في العام 2017 أجاز برلمان عهد المخلوع قانونًا يسمح بتشكيل قوات الدعم السريع التي تشكلت من نواة عشائرية لقتال الحركات المسلحة في إقليم دارفور، وعقب الإطاحة بنظام البشير، بدأ وضع جديد للقوات حيث ضمت كابينة السلطة الانتقالية قادة هذه القوات فكيف حدث ذلك؟
محلل سياسي: "قحت" انكبت في التفاوض على السلطة بدلًا من هيكلة المؤسسة العسكرية أولًا
وفي الجمعة الماضية في تأبين أحد شهداء حركة أركو مني مناوي، خاطب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، التأبين، وتطرق إلى الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي في البلاد، محذرًا من خطورة الوضع خلال الفترة الانتقالية.
اقرأ/ي أيضًا: عرض مفصل لكتاب "أحمد أبوشوك" المعنون: "الثورة السودانية"
ولم يتردد حميدتي في الإدلاء بتصريح ظل يردده العسكريون كثيرًا عند اللحظات الأخيرة ما قبل الإطاحة بالمخلوع في مقر إقامته قرب ميدان الاعتصام في نيسان/ابريل 2019، وذكر دقلو أنه ظل أربعة أيام يسعى إلى التغيير منذ وصول المحتجين إلى مقر القيادة العامة للجيش، وذهب إلى أبعد من ذلك متهمًا أعضاء اللجنة الأمنية بالتخطيط لفض الاعتصام في أيامه الأولى في فترة ما قبل الإطاحة بالرئيس المعزول، وهي فترة تمتد من السادس وحتى العاشر من نيسان/أبريل 2019، وظل المخلوع متحصنًا باللجنة الأمنية والكتائب الأمنية التي كانت تهاجم الاعتصام ما بين إطلاق عبوات الغاز والرصاص الحي.
ويورد "الترا سودان" هذه المعلومات على خلفية تسريبات إعلامية عن وجود توتر بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم أن مستشار الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان القائد الأعلى للجيش، نفى وجود توترات. كما لحقه متحدث الدعم السريع العميد جمال جمعة بالتصريح نافيًا وجود توترات بين الجيش والدعم السريع.
لكن قيادي في قوى الحرية والتغيير شارك في المفاوضات مع المجلس العسكري في آب/أغسطس 2019، أكد في تصريح لـ"الترا سودان"، وجود خلافات بين الجيش والدعم السريع، لكنه اعتبرها توترات لم تقترب من مرحلة المواجهة.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أشار في خطاب أمام تخريج قوات من الدعم السريع قبل شهرين، أن هذه قوات تؤدي دورها كاملًا، رافضًا انتقادها، لكنه أكد أيضًا أن مصيرها الدمج في جيش موحد.
بينما ينوه عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير محمد الهادي، في تصريح لـ"الترا سودان"، إلى أن التوترات بين الجيش والدعم السريع برزت إلى السطح عقب تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو نهاية الأسبوع الماضي في أم درمان.
وقال الهادي إن حميدتي بدا عليه التوتر بشكل كبير ولم يحاول إخفاء المعلومات.
وقال محمد الهادي إن جميع أطراف الوثيقة الدستورية "قحت- المكون العسكري- حركات الكفاح المسلح"، يتحملون مسؤولية معالجة الوضع الأمني والعسكري وصولًا إلى جيش موحد بناءً على اتفاق سلام جوبا.
اقرأ/ي أيضًا: إلى أين يمضي "اعتصام العدالة"؟
وينص اتفاق سلام جوبا على دمج مقاتلي الحركات المسلحة في المؤسسة العسكرية التي تتشكل من أربعة تشكيلات وهي الجيش - الدعم السريع - جهاز المخابرات - الشرطة، وبالتالي أصبحت قوات الدعم السريع وفقًا لاتفاق السلام والوثيقة الدستورية طرفًا في المؤسسة العسكرية، ما يعني أن عملية دمجها في الجيش يحتاج إلى تشريعات جديدة على ما يبدو.
قيادي بالحرية والتغيير: أطراف المؤسسة العسكرية في البلاد تعلم تمامًا أن القوى الشبابية التي تقود حركة الاحتجاجات تطالب بتشكيل جيش موحد وترفض تعدد الجيوش
وكان رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة الفريق عثمان أحمد الحسين أعلن في مقابلة مع قناة النيل الأزرق الأسبوع الماضي، أن قوات الدعم السريع أنشئت بموجب قانون أجازه البرلمان في العام 2017، وهي قوات تتبع إلى القائد العام للجيش.
ويوضح عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أن جولة وفد المجلس المركزي عقدت لقاءات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي ونائبه ورئيس الوزراء بشكل منفصل، تطرقت إلى ضرورة إزالة الصعوبات التي تواجه الفترة الانتقالية ومن بينها التحديات الامنية وتسريع تنفيذ اتفاق سلام جوبا.
وتابع: "المطلوب تشكيل جيش موحد وهذا لا يتحقق بين ليلة وضحاها. لا بد من عدم الاستعجال وعدم التأخير في نفس الوقت، أي العمل وفقًا لخارطة طريق متوافق عليها بين جميع الأطراف".
من ناحيته يشير قيادي في قوى الحرية والتغيير مشترطًا حجب اسمه، إلى أن أطراف المؤسسة العسكرية في البلاد تعلم تمامًا أن القوى الشبابية التي تقود حركة الاحتجاجات تطالب بتشكيل جيش موحد وترفض تعدد الجيوش، بالتالي لا يمكن لأي طرف عسكري أن يقدم على تطورات ميدانية في هذا الوقت.
وتابع: "رغم وجود توترات إلا ان هناك توازن بحيث لا يستطيع أي طرف ارتكاب مغامرة والانقلاب على السلطة الانتقالية".
بينما يرى المحلل السياسي عبدالله آدم أن قوى الحرية والتغيير عندما انخرطت في المفاوضات مع المكون العسكري في آب/أغسطس 2019، تغاضت عن ملف مهم وهو بند الترتيبات الأمنية واتجهت إلى تقاسم السلطة.
وأجرى "الترا سودان" اتصالات هاتفية بمتحدثي القائد العام للجيش وقوات الدعم السريع ولم يجيبا على الاتصالات، فيما أشار المحلل العسكري اللواء أمين اسماعيل مجذوب في تصريح لـ"الترا سودان"، إلى أن التسريبات الإعلامية أشارت الى وجود توترات بين الجيش والدعم السريع، لكنهما نفيا وجودها بالتالي لا نملك معلومات ظاهرية عن هذه التوترات وطبيعتها.
اقرأ/ي أيضًا: القوات السودانية الليبية المشتركة تضبط 177 عربة مهربة للسودان
وأضاف المحلل السياسي عبدالله آدم لـ"الترا سودان": "كان المطلوب في آب أغسطس من "قحت" والمكون العسكري التفاوض على هيكلة المؤسسة العسكرية بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، وتوقيع اتفاق السلام مع الحركات المسلحة والانتقال إلى مائدة مستديرة وحل الأزمة السودانية في حزمة واحدة بدلًا من تقسيط الحل وإنتاج الأزمات".
محلل سياسي: كان من السهل الضغط على الدعم السريع قبل عامين
وتابع: "ما كان يجب أن تفعله قبل عامين لن تستطيع أن تفعله الآن؛ لقد تغيرت الأوضاع على الأرض ومن الصعب تحقيق ترتيبات أمنية جذرية دون عملية سياسية عميقة جدًا ومتجردة من الانتماءات".
اقرأ/ي أيضًا
أسر الشهداء: "غاضبون" و"ملوك الاشتباك" ليسوا مخربين وبينهم أصحاب أغراض
الحكومة تدفع بمقترح لتفادي الخلافات حول المشورة الشعبية في مفاوضات جوبا