أعلنت الحكومة الانتقالية مطلع الشهر الجاري عزمها زيادة الإنتاج بإضافة (10) آلاف برميل يوميًا، إلى الإنتاج الحالي الذي لا يتجاوز بحسب تقارير رسمية (60) ألف برميل يوميًا، ويُستهلك في السوق المحلي.
ورغم عدم وجود معلومات كافية عن حجم الاستهلاك ومبيعات النفط في السوق المحلي بواسطة وزارة الطاقة ووزارة المالية اللتان تتوليان تسويق الوقود والمشتقات البترولية المنتجة محليًا، تتجه الطاقة لزيادة الإنتاج في ظل أزمة اقتصادية خانقة تواجه الحكومة الانتقالية.
محلل في الطاقة: قطاع النفط يُدار بمعزل عن الشفافية المؤسسية
ويشير مسؤول باتحاد أصحاب العمل السوداني في تصريح لـ"الترا سودان"، إلى أن الحكومة تربح ملايين الدولارات من مبيعات النفط في السوق المحلي بحجة تحرير أسعار الوقود، والتي لن تتوقف عند هذا الحد.
اقرأ/ي أيضًا: خالد عمر: مجلس الوزراء بدأ إصلاح جهاز المخابرات مع مجلس السيادة
وقال المسؤول إنه يتوقع موجة جديدة من تسونامي أسعار الوقود لأن الحكومة تبحث عن الحلول السهلة بالتالي الحديث عن زيادة الإنتاج لا يسنده منطق.
والشهر الماضي صرح وزير الطاقة جادين علي عبيد أن السودان أصبح مؤهلًا لتوطين صناعات النفط من حيث اكتشاف الحقول الجديدة وتصميم الخطوط الناقلة، مشيرًا إلى أن الحكومة الانتقالية تعتزم التدرج إلى مرحلة إنتاج (155) ألف برميل في اليوم خلال الخمسة أعوام القادمة.
لكن محللون في قطاع النفط يقولون إن هذا القطاع لم تطاله يد الإصلاحات، وظل بؤرة لعناصر النظام البائد، بالتالي لا يمكن تحقيق تقدم في الإنتاج دون إبعاد العناصر الموالية للدولة القديمة.
ويوضح عمار حسن وهو خبير قطاع نفطي لـ"الترا سودان"، أن خطة وزارة الطاقة إنتاج عشرة آلاف برميل يوميًا تحتاج إلى توضيحات عن المدى الزمني وعن الاستثمارات التي ستدخل القطاع وهي غالبًا أجنبية.
وأشار حسن إلى أن القطاع النفطي يُدار بمعزل عن الشفافية على الرغم من ثورة ديسمبر التي اندلعت لتحقيق دولة المؤسسات.
وأضاف: "العام الماضي أعلنت وزارة النفط إنتاج ثلاثة آلاف برميل بولاية النيل الأبيض من حقل الراوات كإضافة جديدة، لكن الشحنات يتم نقلها بواسطة الشاحنات لأن الآبار بعيدة عن خطوط النقل وهي عملية مكلفة ومعقدة".
وكان أيمن أبوالجوخ المدير العام للشركة السودانية للنفط "سودابت"، أعلن في تصريح لوكالة رويترز للأنباء في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، عن إنتاج ثلاثة آلاف برميل في حقل الراوات بولاية النيل الأبيض.
وفي آذار/ مارس الماضي أعلنت الحكومة تجهيز (26) مربعًا نفطيًا منها خمسة مربعات بحرية تغطي المياه الإقليمية والمناطق الساحلية للسودان في البحر الأحمر بهدف طرحها للاستثمار العالمي.
اقرأ/ي أيضًا: ارتفاع جديد بمعدلات التضخم
ومع تزايد رغبة الحكومة في التوسيع في الاستثمارات النفطية تبرز تساؤلات مهمة بواسطة محللين اقتصاديين وخبراء نفط عن بيئة الاستثمارات والإجراءات التعاقدية، في ظل شكاوى متصاعدة من انهيار الخدمة المدنية.
خبير في قطاع الاستثمارات: الوضع الحالي في البيئة الاستثمارية في السودان غير مقبول
ويقول مدثر أحمد خبير في قطاع الاستثمارات في تصريح لـ"الترا سودان"، إن البيئة الاستثمارية في السودان ما تزال في حاجة إلى إجراءات جديدة وحوسبتها مع كفاءات من طاقم التوظيف في المؤسسات، لأن الوضع الحالي غير مقبول.
ويستفسر أحمد عن مدى التزام الحكومة بتنمية مناطق إنتاج وقال إن الاحتجاجات الشعبية تزايدت مؤخرًا في مناطق النفط لأنها تعاني من آثار بيئية وشح التنمية.
وتابع أحمد: "ربما يحظى مستثمر النفط بحماية مباشرة من الحكومة لكن هناك ملفات أخرى أكثر تعقيدًا فيما يتعلق بسعر الصرف وتحويل الأرباح، ما زال الاقتصاد رغم ثبات الدولار الأميركي في السوق الموازي والمصارف يمضي بالطرق القديمة ولا توجد إصلاحات مؤسسية ملموسة".
وأردف: "قطاع النفط مثلًا يخصم تكلفة التشغيل من مبيعات النفط دون المرور عبر وزارة المالية المسؤولة عن ولاية المال العام، هذا يحدث لأن الطاقة لا تثق في تمويل الحكومة لتكاليف التشغيل والصيانة".
وزاد: "أي خطة لزيادة الإنتاج يجب أن تقابلها خطة إصلاحات هيكلية في قطاع النفط والوزارات الاقتصادية، علينا أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال".
اقرأ/ي أيضًا: سلطة أسواق المال: بورصة الذهب ستعمل على مكافحة التهريب
فيما يقول عمار حسن خبير قطاع النفط: "زيادة الإنتاج مرتبطة بسعة التخزين اليومية وهذه المشاريع يجب أن تكون فيها لوجستيات عالية جدًا ومكلفة جدًا وزيادة الإنتاج ليست تصريحات إعلامية بل خطط وتمويل".
مدثر أحمد: الحكومة الانتقالية قبل الحديث عن زيادة الإنتاج عليها أن تحسن قطاع النفط بإبعاد "الكارتيلات التي بقيت من الحرس القديم"
وأردف: "حاليًا السودان يعاني من تبعات صيانة مصفاة الجيلي سنويًا، ويتضرر قطاع الوقود بالأزمات على الحكومة أن تعمل على تجهيز السعات التخزينية جنبًا إلى جنب مع الإنتاج".
وقال حسن إن الحكومة الانتقالية قبل الحديث عن زيادة الإنتاج عليها أن تحسن قطاع النفط بإبعاد "الكارتيلات التي بقيت من الحرس القديم" في عهد المخلوع ويضيف: "يجب إزالة جميع التشابكات".
اقرأ/ي أيضًا
منتخب السودان يصل القاهرة لمواجهة مصر في بطولة العرب للسيدات
"حمدوك": حل قضية أبيي سيأتي عبر الحوار وضمان المصالح المشتركة