28-أكتوبر-2023
طفل بمركز النزوح في سنار

يعد الأطفال ضمن أكثر المتضررين من الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع

في مراكز إيواء  النازحين بولاية سنار التي تقع على بعد (360) كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم، يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم، وذلك مع انتشار الملاريا والإسهالات لدى الأطفال، مع نقص في الغذاء وانعدام للخدمات الصحية. في حديثها لـ"الترا سودان" تقول النازحة سعدية عثمان إنها منذ شهر لم تمر ليلة واحدة وهي لم تكن ساهرة مع أحد أطفالها نتيجة إصابته بالحمى.

وتابعت: "من المؤلم أن ترى طفلك يعاني من المرض ولا تستطيع أن تذهب به للطبيب المعالج"، موضحة أن كل أطفالها أصيبوا بالملاريا والإسهالات، وتشير إلى نقص في الغذاء إذ يتم توفير وجبة واحدة في اليوم، مما يجعل مقاومة المرض ضعيفة جدًا.

تعيش مئات الأسر في مراكز الإيواء بولاية سنار

سعدية عثمان نزحت إلى مدينة سنجة بولاية سنار من جنوب الخرطوم بأطفالها الخمسة لضمان حياتهم، وذلك بعد اشتداد القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني للسيطرة على منطقة جنوب الخرطوم في أيار/مايو الماضي.

تقول سعدية إن بعض الخيرين من سنجة ساعدوها في علاج أطفالها، مؤكدة على أن مركز الإيواء فيه يوميًا ثلاث إلى خمس حالات مرض إما بالملاريا أو الإسهالات، أكثرهم أطفال.

منذ اندلاع الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في نيسان /أبريل الماضي، تعيش مئات الأسر في مراكز الإيواء بولاية سنار جنوبي الخرطوم، إذا أن بولاية سنار (14) مركزًا؛ تسعة في مدينة سنجة وستة في  مدينة سنار.

مدرسة - مأوى نازحين في سنار
يقيم نازحون في مدرسة قابلات سنار

وبحسب آخر إحصائيات قامت بها المفوضية القومية بسنار في حزيران/ يوليو المنصرم، فإن النازحين بولاية سنار يقدر عددهم بحوالي (132) ألف، معظمهم فضلوا البقاء مع أقربائهم وذويهم ومعارفهم، فيما تحتضن مراكز الإيواء حوالي خمسة إلى ستة آلاف في حالة زيادة ونقصان.

الوضع في مراكز الإيواء في مدينة سنار لا يختلف كثيرًا عن مدينة سنجة؛ تروي فائزة حسن لـ"الترا سودان" معاناتهم في مركز الإيواء بمدرسة القابلات في مدينة سنار، وتقول: "يتم فقط توفير وجبة واحدة في اليوم للمركز من قبل مبادرة "سنار بيتنا"، ومن يستطيع يوفر لنفسه وجبة أخرى، ومن لا يستطيع  يكتفي بالوجبة الواحدة".

وأوضحت فائزة أن هناك نقص كبير في توفير الغذاء للمراكز، وكذلك نقص في توفير العلاج. وأشارت أيضًا إلى انتشار الملاريا والإسهالات وسط النازحين والنازحات، وبصورة أكبر وسط الأطفال.

البيئة غير ملائمة

تقول الناشطة المجتمعية نسيبة الإمام في حديثها لـ"الترا سودان" إن في مدخل أي مركز للإيواء "يكون لافتًا كمية الحشائش التي تبدو لطيفة من على البعد، ولكن كل ما اقتربت ترى وجهها الحقيقي، إذ ما هي إلا مياه راكدة والتي تعتبر ملاذًا للبعوض والذباب والحشرات التي تتبادل الأدوار في الهجوم على الفارين من الحرب، مما يجعلها بيئة أكثر عرضة للحميات الوبائية والإسهالات".

طفل نازح يقيم في مأوى للنازحين في مدينة سنار
يشتكي النازحون من الأوضاع البيئية في مراكز النزوح

وتضيف نسيبة أن الوضع العام اقتصاديًا جعل المبادرات الشبابية الشعبية لا تستطيع  توفير الغذاء للمراكز بالشكل المطلوب، إذ تقدم وجبة واحدة فقط، وهذا يزيد من المعاناة. وتؤكد أن المبادرات لم تعد تستطيع توفير الأسرة والأفرشة لهم جميعًا، إذا يعاني النازحون من نقص في الأسرة والنواميس والبطاطين، وهذا ما يزيد الوضع سوءًا، خصوصًا وأن فصل الشتاء قادم.

إهمال حكومي

في حديثه لـ"لترا سودان"، المتطوع في مراكز الإيواء بمدينة سنجة أحمد عبدالكريم هاجم حكومة الولاية، متهمًا إياها بإهمال الفارين من ويلات الحرب التي اشتعلت في منتصف نيسان/أبريل بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، موضحًا أن حكومة ولاية سنار ومحلية سنجة لم تقدم أي دعم لمراكز الإيواء، وكل الدعم الذي وصل المراكز كان من أهالي المدينة، وذلك عبر مبادرة غرفة الطوارئ بسنجة وشباب نهضة سنجة وشارع الحوادث سنجة.

أساسية حي الثورة بنات في ولاية سنار
يقيم بعض النازحين في أساسية حي الثورة بنات بولاية سنار

وحسب عبدالكريم تعاني مراكز الإيواء في مدينة سنجة من نقص في الغذاء إذ لا تستطيع تلك الجهود الشعبية سوى في توفير وجبة واحدة في اليوم، وسط نقص حاد في الدواء، خصوصًا بعد الانتشار الكبير للملاريا بالولاية. وتعاني المراكز -والحديث لعبدالكريم- من نقص في توفير الأسرة والنواميس إذ هناك عدد كبير من النازحين والنازحات ينامون على أفرشة على الأرض.

وتابع عبدالكريم: "كنا نود فقط أن تقوم الحكومة بالجانب الصحي من حملات رش الحشرات والبعوض، وكذلك توفير الدواء لهذه المراكز"، وتأسف أحمد من أن الحكومة تركز في دعم الحرب وتهمل المواطن البسيط الذي شردته الحرب.

الدعم الأهلي

تقول فائزة حسن لـ"الترا سودان" إنهم منذ قدومهم إلى مدينة سنار قبل خمسة أشهر، لم يتم تقديم أي دعم حكومي لهم، ولا حتى من قبل المنظمات؛ فقط يتم دعمهم من مبادرة "سنار بيتنا"، بجانب بعض سكان الحي الذين يعملون على توفير الوجبات، وأيضًا بمساعدة غرفة الطوارئ والمبادرات النسوية. وتشير حسن إلى أن مبادرة شارع الحوادث سنار يقومون بمساعدتهم في الفحوصات وتوفير الدواء، وتقول: "نقدر جهودهم في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية وعدم صرفهم للمرتبات ومنهم من فقد عمله".

نازحة: ما يصبرنا على العيش في تلك المراكز هو طيبة أهل سنجة ودعمهم المتواصل لنا طيلة الستة أشهر الماضية

وتؤكد ذلك سعدية عثمان، التي قالت إن أكثر ما يساعد في تقليل معاناتهم هو الدعم الأهلي والدعم الذي تقوم به منظمة شارع الحوادث بسنجة التي ساعدتها في الحصول على الدواء، وكذلك غرفة الطوارئ ومنظمة شباب نهضة سنجة التي تعمل على توفير وجبة كل يوم، وتضيف: "رغم المعاناة لكن ما يصبرنا على العيش في تلك المراكز هو طيبة أهل سنجة ودعمهم المتواصل لنا طيلة الستة أشهر الماضية، ومازالوا مستمرين في الدعم دون توقف أو انقطاع".

بانر الترا سودان