عقب استيلاء الجيش على السلطة في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 بالانقلاب على الفترة الانتقالية وتقويضها، تفجرت الأوضاع بصورة غير مسبوقة لتشهد البلاد أزمة سياسية خانقة.
أدى الانقلاب لتعطيل الوثيقة الدستورية التي تنص على انتهاء مدّة الانتقال بإجراء انتخابات شعبية إيذانًا ببدء عملية التحول الديمقراطي. فما مصير التحول الديمقراطي الآن في السودان، وما هي مطلوبات تحقيقه؟ تختلف الإجابات باختلاف المجيب، نستعرض هنا وجهات نظر وتحليلات عدد من الأحزاب السياسية والقوى الثورية حول مستقبل السودان.
حزب المؤتمر السوداني
يرى نور الدين بابكر القيادي بقوى الحرية والتغيير -مجموعة المجلس المركزي- الناطق باسم حزب المؤتمر السوداني، بأن هناك أمران للوصول للتحول الديمقراطي. أولًا، تهيئة الأوضاع، وذلك يتم عبر توفير السلام والاستقرار السياسي بالبلاد، ثم الإصلاحات الاقتصادية وتفكيك تمكين النظام. وكذلك عبر إصلاح المؤسسات المدنية والعسكرية. اعتبر بابكر أن كل هذه القضايا رئيسية، إضافة لمحور العلاقات الخارجية.
الناطق باسم المؤتمر السوداني: ندعم الحوار المدني-العسكري الذي يفضي لإصلاح المؤسسات العسكرية ويخلي العسكر من الحياة السياسية بالكامل
الأمر الثاني المهم حسب بابكر لتحقيق التحول يتمثل في آلية التحول المدني الديمقراطي: "نتحدّث عن حكومة مدنية تُشكَّل عبر جبهة شعبية واحدة من قِوَى الثورة تضطلع بهذه المهام خلال الفترة الانتقالية وبنهايتها تجرى انتخابات حرة ونزيهة".
هكذا يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير أن الخطوة الأولى لتحقيق التحوّل تتمثل في دحر الانقلاب العسكري واسترداد الحكومة المدنية: " هناك مهمتان أساسيتان هما إسقاط الانقلاب وبعده تكوين حكومة مدنية تقوم بمهام محددة تنتهي بانتخابات حرة ونزيهة" يقول بابكر.
شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار
ويشدد القيادي بالمؤتمر السوداني على أهمية إجراء حوار مدني بين المكونات المدنية كلها يتم فيه الاتفاق على المطالب، بجانب حوار مدني-عسكري يقوم على تنظيم العَلاقة بين المدنيين والعسكريين خلال الفترة الانتقالية.
ويقول الناطق باسم المؤتمر السوداني، إنهم يدعمون الحوَار المدني-العسكري الذي يفضي لإصلاح المؤسسات العسكرية ويخلي العسكر من الحياة السياسية بالكامل.
حزب الأمة القومي
يتفق د. محمد المهدي حسن، الأمين السياسي لحزب الأمة القومي والقيادي بقوى الحرية والتغيير مجموعة المجلس المركزي، مع بابكر في أن مطلوبات التحول الديمقراطي تبدأ باستعادة مسار الفترة الانتقالية بإنهاء الانقلاب وآثاره والعودة للشراكة بأسس جديدة وإعادة العمل بالوثيقة الدستورية.
الأمين السياسي لحزب الأمة القومي: ممكن الشارع يقبل الحوار، وليس بيننا حرب، بل اختلفنا في بعض الأشياء والشريك الثاني استولى على السلطة
يقول حسن: "من ثم علينا المضي قدمًا في استكمال مهام الفترة الانتقالية خاصة قيام المجلس التشريعي، مع تقييم أداء التجربة في الفترة الماضية لتحديد مكامن الخلل قبل الذهاب إلى المرحلة التالية".
اقرأ/ي أيضًا: تنظيمات تدين العنف بحق المتظاهرين في مليونية 13 يناير
وأشار حسن إلى أن عدم حسم عدد من الملفات، أبرزها مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، والتي هي "بمثابة الصخرة التي تتحطم عندها الآليات".
ويرى حسن أن المخرج من الأزمة يأتي عبر حوار يشمل كل المكونات للوصول للتحول، بجانب تعزيز ما تم خلال الفترة السابقة كاستكمال سلام جوبا ومراجعة القوانين كقانون مفوضية الانتخابات.
ويصف حسن مطالب المتظاهرين الرافضة للتفاوض والحوار والشراكة بالـ"لاءات العدمية" بقوله: "ممكن الشارع يقبل الحوار، وليس بيننا حرب، بل اختلفنا في بعض الأشياء والشريك الثاني استولى على السلطة، وليس هناك تواصل بيننا".
تجمع المهنيين
يحدد وليد علي الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين مطلوبات التحول الديمقراطي باستعادة السلطة المدنية الكاملة ومن ثم تشكيل مجلس تشريعي ثوري وإنشاء أجهزة عدلية مستقلة ونزيهة، إضافة لمحاسبة كل من أجرم في حق الشعب السوداني وتسليم المطلوبين للمحكمة الدولية.
ويشير علي إلى أن المطلوبات تتضمن دمج كافة القوات في جيش وطني موحد بعقيدة وطنية، بجانب تحقيق السلام المستدام، وتفكيك تمكين النظام البائد، وإصلاح الخدمة المدنية وقانون النقابات الفئوي انتهاءً بقيام المؤتمر دستوري.
عضو بلجان المقاومة: وحدة القوى الثورية ضرورة لكي تتواثق على خارطة طريق تحقق مطلوبات التحول الديمقراطي
ويؤكد على أن تحقيق المطلوبات في حاجة لمزيد من التصعيد لإسقاط الانقلاب وفق الشعارات التي دفعت بها الجماهير المتمثلة في 'لا تفاوض لا شراكة لا شرعية'، ويمضي قائلًا: "نعمل في الأيام القادمة على مزيد من تنظيم الصفوف الثورية من أجل التصعيد الثوري، لأن التحول الديمقراطي يحتاج لإسقاط الحكومة الحالية واستمرار الحكومة الحالية لا يقود إلى تحول ديمقراطي ونحتاج لحكومة جديدة تقودنا نحو الانتقال وفق ما يتم التوافق عليه لمهام محددة وفي مدة محددة".
لجان المقاومة
يعتقد مصطفى حسين عضو لجان المقاومة - إحدى المكونات التي تقود الحراك الجماهيري - أن وحدة القوى الثورية ضرورة لكي تتواثق على خارطة طريق تحقق مطلوبات التحول الديمقراطي.
ويؤكد حسين في حديثه لـ"الترا سودان": "لجان المقاومة ستقوم بهذا الدور من أجل توحيد كل اللجان في إعلان سياسي واحد توقع عليه كل تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم والولايات كخطوة أولى. ونحدد الرؤية للإعلان ومن ثم الجلوس لمناقشته وتوقيعهم على الإعلان السياسي".
اقرأ/ي أيضًا: أجسام مهنية ونقابات تدعو للعصيان المدني والإضراب السياسي
يضيف حسين أن لجان المقاومة تعمل كذلك على "التباحث مع الأجسام المطلبية والتنظيمات السياسية والحركات المسلحة التي تدعم إسقاط الانقلابيين، مع وضع تفاصيل للإعلان السياسي وإخراج المنظومة العسكرية من دائرة الفعل السياسي".
ويشير حسين إلى أن أبرز ما يتضمنه الإعلان السياسي عدم مشاركة الأحزاب السياسية في الجانب التنفيذي بعد إسقاط الحكومة الانقلابية، وتختلف من حكومة تكنوقراط.
ويرى عضو لجان المقاومة أن هناك ضرورة لتحديد فترة انتقالية جديدة عقب إسقاط الحكومة الانقلابية يتحقق فيها السلام الشامل مع الترتيب التام لقيام الانتخابات.
عضو بلجان المقاومة يؤكد رفضهم لأي حوار مع المنظومة الحالية
ورفض عضو لجان المقاومة أي اتجاه للحوار مع المنظومة الحالية ،وأضاف:" إذا كان ثمة حوار سيكون فقط في كيفية خروج الجيش من الفعل السياسي، ولكن حوار لترتيب المشهد من جديد والعودة للشراكة مرفوض تمامًا". ويؤكد حسين على أهمية تحقيق عدة مطلوبات بغية الوصول للتحول الديمقراطي كتفكيك بنية النظام البائد ومراجعة الأخطاء السابقة، بجانب هيكلة المؤسسات المدنية بصورة حقيقية.
من جانبه يدعو أحمد عبدالحكيم خالد، عضو لجان المقاومة ريفي محلية كرري بولاية الخرطوم، لأهمية التفاوض بين المكونات المدنية لتحقيق التحول الديمقراطي، ويضيف: "العسكر يمكن أن يتم التفاوض معهم في طريقة هيكلتهم أما التفاوض معهم على السلطة أمر خاطئ، لأن لديهم مهام محددة دستوريًا بحماية البلاد والدستور، ومسألة الحكم والإدارة تترك للمدنيين، ومن خلال تجربة الشراكة الماضية لا نثق في أن يقودنا العسكر للتحول الديمقراطي".
اقرأ/ي أيضًا
حوار | التوم هجو لـ"الترا سودان": هذه أول ثمار تصحيح مسار الثورة