رفض رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك دور الإمارات السيئ في حرب السودان، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا ناشونال" المملوكة لشركة دبي للإعلام، وهي شركة حكومية تتبع للسلطات الإماراتية.
رفض عبدالله حمدوك التقارير حول دور الإمارات، في معرض رده على سؤال حول دور الدولة الخليجية في الحرب السودانية، وقال: "الإمارات دائمًا كانت داعمة للسودان، وهناك الكثير من الروابط والعلاقات في التاريخ".
الصحيفة الإماراتية قالت إن حمدوك "تحدث بإسهاب" عن كيف نمت الجالية السودانية في الإمارات، قائلًا إنهم يرون أن الإمارات تعتبر "قوة للخير في السودان"
الصحيفة الإماراتية قالت إن حمدوك "تحدث بإسهاب" عن كيف نمت الجالية السودانية في الإمارات، قائلًا إنهم يرون أن الإمارات تعتبر "قوة للخير في السودان"، وأضاف: "نتطلع ليس فقط إلى الإمارات ولكن أيضًا إلى المملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت، لمساعدتنا في إعادة بناء السودان عندما تتوقف هذه الحرب".
أكدت تقارير عديدة أن الإمارات العربية المتحدة تزود قوات الدعم السريع بالسلاح والدعم عبر الحدود السودانية الغربية، عقب أن أنشأت مطارًا في أم جرس التشادية ادعت أنه لاستقبال طائرات الإغاثة. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الإمارات تزود الدعم السريع بالسلاح تحت ستار الإغاثة، وهو ما أكده تقرير لخبراء أمميين أشار إلى الدور الإماراتي في حرب السودان، ووقوفها خلف قوات الدعم السريع التي تُتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في السودان، ترقى للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بحسب تقارير لمنظمة هويمن رايتس ووتش المعنية بمراقبة أحوال حقوق الإنسان حول العالم.
كما انتقد قادة كبار في الجيش السوداني وبمجلس السيادة الانتقالي دور الإمارات في الحرب السودانية، وتلاحقها السلطات السودانية في المحافل الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي. والأسبوع الماضي، طالب السودان مجلس الأمن الدولي الضغط على الإمارات لإيقاف دعمها لهذه القوات، مستعرضًا العديد من الأدلة على انخراط هذه الدولة في تزكية الحرب في البلاد، وسط الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والجرائم المنسوبة لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان.
حمدوك، الذي استقال من منصبه عقب اتفاق وجد رفضًا شعبيًا مع قادة انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر في السودان، يرأس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية المعروفة اختصارًا باسم "تقدم"، والتي وقعت إعلانًا سياسيًا مع قوات الدعم السريع مطلع العام الحالي في أديس أبابا، وسط اتهامات بالتحالف مع هذه القوات في حربها ضد الجيش السوداني. في حديثه للصحيفة الإماراتية، رد عبدالله حمدوك على هذه الانتقادات بقوله إنه وقادة "تقدم" تواصلوا مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، والذي استجاب للاجتماع معهم. وأضاف قائلًا: "التقيناه [حميدتي] في بداية هذا العام ووقعنا معه إعلان أديس، وهو وثيقة رائعة، تتحدث حول كيفية وقف الحرب، وحماية المدنيين، ولها مبادئ واسعة جدًا لحفظ وحدة البلاد، وجيش واحد وكل القضايا"، بحسب ما نقلت الصحيفة.
ترفض القوات المسلحة اللقاء مع قادة "تقدم" خارج السودان، وتنتقدها بشكل حاد على خلفية اتفاقها مع الدعم السريع، معتبرة إياها حليفًا مدنيًا لهذه القوات التي تصفها بـ"المتمردة".
حمدوك: اتصل بي البرهان قائلاً: كيف يمكنك لقاء المتمردين؟
حمدوك زاد بالقول: "في الواقع، عندما انتهى الاجتماع [مع الجنرال دقلو]، اتصل بي البرهان قائلاً: كيف يمكنك لقاء المتمردين؟ قلت له: لقد كتبنا لك ونحن سعداء بلقائك في أي وقت قريب". لم يحدث هذا الاجتماع، لأن البرهان أصر على اللقاء في بورتسودان، لكن حمدوك رفض، موضحًا: "بورتسودان في زاوية بعيدة من البلاد، إذا كنت تعمل من قصر الدولة في الخرطوم، كنت سأراك غدًا"، مطالبًا بلقاء البرهان على أرض محايدة خارج السودان، طبقًا لـ"ذا ناشونال".
لاحقًا فتحت السلطات السودانية متمثلة في النيابة العامة، قضايا ضد قادة تقدم بتهم تتصل بإثارة الحرب ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري، وإثارة التذمر بين القوات النظامية، وجرائم حرب فيما يتعلق بالممتلكات والحقوق الأخرى وضد الإنسانية. هذه المواد تصل عقوبتها إلى الإعدام في القانون السوداني. دونت النيابة السودانية هذه البلاغات وفقًا لشكوى من اللجنة الوطنية لجرائم الحرب وانتهاكات قوات الدعم السريع التي شُكلت لرصد وحصر الانتهاكات المرتكبة على خلفية الحرب القائمة منذ نيسان/أبريل 2023.
رئيس الوزراء السابق شدد في حديثه للصحيفة المملوكة للنظام الإماراتي، على أن مصالح السودانيين "لا يمكن أن تُخدم إلا من خلال دول المنطقة والمجتمع الدولي الذين يعملون على وقف أي تدخل في شؤوننا الداخلية"، وأضاف: "لا نريد أن نرى بلدنا كساحة حروب بالوكالة... ليس لدينا مصلحة في خوض حروب الآخرين".
ودعا في الوقت ذاته القوى الإقليمية والدولية لمساعدتهم "في خلق بيئة للعملية السياسية المدنية لمعالجة هذا، أي شيء خارج هذا هو أمر غير منتج، لن يحل الحرب". وشدد: "لا كمية من الأسلحة المقدمة لأي جانب ستساعدهم في الفوز... لا يوجد نصر. السؤال الأكبر هو ما هو النصر على جثث شعبك؛ هذا لا معنى له".
وعندما سألته الصحيفة الإماراتية عن التدخل الأجنبي في السودان، قال حمدوك: "العنصر الجديد في الصراع السوداني هو العامل الإيراني، الحوثيون مدعومون منهم والقرب من البحر الأحمر إلى بورتسودان يلعب دورًا". تأتي هذه التصريحات على خلفية استعادة السودان لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران أواخر العام الماضي، والتي توقفت لسنوات طويلة جراء مشاركة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ضمن تحالف عاصفة الحزم الذي قاد حربًا ضروسًا في اليمن.
وزير الخارجية السوداني كان قد شدد على أن علاقات السودان مع إيران ليست موجهة ضد أي دولة أو مجموعة دول، واصفًا استعادة العلاقات بالأمر الطبيعي الذي "لا يثير علامات استفهام"، وقال إن "العلاقات كانت مقطوعة وتمت إعادتها وهذا أمر طبيعي بين الدول في العلاقات الدبلوماسية". وكد وزير الخارجية على أن "علاقات السودان مع إيران ليست موجهة ضد أي دولة أو مجموعة دول، ولا ضد نظام إقليمي أو دولي قائم في المنطقة وبالتالي ينظر إليها على أنها شيء طبيعي وعادي في العلاقات بين الدول، واستئناف لتعاون سابق طويل في المجالات الاقتصادية ومجالات التنمية والاستثمار بين البلدين".
يقول مراقبون إن الجيش السوداني استعاد العلاقات مع إيران لضمان مصدر لتزويده بالسلاح في الحرب التي يخوضها ضد الدعم السريع منذ عام، حيث يواجه تحديات جدية في ظل سيطرة الدعم السريع على مناطق واسعة من البلاد، والتقارير التي تتحدث عن دعم سخي تتلقاه هذه القوات من الإمارات.
يذكر أن مصادر كانت قد أخبرت صحيفة الغارديان البريطانية أن المملكة المتحدة تعمل على منع انتقاد الإمارات في تسليحها للدعم السريع. وكشفت المصادر أن المسؤولين حاولوا قمع الانتقادات الموجهة لدولة الإمارات العربية المتحدة ودورها في تزويد الدعم السريع - التي وصفتها الصحيفة البريطانية بـ"الميليشيا سيئة السمعة" - بالأسلحة، وقالت الغارديان إن قوات الدعم السريع "تشن حملة تطهير عرقي في السودان".
تستمر الحرب في السودان في تسارع مستمر ضمن طموحات قوات الدعم السريع للسيطرة على العديد من الولايات والمناطق في السودان، كان آخرها محاولتها للدخول إلى سنار، الأمر الذي أثار الهلع وسط المدنيين، وموجة نزوح جديدة من المدينة التي تستضيف بالفعل أعدادًا ضخمة من النازحين الفارين من المناطق التي تمددت إليها قوات الدعم السريع، وعلى رأسها ولاية الجزيرة، التي تشهد انتهاكات وجرائم غير مسبوقة في تاريخها، تنسب لقوات الدعم السريع.