30-يناير-2024
مطابخ شرق النيل الجماعية

(مجتمع مطابخ شرق النيل)

يقدم متطوعون في "مجتمع مطابخ شرق النيل" الطعام بشكل يومي لآلاف المواطنين في المحلية الواقعة شمال العاصمة، وذلك بإقامة المطابخ الجماعية في عموم الأحياء المأهولة بالمدنيين.

عضو غرفة طوارئ شرق النيل مصعب محجوب: مجتمع مطابخ شرق النيل يتواجد في (150) منطقة في المحلية لتوفير وجبة أو وجبتين للسكان يوميًا 

صعدت المبادرات الاجتماعية في أحياء العاصمة الخرطوم لتوفير الطعام الجاهز للعالقين في مناطق الحرب منذ الأسابيع الأولى، لم يكن بالإمكان انتظار المعونات التي تقدمها المنظمات لأسباب تتعلق بانعدام الممرات الآمنة، إلى جانب البيروقراطية التي تتسم بها خطط المنظمات نفسها.

في الشوارع يقوم متطوعون بطهي الطعام في أحياء شرق النيل، ويعتمدون على نشر الإعلانات عبر حساب باسم "مجتمع مطابخ شرق النيل" على مواقع التواصل الاجتماعي. ويضع مجتمع مطابخ شرق النيل رقم حساب مصرفي للتحويل المالي لاستقبال التبرعات.

المقاومة.. نقطة تحول 

في عاصمة تشهد حربًا منذ تسعة أشهر، ومع توقف الحياة العامة ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص، لا يمكن بمقدور مئات الآلاف من المدنيين الحصول على الطعام بسهولة من هنا جاءت المبادرات الاجتماعية لتوفير الغذاء للمواطنين في تلك الأحياء المأهولة بالسكان.

من الأسباب التي ساعدت على تعزيز العمل الإنساني منذ اندلاع الحرب تحول هياكل تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم إلى غرف الطوارئ في سبع محليات تشكل العاصمة.

ويقول عضو غرفة طوارئ شرق النيل مصعب محجوب لـ"الترا سودان"، إن مجتمع مطابخ شرق النيل يتواجد في (150) منطقة في المحلية لتوفير وجبة أو وجبتين للسكان يوميًا.

ويوضح محجوب أن مطابخ شرق النيل الجماعية تعتمد على تمويل الأفراد والمنظمات الدولية. وأكد أن المطابخ تقوم على مبادرات اجتماعية لديها القدرة على الوصول إلى المدنيين في ظل الحرب القائمة في العاصمة الخرطوم.

ويرى مصعب محجوب أن المنظمات الدولية لا تملك الحلول للعمل المباشر على الأرض دون التنسيق مع غرف الطوارئ، لذلك ساعدت هذه الأجسام مئات الآلاف من المدنيين في العاصمة على تلقي الخدمات الصحية والوجبات الغذائية.

وأردف: "نموذج غرف الطوارئ يطبق أنظمة الحكم المحلي بالتعامل المباشر على الأرض مع المصالح التي تخص المواطنين؛ هذه الخبرات ستتراكم وستجعل السودانيين أكثر قدرة على إدارة شؤونهم العامة".

ويقر محجوب بتعرض أعضاء غرف الطوارئ للملاحقات الأمنية والمخاطر في الحرب، ومع ذلك يعمل العشرات في محلية شرق النيل على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

ويقول مصعب محجوب إن هناك انتهاكات تقع في المناطق التي يعمل فيها المتطوعون، ولم يجد مجتمع مطابخ شرق النيل مفرًا من التعامل مع قيادات قوات الدعم السريع لوقف تلك الانتهاكات التي تصدر من بعض عناصرها.

تجربة فريدة 

بندر المتطوع شرق العاصمة الخرطوم، قال لـ"الترا سودان" إن المبادرة المتعلقة بطهي الطعام وتوفيره للمواطنين ساعدت مئات الآلاف من المدنيين. بالنسبة لهؤلاء كان خيار مغادرة منازلهم صعبًا للغاية، ولا يمكن تجربة المشاعر المريرة التي تنتاب شخصًا لمغادرة منزله، بالتالي هذه المطابخ الجماعية على الأقل توفر الحل ولو وجبة واحدة خلال اليوم.

ولم يغادر مئات الآلاف من المواطنين العاصمة الخرطوم لصعوبة الحصول على مأوى في الولايات أو إجراءات متعلقة بصعوبة الحصول على تأشيرة السفر إلى دول الجوار، بينما الغالبية يواجهون صعوبات اقتصادية في تدبير نفقات السفر - وفقًا لعاملين في المجال الإنساني.

الاعتماد على الذات 

السر السيد الباحث في المجال الثقافي والاجتماعي قال لـ"الترا سودان" إن  الظروف الحالية الناتجة عن الحرب لها مدلول سياسي، وأظهر السودانيون قدرة على معالجة مشاكلهم فيما يتعلق بالغذاء دون الاعتماد بشكل كلي على الإعانات الدولية والمجتمع الدولي والإقليمي.

باحث: اعتماد السودانيين على أنفسهم في حل مشكلة الغذاء أثناء الحرب يعني أنهم قادرون على حل الإشكالات التي أنتجت الحرب

ويردف السر بالقول: "العمل الجماعي في توفير الغذاء في مناطق الحرب يؤكد أن الشعب السوداني باستطاعته حل الإشكالات التي أدت إلى الحرب من خلال نفس الأدوات رغم تغييب الفاعلين السياسيين والعسكريين للشعب السوداني من الحق في إدارة شؤونهم العامة".