11-أكتوبر-2022
منشط لاتحاد الصحفيين السودانيين

جانب من تدشين بطاقة عضوية الاتحاد الدولي للصحفيين

استأنف الاتحاد العام للصحفيين السودانيين نشاطه السبت الماضي بمقر صحيفة "المستقلة" في الخرطوم، بعد توقف دام ثلاث سنوات. ودشن الاتحاد نشاطه باستخراج وتجديد بطاقات الاتحاد الدولي للصّحفيين وبطاقات اتحاد الصحفيين العرب وتجديد البطاقات المحلية المتوقفة منذ ثلاثة أعوام.

كاتب صحفي لـ"الترا سودان": عودة اتحاد الصحفيين السودانيين لا تنفصل عن "طبيعة الصراع حول السلطة" منذ انقلاب البرهان

وجُمّد نشاط الاتحاد العام للصحفيين السودانيين رسميًا في 2019، فيما يواجه رئيسه الصادق الرزيقي بلاغات ما تزال قيد النظر أمام النيابة بسبب هروبه من البلاد إلى تركيا.

أجندة غير رسمية

نوّه رئيس القاعدة الصحفية المستقلة المكلف الدكتور طارق عبدالله بما وصفه بـ"المفهوم المغلوط" بشأن عودة الاتحاد. وأوضح في حديث لـ"الترا سودان" أن الاتحاد لم يُعد كجسم، بل جاءت عودته في إطار ممارسة بعض الأجندة بصورة "غير رسمية" شأنه شأن نقابة الأجسام الثلاثة - على حد قوله.

وتابع عبدالله موضحًا أن عودة الاتحاد مرهونة بقرار سيادي برفع التجميد عن النقابات والاتحادات وتكوين لجنة تسيير تجهز الساحة الصحفية للانتخابات واختيار مكتب تنفيذي جديد.

وأشار عبدالله إلى أن الحراك الحالي للاتحاد يصب في اتجاه جمع عضويته والإحاطة بهم وتجهيزهم للانتخابات. ولفت إلى أن الاتحاد "معترف به خارجيًا" لأن القانون الدولي يمنع أي إجراءات تعسفية أو تدخل سياسي في عمل الاتحادات والنقابات وعليه يرى قرار التجميد الذي أصدره البرهان "مخالفًا للقانون الدولي" - وفقًا لعبدالله.

وأردف عبدالله: "الاتحاد القديم انتهى دوره بانتهاء دورته بالتغيير الذي طرأ على البلاد، ولذلك لا عودة له إلا من خلال انتخابات قانونية ويبقى ما قام به تنشيط وتذكير بوجوده".

https://t.me/ultrasudan

وزاد: "من جانبنا نرى أنه قدم أكثر مما ينبغي أن يقوم به من اهتمام بالعضوية وتوفير السكن والمشروعات والتأمين الصحي والعلاج وغيرها من المشروعات المعروفة للوسط". وتابع قائلًا: "لكن هناك واقع جديد يجب التعاطي معه وهو واقع التغيير الذي حدث بالبلاد".

واجهة للمؤتمر الوطني

ومن جانبه، أشار عضو نقابة الصحفيين السودانيين علاء الدين بابكر إلى "الطابع السياسي" لعودة الاتحاد وقال إنها تُقرأ ضمن الجو العام للانقلاب.

وأضاف بابكر في حديثه لـ"الترا سودان" أن ما حثّ الاتحاد على العودة هو تراخي سُلطة الانقلاب والمساحات التي منحتها لمنسوبي المؤتمر الوطني وواجهاته. ومضى بالقول: "اتحاد الصحفيين واجهة من واجهات حزب المؤتمر الوطني، ولم يطالب قط بحقوق الصحفيين، بل كان ينتفع منه منسوبو المؤتمر الوطني من الصحفيين وغير الصحفيين"، مشيرًا إلى أن عودة الاتحاد "أمر متوقع" في جو الانقلاب، متوقعًا "عودة اتحادات وواجهات مهنية أخرى إلى العمل".

بابكر: اتحاد الصحفيين واجهة من واجهات حزب المؤتمر الوطني ولم يطالب قط بحقوق الصحفيين

وأردف: "خطوات اتحاد الصحفيين لن تمضي قدمًا لأنهم خاطبوا الصحفيين بتوفير خدمات، وطوال العقود الماضية لم ينل خدماتهم سوى عناصر المؤتمر الوطني"، لافتًا إلى أن الصحفيين "عايشوا ذلك ويعونه جيدًا".

وزاد بابكر: "نقابة الصحفيين السودانيين أنشئت في جو ديمقراطي حر، واختار الصحفيون وانتخبوا من يمثلهم". وأضاف أن جميع الجهات التي تؤمن بالديمقراطية أثنت على نجاح العملية الديمقراطية، لافتًا إلى أن حق تكوين النقابات هو "حق أصيل" يعود إلى ممارسي المهنة وأن عدم رضا عدد من الصحفيين عن النقابة الحالية "أمر مفهوم"، مستدركًا أنه "لا يطعن في مصداقية العمل الديمقراطي الذي كوّن النقابة".

وبشأن الجدل بين النقابة والاتحاد، قال بابكر إن الاتحاد في الأصل يتكون من مجموعة نقابات ووظيفته الأساسية تطوير المهنة، فيما تهتم النقابة بحقوق الصحفيين. وأوضح أنه لا مانع من تكوين اتحاد صحفي حر في إطار عملية ديمقراطية وإيكال مهام تطوير المهنة إليه، لافتًا إلى أن الجدل الحالي "جدل سياسي غير نقابي"، ومشيرًا إلى أن الاتحاد السابق "واجهة لنظام المؤتمر الوطني" - على حد وصفه.

صراع السلطة بالبلاد

وفي السياق نفسه، يرى الكاتب الصحفي والمُحلل السياسي عبدالناصر الحاج أن الأحاديث الدائرة حول السماح لاتحاد الصحفيين السودانيين المحلول بالعودة إلى ممارسة أعماله، رغم الضجة الكبيرة التي أحدثتها عملية انتخاب نقابة الصحافيين التي قال إنها حظيت بـ"إشادة كبيرة" من قطاعات مهنية وقوى سياسية عديدة داخل السودان، فضلًا عن إشادة من قبل غالبية البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الخرطوم وحتى داخل مجلس الأمن الدولي من خلال التقرير الذي قدمه مؤخرًا المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس – بالإشارة إلى كل ذلك يرى عبدالناصر أن عودة الاتحاد لا تنفصل عن "طبيعة الصراع حول السلطة" منذ أن تسلم المكون العسكري زمام السلطة بانقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر وأنهى بموجبه التأسيس الدستوري المتفق عليه مع قوى الثورة في آب/أغسطس 2019.

وتابع الحاج في حديثه لـ"الترا سودان": "في تقديري السلطة الانقلابية مواجهة برفض سياسي شديد من قبل كل مكونات قوى الثورة السودانية، ولذلك اتجهت لاتخاذ منهج صناعة واجهات موازية لكل الأجسام المهنية والشبابية الرافضة للانقلاب"، مشيرًا إلى ما تشهده الساحة من لجان مقاومة "مصنوعة" قال إنها تُقحَم في كثير من الفعاليات التي قال إنها "تُروج لمفهوم الشراكة مع العسكريين أو تنادي بتسوية سياسية تضمن بقاءهم في السلطة".

وقال الحاج إن السلطة الانقلابية أدركت مدى خطورة "النهوض النقابي" الذي بدأ يتشكل في أوساط قطاعات مهنية مهمة ومدى ارتباط هذه الرغبة في البناء النقابي بضرورة العمل لاستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي. وأوضح أن تجربة نقابة الصحافيين كانت "خير مثال لذلك وخير دليل"، لافتًا إلى أنها يمكن أن تمثل "خارطة طريق جديدة" لبقية القطاعات المهنية. وأردف: "بموجب هذا الافتراض استغل عناصر النظام البائد الورطة التاريخية التي تقع فيها السلطة الانقلابية، مستفيدين تمامًا من حالة التماهي والدلال السياسي الذي بدأت توفره لهم السلطة الراهنة في موازاة لخصومهم السياسيين".

الحاج: السلطة الانقلابية مواجهة برفض سياسي شديد ولذلك اتجهت إلى صناعة واجهات موازية

ومضى الحاج قائلًا إن إفساح المجال قانونيًا لعودة اتحاد الصحافيين هو انطلاق من ذات "خانة الافتراض البديهي" بحاجة السلطة الانقلابية إلى تدشين "تحالف سياسي من الباطن" مع المنظومة البائدة لتوفير "السند الإعلامي اللازم لهزيمة معسكر الثورة" ومن ثم إعادة رموز النظام البائد إلى الواجهة حتى لا تنفرد النقابات الشرعية "المنزوعة انتزاعًا" بالقرارات "المصيرية" وتقود بـ"صورة استثنائية" حركة نضال الجماهير ضد سلطة الانقلاب.