تحتجز السلطات المصرية العشرات من الشباب السودانيين في سجن السلوم منذ شهورٍ عديدة، حيث يشتكون من تعرضهم للتعذيب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بدون تقديمهم للمحاكمة أو أي إجراءاتٍ تضمن حقوقهم.
تم احتجاز الشباب لفتراتٍ طويلة في ظروفٍ غير إنسانية، حيث قضى بعضهم تسعة أشهر وأكثر داخل السجن دون تقديمهم لمحاكمات أو إطلاق سراحهم
وحسب معلومات وردت لـ"ألترا سودان"، فإن الشباب المحتجزين تفوق أعدادهم (200) شخص من أعمارٍ مختلفة تم القبض عليهم في أوقاتٍ متفرقة أثناء محاولتهم للتسلل عبر الحدود المصرية لدولة ليبيا، وتم احتجازهم لفترات طويلة في ظروفٍ غير إنسانية، حيث قضى بعضهم تسعة أشهر وأكثر داخل السجن دون تقديمهم لمحاكمات أو إطلاق سراحهم، مع وعودٍ بترحيلهم إلى السودان، في ظل تجاهلٍ تام من السلطات السودانية والسفارة السودانية في القاهرة.
وحسب الناشط ميسر نوراي، الذي كان على اتصالٍ بالشباب المحتجزين وهم داخل السجن، فإنهم قد "تم القبض عليهم من جانب الجيش المصري وتم تسليمهم للشرطة في مرسى مطروح وهم حاليًا في سجن السلوم"، المدينة الصغيرة الواقعة على الحدود المصرية الغربية مع ليبيا.
ويفيد نوراي بأن الشباب الذين تواصلوا معه من داخل السجن، كانوا قد عبّروا له عن يأسهم من إطلاق سراحهم، وذلك لأنهم عندما تم ترحيلهم تفاجؤوا بالعدد الكبير من الشباب السوداني القابع في السجن منذ شهورٍ طويلة، دون أي تحركاتٍ جادةٍ من السلطات السودانية أو سفارة السودان في القاهرة لإنقاذهم من الظروف غير الإنسانية التي يعيشون فيها، حيث يتكدسون بالعشرات في عنابر صغيرة لا تكفي لعدة أشخاص عدا عن أعدادهم التي تجاوزت المئتي شاب سوداني، خصوصًا مع ظروف تفشي جائحة كورونا.
وقال ميسر إن الشباب يتعرضون لتعذيبٍ مستمرٍ بالضرب والتنكيل، ويتم إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع عليهم بين الفينة والأخرى، وإنهم أطلقوا نداء استغاثة عبره للسلطات السودانية لتلتفت لأمرهم، حيث وصف ما يتعرضون له بالانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية.
وعند سؤال "ألترا سودان" لنوراي عن كيفية تواصله بهم، أجاب الناشط من شرق السودان، بأن سلطات السجن عندما لاحظت تجاهل الجميع لهؤلاء الشباب، صارت تعاملهم بنفس الطريقة التي يعامل بها تجار البشر الليبيين المحتجزين عندهم، حيث يأخذون منهم الرشاوي للسماح لهم بالتواصل مع ذويهم، أو لتوفير أبسط الخدمات مثل المياه الصالحة للشرب وغيرها، وأضاف: "انقطعت أخبارهم عني منذ يوم الجمعة الماضية، حيث قالوا إن مجموعات كبيرة من القوات المصرية المجهزة بالهراوات والسلاح تتجمهر أمام السجن بغرض اقتحامه".
وكان الشباب قد أطلقوا نفس نداء الاستغاثة عبر قناة بلدنا السودانية على "يوتيوب"، حيث اشتكوا من الظروف والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرضون لها، حيث صرّح أحدهم بأن أعدادهم فاقت المئتين، ويتكدسون بالعشرات منذ شهورٍ طويلة في عنابر ضيقة يشربون فيها مياه الصرف الصحي بدون أدنى التفاتٍ من السفارة السودانية لأوضاعهم، حيث طالبوا السلطات السودانية بالتدخل.
الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد كانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات قد وثقت لحادثة مشابهة في أيلول/سبتمبر من العام 2018، حيث أفادت المفوضية بأن السلطات المصرية تحتجز "عشرات من ملتمسي اللجوء ومهاجرين غير نظاميين أثناء محاولتهم الهجرة من مصر بشكلٍ غير رسمي إلى ليبيا عن طريق الحدود المصرية الليبية" وقالت إن من بينهم أكثر من (85) سودانيًا، محتجزين في ظروفٍ في غاية السوء، حيث أن جميع المحتجزين ينامون على الأرض مباشرة داخل سبع زنازين ضيقة، ممنوعين من التواصل مع العالم الخارجي. وأضافت: "الطعام المقدم لهم هو ثلاثة أرغفة وقطعتي جبن كل يوم للفرد الواحد، ويتم ملء زجاجات مياه للشرب من الحمام، ولا يوجد أي أدوات نظافة شخصية، مما تسبب في انتشار الحشرات داخل الزنازين وإصابة العديد من المحتجزين بأمراض جلدية خطيرة"، حسب تعبير المفوضية.
تمكن الشباب السوداني من إطلاق سراح وليد عبر حملة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ومظاهرات للضغط من أجل إنقاذه من نظام الدكتاتور في مصر
وتعيد الحادثة للأذهان قضية الشاب وليد عبد الرحمن؛ الطالب السوداني الذي تعرض للاعتقال ثم أجبر بواسطة السلطات المصرية على تسجيل اعترافٍ تحت التعذيب بث في أحد القنوات التلفزيونية المصرية، يقر فيه بمشاركته في المظاهرات التي دعا إليها المقاول والفنان المصري المنشق محمد علي، لإسقاط نظام السيسي. والذي تمكن الشباب السوداني من إطلاق سراحه عبر حملة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي ومظاهرات أمام السفارة المصرية في الخرطوم، للضغط على الحكومة السودانية للتحرك وإنقاذه من المصير المظلم الذي كان ينتظره على يد نظام الدكتاتور في مصر، وهو ما يأمل في تحقيقه الشباب السودانيون المحتجزون الآن في سجن "السلوم".