشة التفاصيل الكامل للوصول إلى سلام كامل.

وأردف يحي: "إن قضايا العدالة والمساءلة والمحاسبة وإنصاف الضحايا ومحاربة ظاهرة الإفلات من العقاب ووقف الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الإنسان تعتبر من القضايا الأساسية التي لا يتحقق السلام إلا عبر مخاطبتها".

وطالبت الجبهة الثورية بضرورة دعم المجتمع الدولي للعملية السلمية، حتى تتمكن الأطراف السودانية من الدخول في عملية سياسية ناجحة، من خلال إطلاق سراح جميع أسرى الحرب دون قيد أو شرط ومناقشة التفاصيل الضرورية المتعلقة بعملية السلام ".

عبد العزيز آدم الحلو.. نحن مع مبادرة الرئيس كير

 من جهته قال عبد العزيز آدم الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال، أنهم وافقوا على مبادرة الرئيس كير لحل النزاع في السودان، بسبب فشل المنابر العديدة التي أفردت في السابق لمعالجة الأزمة السودانية على مر السنوات.

وأضاف الحلو في الكلمة التي القاها أمام الجلسة الافتتاحية لانطلاقة المباحثات السودانية: "نحن هنا اليوم تحت رعاية الرئيس سلفا كير ميارديت للنظر في الطرق المثلي لوقف الحرب التي ظلت تدور في السودان منذ الاستقلال، وهذا يعني أن الحلول السلمية منذ 1972 – الخرطوم – نيفاشا، جميعها فشلت في تحقيق سلام مستدام وشامل، الحركة الشعبية شمال قبلت بوساطة الرئيس سلفا كير بينما فشل الاتحاد الإفريقي في التوصل لاتفاق سلام، والفشل كان نسبة لتعقيدات الأزمة وطريقة تعامل الخرطوم مع المشكلة من منظور أمني."

وأشار الحلو إلى أن الواقع السياسي في السودان تغير بعد مظاهرات كانون الأول/ديسمبر 2018، حيث ظهرت قوى جديدة في البلاد، وفرت فرصة تاريخية نادرة تتطلب استغلالها من أجل الوصول لسلام شامل ومستدام إذا ما اظهرت الأطراف إرادة سياسية.

وزاد بالقول: "هناك قضية الهوية القومية والعلاقة بين الدين والدولة، منذ مغادرة الاستعمار الإنجليزي قامت الصفوة السياسية في الوسط بمحاولة فرض الهوية العربية، عليه بدأ التمييز والقهر والذي أدى لانفصال جنوب السودان، إلى الآن لا تزال تلك النخب تحاول فرض هوية أحادية على بقية المجموعات وتفرض كذلك قوانين الشريعة، وهذا يوضح لماذا يوجد تمييز عنصري في السودان اليوم ".

البرهان: الشعب السوداني واعي ومعلم

وقال رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان في كلمته أن قارة إفريقيا موعودة في مقبل الأيام بأن تنال ما تتمناه وما تستحقه من تقدير وريادة للعالم.

وزاد بالقول: "نحن فخورون جدًا بنيل الدكتور أبي أحمد جائزة نوبل للسلام، التحية لإخوة الكفاح المسلح الذين هم جزء أصيل من صناع هذه الثورة".

وأشار البرهان إلى أن "مبادرة الرئيس سلفا كير ولدت من رحم الثورة السودان، فإخواننا في الحركة الشعبية ظلوا يناضلون من أجل تحرير السودان، ونكرر بأن جوبا هي المنبر المؤهل لتحقيق السلام في السودان".

وأردف موجهًا حديثه لحركات الكفاح المسلح: "الإخوة في حركات الكفاح المسلح نحن نتحاور الآن من أجل السودان، التفاوض في هذه المرة يختلف عن كل المرات السابقة، الآن أنتم شركاء معنا في الثورة السودانية وفي صنع الحلول لمشاكل السودان، نحن نتطلع لأن نضع أسس لكل معضلات السودان ونحلها جميعًا، وأن نصل لحلول ترضي الشعب السوداني، فالإخوة الذين حملوا السلاح كانوا سباقين في مواجهة النظام السابق، والآن تمت إزاحة النظام ونحن نتفق معكم بأن الحل يجب أن يكون شاملًا، لا يوجد بيننا خاسر وإنما الكاسب في الأول و الأخير هو الشعب السوداني، نكرر حرصنا التام على أن تكون هذه الجولة من التفاوض نهائية وتضع حدًا لمعاناة السودان، الآن الفرصة مواتية لإعادة اللاجئين و النازحين وتحقيق شعارات الثورة لأن الشعب السوداني شعب قائد وواع ومعلم".

اقرأ/ي أيضًا: اتفاق السلام.. هل ينجو جنوب السودان من الفوضى؟

أبي أحمد: على الإيقاد دعم مبادرة سلفا كير

من جانبه طالب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، هيئة الإيقاد بدعم مبادرة الرئيس كير لإحلال السلام في السودان، متمنيًا أن تقود جولة المباحثات التي انطلقت اليوم بجوبا لتمهيد الطريق أمام الأطراف السودانية للتوصل لاتفاق سلام ينهي الحرب ويحقق المصالحة.

وزاد بالقول في كلمته التي القاها في المناسبة: "أتمنى أن يمهد لقاؤنا هذا لتحقيق اتفاق بين الحكومة الانتقالية وبقية الأطراف السودانية حتى ينخرط الجميع في عملية المصالحة، أثمن مبادرة الرئيس سلفا كير كما أدعو الإيقاد إلى دعمها بالكامل، فهناك فرصة كبيرة أمام الإقليم لتحقيق التكامل الاقتصادي بين بلدانه".

وقال الفريق أول سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان إن تحقيق السلام في جمهورية السودان سيعود على شعب جنوب السودان أيضًا بالسلام والاستقرار بحكم العلاقات التاريخية التي تربطهما معًا، مبينًا أن تجربة النزاع في جنوب السودان أظهرت صعوبة تحقيق أي مكاسب سياسية عبر فوهة البندقية، مطالبًا الأطراف السودانية في الحكومة والمعارضة باعتماد الحوار البناء كوسيلة وحيدة لوقف الحرب والاقتتال.

سجلت الجلسة الافتتاحية، غيابًا بارزًا لحركة تحرير السودان– جناح عبد الواحد محمد نور، الذي لا يزال يقاطع المحادثات، رغم تلقي حركته دعوة رسمية!

استنفار أمني في شوارع العاصمة جوبا

شهدت الشوارع الرئيسية بمدينة جوبا، حالة استنفار أمني، منذ ساعات الصباح الأولى، حيث تم نشر أرتال من الجنود يتبعون لوحدات أمنية مختلفة، على طول الشوارع الرئيسية، هي؛ شارع المطار، شارع الوزارات، شارع القصر الرئاسي (جي ون)، شارع مستشفى جوبا التعليمي على امتداد صينية "موبيل" وشارع "كاستوم". وذلك لتأمين الحدث التاريخي الذي تشهده البلاد. وحرصت الجالية السودانية الكبيرة المتواجدة بمدينة جوبا، على متابعة وقائع الجلسة الافتتاحية للمفاوضات، باهتمام وترقب، في انتظار ما ستسفر عنها خلال الأيام والأشهر الثلاثة القادمة. حيث أغلق التجار، وأصحاب الأعمال الخاصة، محالهم لمتابعة سير المفاوضات. وتم وضع عدد من أعلام دول الجوار السوداني ودول منظمة الإيقاد، في الشوارع الرئيسية، على طول المسار المحدد للمواكب الرئاسية، وهي؛ أعلام؛ السودان، وإثيوبيا، ومصر، وإريتريا، وأوغندا، وكينيا والصومال وغيرها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مفاوضات جوبا.. نظرة عن قرب

فوز رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بجائزة نوبل للسلام 2019