في وضع أقل ما يوصف بأنه خارج الخدمة، يبذل متطوعون قصارى جهدهم للإبقاء على تشغيل غرفة العناية المكثفة في مستشفى النو بمدينة أم درمان، واستقبال مصابين بالأعيرة النارية ومقذوفات سقطت فوق منازلهم، أحدهم شاب بترت ساقه والثاني طفل مصاب بالشظايا والثالث شاب تلقى رصاصة في الظهر.
فعل متطوعون المستحيل لاستئناف تشغيل غرفة العناية المركزة عملها في مستشفى النو بمدينة أم درمان، بينما يعمل الطاقم الطبي متطوعًا دون أجر. ولكن وميض المقذوفات أثناء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع يمكن مشاهدته بوضوح من نوافذ المستشفى الحكومي الذي يقدم خدماته للعالقين بين القتال العنيف والمصابين جراء النزاع المسلح، كونه أحد أكبر المستشفيات في محلية أم درمان الكبرى.
مصدر طبي: مات مصابون جراء الرصاص والمقذوفات لأن المستشفى يفتقر لاختصاصي جراحة
وبينما كانت أصوات المدافع والقذائف تسمع قريبًا من المستشفى؛ يجلس متطوعون لتقييم الاحتياجات الطبية وهم يتصببون عرقًا في غرف تفتقر للتبريد اللازم. لا يهمهم هذا الأمر بقدر وصول الاحتياجات الدوائية والمعينات الطبية من مدن بورتسودان وشندي وصولًا إلى مصر عبر شمال السودان.
تقدم مبادرة شارع الحوادث مساعدات للمستشفى، فهذه المبادرة العريقة التي تعمل منذ سنوات خصصت صندوقًا ماليًا متواضعًا للمستشفى، لكن الاحتياجات التي توفرها تنقذ مصابي الشظايا والمقذوفات والرصاص عندما يصلون بالكاد إلى المستشفى في ساعات الظهيرة ومنتصف الليل.
وقال مصدر طبي لـ"الترا سودان": "مات مصابون جراء الرصاص والمقذوفات لأن المستشفى يفتقر لاختصاصي جراحة. لا يوجد ولا اختصاصي واحد! لا يمكن في وضع يتطلب التخصص أن تفعل شيئًا؛ بعض المصابين يموتون لعدم وجود اختصاصي جراحة عامة".
وفي مركز غسيل الكلى لم يكن الحال بأفضل سوى تحركات متطوعين قاموا بتشغيل المركز في أم درمان. وتوفي أربعة أطفال من مرضى غسيل الكلى لعدم توفر المعينات اللازمة الخاصة بغسيل الأطفال.
قال المصدر الطبي: "أغمضوا أعينهم! لم يكن هناك حل لأن المعينات متوفرة في بعض المستشفيات، مثلًا في الخرطوم بحري. والمنظمات الدولية التي يمكنها التحرك في هذه الظروف لم تقدم أجوبة لماذا لم تفعل ذلك؟ هم يعملون كل شيء لكنهم لا يقدمون سوى مساعدات طفيفة" - يضيف المصدر الطبي.
ويقول المصدر إن وزارة الصحة كانت يجب أن تكون متواجدة في هذه الظروف بتوفير اختصاصين، لأن جميعهم يتواجدون في الولايات.
أرسل "الترا سودان" هذه الشكاوى إلى وزارة الصحة الاتحادية لكن لم يُرد عليها.
وبينما تضع الحرب المستشفيات تحت الضغط جراء استقبال المصابين، فإن المتطوعين الذين يقومون بتوفير المعينات وحتى مساعدة الكوادر الطبية في جلب الأوكسجين وأوردة توصيل الدم وأكياس التعبئة، تشكل القيود الأمنية عقبة أمام حركتهم بسبب بعض التوقيف الأمني حتى في بعض الارتكازات والتحقيقات المكثفة.
قال المصدر الطبي: "إذا نزعنا الأجهزة عن المصاب في غرفة العناية المكثفة سيموت. نحن لا نريده أن يموت، يكفي ما شاهدناه خلال شهور الحرب ممن ماتوا أمامنا ونحن نقوم بتجهيز المعينات الطبية الشحيحة أو نبحث عن اختصاصي في الجراحة".