اختتمت قوى الحرية والتغيير بعد جهد قائمتها الوزارية وشملت تلك القائمة في من شملت أعضاء من لجنة ترشيحات الوزراء نفسها، وهي امتداد لعقل سياسي فاق الإنقاذ نفسها في التهافت السلطوي، وتدني قيم ومعاني إدارة الدولة.
لم تقم الثورة لمثل هذا التهافت على مواقع الحكم، إنما قامت لأهداف اهمالها لن يؤدي إلا للسماح لمنسوبي العهد البائد بالعودة مجددًا
غيب البعض عن عمد معايير الاختيار حتى يتيحوا لأنفسهم فرصة التسلق للمنصب الوزاري، وتناسوا أن لجهاز الدولة قواعد مختلفة عن النشاط السياسي، فكيف يمكن إصلاح مثل هذه العلل المستعصية عند القوى السياسية، التي لا ترى في السلطة سوى سباق للفوز بالمقاعد الوزارية دون تقدير أو تفكير أو تدبير لما يفيد الناس؟
اقرأ/ي أيضًا: "الطاقة" تُعلن ضح كميات من الوقود والغاز إلى العاصمة والولايات
كم عدد من تقدموا بشكاوى من أحزاب ومنسوبي القوى السياسية المختلفة تتصل بالتشكيل الوزاري، وممن طلبوا الوظائف لأنفسهم، لو أتيح لرئاسة الوزراء الحديث عن هذه المسألة لهال الناس هذا التدافع المحموم لمواقع السلطة ولعلموا عمق ورطتنا، وهشاشة تلك القوى التي تفككت أوصالها طلبًا للمواقع.
طالبنا من قبل بإدارة المرحلة باختيار الجميع وتسميتهم لحكومة من كوادر متجردة من الانتماء الحزبي، ومن العناصر الوطنية الصلبة لتتصدى لمهام الثورة وتنجزها، وعلى رأسها تطهير جهاز الدولة من عناصر النظام البائد الذين تسوروا المواقع بالقفز بالزانة، ولأن هذه المرحلة المعقدة لا يمكن أن تديرها القوى السياسية وهي ستنتهي بانتخابات فيما بينها، وهذه من البديهيات في سنن الانتقال ونوافله، هرولت القوى السياسية نحو مواقع السلطة وتفككت عرى تحالفاتها، ومضى عام ونصف لم تنجز خلالها شيئا ملموسًا، وها هي الآن تقاتل وتصارع للفوز بالمقاعد، بينما تتعاظم المخاطر وتحيط بالجميع.
كيف يمكن فهم فقدان عشرات الأرواح والإصابات والنزوح الجماعي في الجنينة، وكيف يمكن احتلال مقار لجان إزالة التمكين في بورتسودان والقضارف في وقت متزامن، دون أن يكون ذلك من شواغل هذه القوى التي تجتمع وتنفض اجتماعاتها دون أن تناقش هذه الوقائع المتشابكة، لا سيما إذا قرئت على نحوها الصحيح مع ما حدث في ولاية نهر النيل من تعد على واليتها وعلى ممثلة المجلس السيادي!
مجلس الشركاء هذا الجسم الفضفاض الذي أنشئ بمخالفة نصوص الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا، والذي يضع الجداول الزمنية بينما ممثليه تشققت أجسامهم، فعطلوا لأشهر تسمية المرشحين للوزارة، كيف يحدد تشكيل مؤسسات الدولة وفق جداول زمنية بينما كل تنظيمات ممثليه تتصارع فيما بينها لنيل مواقع السلطة، وتتجاهل ما يحدث في البلاد من فتن وفوضى؟
لم تقم الثورة لمثل هذا التهافت على مواقع الحكم، إنما قامت لأهداف اهمالها لن يؤدي إلا للسماح لمنسوبي العهد البائد وأعوانهم بإحداث المزيد من الكوارث وإغراق البلاد في الدماء.
من شروط واستحقاقات العبور بالبلاد تجسيد شعاراتها فعلًا وقولًا، وعلى رأس ذلك المحاسبة والعدالة، وتطهير جهاز الدولة وإعادة تنظيمه، والتخلي عن مفاهيم الدولة البائدة وعلى رأسها التسابق بغير فهم أو وعي للمناصب، ولن يتم ذلك فيما أرى بمثل هذا التدافع نحو مواقع السلطة، حتى ممن كانت مهمتهم تسمية المرشحين، فرشحوا أنفسهم سعيًا لاحتكار المواقع بصغر نفس لا يجاريهم فيه أحد.
المطلوب برنامج لإدارة المرحلة الانتقالية متوافق عليه، واعتماد معايير اختيار واضحة تناسب إدارة الدولة، وليس سباق قوائم للفوز بالمنصب الوزاري، الدولة ليست جائزة يتنافس الناس لنيلها إنما هي مسئولية تخص ملايين البشر، وتحتم أن يقدم لها من يستحق بجدارته نيل مواقعها.
فلنجنب البلاد مخاطر الفوضى ولنحسن إدارة المرحلة بتقديم من يناسبونها من كوادر متخصصة، تجيد العمل في جهاز الدولة وتتقن مهاراته
بالتأكيد، لن يصبر الناس كثيرًا على تحايل القوى السياسية والحركات العسكرية وتسابقهم المكشوف للمواقع، فلنجنب البلاد مخاطر الفوضى ولنحسن إدارة المرحلة بتقديم من يناسبونها من كوادر متخصصة، تجيد العمل في جهاز الدولة وتتقن مهاراته.
اقرأ/ي أيضًا
مسؤول يحذر من هدوء هش بالجنينة وارتفاع عدد النازحين إلى (80) ألفًا
منظمات تعبر عن قلقها من مشاركة واسعة للأطفال في الاحتجاجات الأخيرة