كشفت مصادر متعددة ومطلعة عن وجود تباين داخل الآلية الثلاثية، الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والإيقاد، حول منهج العملية السياسية في السودان، والتي يناط بها تيسير وتسهيل العملية السياسية، وكذلك اختلاف على الخطوات القادمة، ما يهدد سير العملية السياسية وفشلها.
مصدر خاص لـ"الترا سودان": الخلاف بين الآلية الثلاثية يدور حول الأولويات والمنهج
وأكد مصدر قيادي في قوى الحرية والتغيير- مجموعة ميثاق التوافق الوطني لـ"الترا سودان" بأن اللقاء التحضيري لن ينجح وأنه غير متقدم، وذكر بأن المنهج مختلف عليه بين الأطراف، مضيفًا أن الحرية والتغيير- المجلس المركزي تريد الدخول في حوار غير متكافئ مسيطر عليه من قبلها، وأن يكون لديها "فيتو"على العملية الحوارية، وكشف القيادي الذي فضل حجب اسمه بأنهم يوافقون على الحوار، مبديًا ثقتهم في ولد لبات، لكنه قال بأن العملية لم تتقدم للأمام.
وكشف القيادي عن قائمة من الشخصيات التي قال بأن ممثل البعثة الأممية فولكر بيرتس قدمها للمكون العسكري لتدير الحوار، منهم الدكتور مضوي إبراهيم والدكتور جمعة كندة وآخرين، وذكر بأن المكون العسكري رفضهم بحجة أنهم كانوا من المجموعات التي عملت مع الحرية والتغيير وحول رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك، ولعبوا أدوارًا في الفترة السابقة.
وقال مصدر آخر تحدث لـــ"الترا سودان" إن الخلاف بين الآلية الثلاثية يدور حول الأولويات والمنهج، وأضاف: "بينما كانت بعثة الأمم المتحدة تبحث عن حل سياسي متوافق عليه، يقود إلى تحول مدني ديموقراطي، ويعيد الفترة الانتقالية إلى مسارها الطبيعي؛ تمسك ولد لبات ممثل الاتحاد الافريقي بعقد لقاء تحضيري بين طرفي قوى الحرية والتغيير، المجلس المركزي ومجموعة التوافق الوطني والمجموعات المدنية الأخرى، مثل التجاني السيسي ومبارك الفاضل، للاتفاق فيما بينهم قبل الذهاب إلى تفاوض مع المكون العسكري من جهة، والمكون المدني الموحد من جهة أخرى".
كشف القيادي عن اجتماع للمكون العسكري اليوم الثلاثاء لحسم موقفه من الآلية
وبحسب المصدر، فإن الاتحاد الأفريقي يفضل بقاء المكون العسكري في السلطة وذلك لخدمة طموحات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي (موسى فكي) والذي يطمح لتولي الرئاسة في تشاد، ويرغب في دعم المكون العسكري لهذه الطموحات نظير خدماته في توطيد دعائم الحكم بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر بحسب إفادة المصدر.
ومن جهة أخرى تتبنى الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا (إيقاد) موقفًا يدعو إلى ضرورة المحافظة على أطراف سلام جوبا في السلطة. وكشف المصدر عن عقد ولد لبات اجتماعات منفردة للتسويق للقاء التحضيري، مع كل من الحزب الشيوعي، والذي مثله القياديان علي سعيد وصالح محمود، ومع كل من مبارك أردول وجبريل إبراهيم وعلي الريح السنهوري، وأكد أن الحزب الشيوعي وافق بشكل مبدئي على الانخراط في العملية السياسية، ولكنه عاد وعبر عن رفضه في بيانات جماهيرية بعد رفض قوى الحرية والتغيير للاجتماع التحضيري. وعلى صعيد آخر وافق مبارك أردول ومني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وحزب الأمة القومي على الاجتماع التحضيري، بشرط إبعاد أفراد محددين في بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، بينما رفض أمين سر قيادة قطر السودان بحزب البعث العربي الاشتراكي، علي الريح السنهوري بشكل قاطع اللقاء التحضيري.
وترى الحرية والتغيير أن الأزمة السياسية بين طرفين، بين مكون مع الانقلاب ويضم مدنيين وعسكريين، ومكون آخر ضده، وليست بين المدنيين والعسكريين، ورفضت الجلوس مع مجموعة التوافق الوطني وفقًا لرؤية التوافق المدني التي طرحها ولد لبات.
مآلات اللقاء التحضيري
وكانت الآلية الثلاثية التي تضم بعثة يونيتامس والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، قد أعلنت في 27 نيسان/ أبريل الماضي عن انطلاق الحوار السوداني - السوداني الذي تيسره الآلية، في الفترة ما بين العاشر وحتى الثاني عشر من أيار/مايو. وأوضح عضو الآلية الثلاثية، ومبعوث الاتحاد الافريقي الموريتاني، محمد الحسن ولد لبات في مؤتمر صحفي مشترك، أن الآلية اختارت هذا التاريخ لأن هذه الفترة ستكون ما بعد عطلة عيد الفطرالمبارك. محذرًا من أن وضع البلاد بالغ الحساسية والخطورة، وأن الحوار سيكون بين السودانيين، وأن الآلية الثلاثية ستلعب دور المسهل فقط. وأشار ولد لبات إلى أن الحوار بين المكونات السياسية والعسكريين والشباب والنساء، من أجل استعادة المسار الدستوري والتحول الديمقراطي في الفترة الانتقالية.
وتفيد متابعات "الترا سودان" أن الآلية الثلاثية وصلت إلى طريق مسدود بعد فشل قيام اللقاء التحضيري، كما أفادت مصادر بأن ممثل الاتحاد الأفريقي ولد لبات يعمل على إجهاض العملية السياسية بالشكل الذي كانت تخطط له البعثة الأممية بقيادة فولكر، والذي كان يهدف إلى إنهاء الانقلاب واستعادة الحكم المدني.
وكانت الضغوطات الأفريقية التي قادها موسى فكي على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد نجحت في إضافة ممثلي الاتحاد الأفريقي والايقاد، إلى الآلية التي تقود العملية السياسية. وقد أصر ولد لبات عقب انضمامه للآلية على مقترح اللقاء التحضيري الذي يختلف عن المنهج الذي عملت وفقه الأمم المتحدة في المرحلة الأولى للمشاورات بين الفرقاء.
مخاطبة الاتحاد الأفريقي لتغيير ولد لبات
وشنّت هيئة محامي دارفور وشركاؤها هجومًا شديد اللهجة على ممثل الاتحاد الأفريقي ولد لبات متهمة إياه بعدم الحياد، وأكدت الهيئة في بيان لها أن أزمات الانتقال الديمقراطي نجمت عن الوثيقة الدستورية التي وصفتها بـ "الباطلة"، والتي ذكرت إنه بموجبها منحت قوى الحرية والتغيير -ولأول مرة في تاريخ فترات الانتقال الديمقراطي بالبلاد- الجيش حق ممارسة السياسة وذلك بالمخالفة لقانون قوات الشعب المسلحة. وأكدت الهيئة وجود تواصل معها بشأن المشاورات التحضيرية، مشيرة إلى أن لديها ملاحظات، منها تحفظات على أعمال الوساطة الثلاثية وآليتها، والتي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، وعلى المشاورات التحضيرية لعقد مؤتمر جامع لبحث قضايا الانتقال الديمقراطي والتي تجريها الآلية المشتركة، والتي قالت الهيئة إنها كشفت عن قصورها وافتقارها للرؤى والخطط الاستراتيجية، والركون لذات الوسائل والأدوات السابقة.
ومن جانب آخر، قالت الهيئة إنها رصدت تجاوزات لمبعوث الاتحاد الأفريقي ود لبات، وذكرت أنه تخلى عن مهامه كوسيط مستقل ومحايد، وقالت الهيئة إنها ستتقدم بخاطب للاتحاد الافريقي لإبدال ممثله في الوساطة الثلاثية، وأكدت أن ولد لبات تخلى عن دور الوسيط المحايد، ولا يمكن الوثوق فيما يقول به ويعمل.
شنّت هيئة محامي دارفور وشركاؤها هجومًا شديد اللهجة على ممثل الاتحاد الأفريقي ولد لبات متهمة إياه بعدم الحياد
وكشفت هيئة محامي دارفور عن إرسال خطاب آخر للآلية يحتوي على رؤيتها المتكاملة من أجل الاستفادة من الدروس والتجارب المتكررة، وقالت إنه من السابق لأوانه عقد مثل هذا اللقاء بوصفه الملتقى الجامعي للخروج بتصورات تحضيرية تفضي إلى نتائج إيجابية.