على نحو مفاجئ قررت السلطات بنهر النيل بداية العام الدراسي في الولاية في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في جميع المدارس، الأمر الذي جدد الحديث حول مصير النازحين الذين يستخدمون المدارس كملاجئ بعد فرارهم من الحرب التي تدور رحاها في الخرطوم.
نزح عدد كبير من المواطنين إلى ولاية نهر النيل منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، وتوزع العديد منهم بالمدارس التي صارت ملاجئ مؤقتة
الوزير المكلف اسماعيل الأزهري البشرى، المدير العام لوزارة التربية والتعليم بولاية نهر النيل، قال بحسب ما نقل عنه الإعلام التربوي بالوزارة، إن بداية العام الدراسي بالولاية ستكون في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بأسبوع المعلم، على أن يتم قرع الجرس وبداية الحصة الأولى بجميع المدارس على مستوى المحليات بالمراحل الدراسية المختلفة في الثاني عشر من نفس الشهر.
لجوء
ولجأ عدد كبير من المواطنين إلى ولاية نهر النيل منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع، ولقربها من العاصمة الخرطوم التي شهدت أعنف الاشتباكات، استقبلت الولاية أعدادًا مهولة من النازحين الذين ضاقت بهم المنازل وارتفعت إيجاراتها قبل أن تتحول إلى بؤرة نشاط اقتصادي كبير، عدد من النازحين توزعوا بالمرافق الحكومية من بيوت ضيافة ووزارات بجانب المرافق العامة، وعلى رأسها المدارس حيث يستغل عدد كبير منهم الفصول الدراسية بعد تحويلها لغرف للسكن.
بلا بدائل
السيدة النازحة "س. م" تبلغ من العمر (42) عامًا، وهي من الذين لاذوا بإحدى مدارس منطقة قرية الدويمات بولاية نهر النيل فرارًا من الحرب. أوضحت في حديثها مع "الترا سودان"، أنها وزوجها وأطفالها نزحوا من منطقة أبوحمامة بالخرطوم، وذلك بعد أن فقدوا كل ممتلكاتهم في الحرب.
تقول "س. م": "بعد قرار النزوح توجهنا إلى أقاربنا بولاية نهر النيل، والذين استقبلونا وقضينا معهم قرابة الشهرين، لكن لأسباب ضيق المنزل الذي استقبل أعداد كبيرة من الأقارب النازحين، وجدنا من الصعوبة الاستمرار في البقاء هناك، لذلك اقترح علينا أحد الاقارب الرحول إلى المدرسة، وتقبلنا الفكرة للحوجة، والآن نقيم في المدرسة رغم شح المرافق من مياه وحمامات، لكن لا بديل لنا".
رؤية مختلفة
في أيلول/سبتمبر الماضي تحدثت وسائط محلية عن تسريبات بدفع ﻮﺯﺍﺭﺓ التربية والتعليم بمقترح أسمته بالخطة البديلة، تعلن فيه عزمها توزيع الطلاب والمعلمين على الولايات. الوزارة ربطت القرار باستمرار الاقتتال المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، واستنكر بعض النازحين القرار لجهة إقامتهم في المدارس التي صارت ملاجئ للفارين من الحرب.
عضو لجنة المعلمين قمرية عمر أبدت استغرابها في حديث لـ"الترا سودان"، من قرار الوزارة، وتساءلت: "حتى الآن حجم الضرر الذي لحق بهذه المؤسسات لم يصدر في بيان رسمي، نحن في لجنة المعلمين قمنا بتكوين لجنة لحصر هذه الخسائر لكن من الصعوبة بمكان القيام بمهامها وسط الحرب والنزوح وضعف الاتصالات والإنترنت، وبعد مرور ثلاثة أشهر من هذا التسريب تخرج ولاية نهر النيل بمقترح بداية العام الدراسي رغم العقبات التي تصاحب ذلك".
قضية مركزية
عضو لجنة المعلمين قمرية عمر تحدثت عن مركزية التعليم، وأشارت للضرر الكبير الذي لحق بالعملية التعليمية جراء الحرب، وأضافت: "قناعتنا بأن هناك انتهاكات كبيرة داخل هذه المؤسسات، بعضها تهدم تمامًا والبعض الآخر تم احتلاله، وأصبحت معسكرات للقوات؛ هذا يؤثر على مخزون الوثائق".
وبحسب قمرية فإن رؤية اللجنة للحل هي أن "الحق في الحياة أولى من الحق في التعليم، لذلك تقف لجنة المعلمين مع إيقاف الحرب، لأن التعليم لا يكون إلا في حالة السلم، ولا بد من معالجة قضية رواتب المعلمين بشكل عاجل، الذين لم يستلموا رواتبهم منذ بداية الحرب"، حد قولها.
الصحفي المقيم بولاية نهر النيل فتح الرحمن إبراهيم قال لـ"الترا سودان" إن نهر النيل بهذا القرار هي أول ولاية تعتزم استئناف العام الدراسي بعد اندلاع الحرب في البلاد، وهو أمر تصاحبه مشاكل كبيرة رغم وعود حكومة الولاية بتذليلها بإقامة بدائل للنازحين على شاكلة ترحيلهم لمنازل السكن الشعبي في مدينة عطبرة والدامر بعد إخراجهم من المدارس والداخليات، لكن نجاح هذه الفكرة رهين بتوفير السكن البديل بحسب وعودهم، لكن في حالة فشلهم في توفير ذلك فإن العام الدراسي لن يستمر لأن حاجة المواطنين أكبر.
ورغم الحديث عن البدائل إلا أن السيدة "س. م" لم تكن متفائلة، وتساءلت في حديثها مع "الترا سودان": "أي بدائل تتحدث عنها الحكومة؟ لا وجود لهذه البدائل، وكثير من النازحين ما يزالون في العراء، فلماذا لا يتم توفيرها لهم؟".
وتضيف: "حتى الآن لم يتم إخطارنا بمغادرة المدارس على الرغم من اقتراب التاريخ الذي أعلنته الولاية لبداية الدراسة"، مشيرة إلى أن هناك الآلاف من الأسر النازحة في ولاية نهر النيل.
وقطعت الحرب العام الدراسي في السودان منتصف نيسان/أبريل الماضي بعد اندلاع الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، في الوقت الذي دمرت فيه العديد من المدارس في مناطق الصراع، عطفًا على أضرار كبيرة لحقت بالوزارات المعنية، ويذكر أن اليونسيف كانت قد أعلنت أن (19) مليون طفل سوداني خارج المدارس بسبب الحرب.