قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير حديث لها، إن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قامت بعمليات تطهير عرقي وإبادة جماعية في غرب دارفور، وفي عاصمتها الجنينة على وجه الخصوص، حيث قتلت الآلاف وشردت مئات الآلاف من إثنية المساليت وغيرهم من الجماعات غير العربية.
هيومن رايتس ووتش: قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات خطيرة استهدفت إثنية المساليت وغيرهم من الجماعات غير العربية
وقال التقرير الذي صدر اليوم الخميس، إن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات خطيرة استهدفت إثنية المساليت وغيرهم من الجماعات غير العربية، بهدف دفعهم إلى مغادرة المنطقة بشكل دائم، وقالت إن ذلك يشكل تطهيرًا عرقيًا.
وكثفت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها هجماتها على غرب دارفور في حزيران/يونيو من العام الماضي، حيث صاحب هذه الهجمات أعمال قتل ممنهجة وحرق تخريب، استهدفت المجموعات غير العربية في الولاية الواقعة في أقصى غرب السودان، ما أسفر عن مقتل الآلاف، كما فر أكثر من نصف مليون شخص إلى دولة تشاد المجاورة من عموم إقليم دارفور بالتزامن مع هذه الهجمات.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة حينها قتل والي غرب دارفور وقائد حركة التحالف السوداني، الجنرال خميس أبكر، وذلك عقب إلقاء القبض عليه من قبل قوات الدعم السريع. وأظهرت المقاطع المليشيات ومنسوبي الدعم السريع يقومون بالتمثيل بجثة الجنرال أبكر الذي ينتمي إلى إثنية المساليت التي تتمركز في ولاية غرب دارفور بالقرب من الحدود مع تشاد.
وقالت هيومن رايتس ووتش في تقريرها الذي اطلع عليه "الترا سودان"، إنه قد ارتُكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة النطاق في سياق حملة تطهير عرقي ضد إثنية المساليت وغيرهم من السكان غير العرب في الجنينة وما حولها، وذلك في الفترة من نيسان/أبريل 2023، وحتى حزيران/يونيو من العام نفسه.
وتتهم هيومن رايتس ووتش، قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، بما في ذلك الجبهة الثالثة - تمازج، باستهداف أحياء الجنينة التي تسكنها أغلبية من مجموعة المساليت، في هجمات متواصلة بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، ولفتت إلى أن الانتهاكات تصاعدت مرة أخرى في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
تقرير هيومن رايتس ووتش اعتمد على مقابلات تمت مع أكثر من (220) شخصًا في تشاد وأوغندا وكينيا وجنوب السودان، وكذلك عن بعد. وراجع باحثوها وحللوا أكثر من (120) صورة وفيديو للأحداث، بجانب صور من الأقمار الصناعية، ووثائق شاركتها معها منظمات إنسانية.
ويفصل التقرير العديد من الأحداث التي ارتكبت خلالها قوات الدعم السريع جرائم مروعة بحق المساليت والمدنيين في غرب دارفور، تضمنت إطلاق النار على الفارين من المدينة التي شهدت اشتباكات دامية حاول فيها المساليت الدفاع عن منازلهم من المليشيات التي اجتاحت الأحياء السكنية.
وثق التقرير أيضًا مقتل سكان من العرب ونهب الأحياء السكنية التي تتبع للمجموعات العربية على يد قوات المساليت، واستخدام القوات المسلحة السودانية الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان بطرق تسببت بضرر غير ضروري للمدنيين والأعيان المدنية.
وأضاف: "تعرضت النساء والفتيات للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي، وتعرض المعتقلون للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة. دمر المهاجمون بشكل منهجي البنية التحتية المدنية الحيوية، واستهدفوا الأحياء والمواقع، بما فيها المدارس، في المجتمعات النازحة التي تتشكل غالبيتها من المساليت. نهبوا على نطاق واسع؛ وأحرقوا الأحياء وقصفوها وهدموها كليًا، بعد إفراغها من سكانها".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الأفعال ارتُكبت ضمن هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد المساليت وغيرهم من السكان المدنيين غير العرب في الأحياء ذات الأغلبية من المساليت، لذلك تشكل أيضًا جرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والتعذيب والاضطهاد والنقل القسري بحق السكان المدنيين.
وحملت المنظمة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وقائد ثاني قوات الدعم السريع عبدالرحيم حمدان دقلو، وقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور جمعة بارك الله المسؤولية عن الجرائم المرتكبة في غرب دارفور. كما حددت هيومن رايتس ووتش حلفاء قوات الدعم السريع، بمن فيهم قائد جماعة تمازج المسلحة وزعيمين قبليَّين عربيَّين، على أنهم يتحملون المسؤولية عن مقاتلين ارتكبوا جرائم خطيرة.
وطالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بنشر بعثة جديدة بشكل طارئ لحماية المدنيين المعرضين للخطر في السودان. كما طالبت مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على المسؤولين عن الجرائم التي وصفتها بـ"الخطيرة" في غرب دارفور.
وكانت قوة من الدعم السريع قد اختطفت والي غرب دارفور خميس أبكر بعد مداخلة له على إحدى القنوات الفضائية، قال فيها إن المدينة مستباحة من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتعاونة معها.
وأدانت حينها الولايات المتحدة الأميركية "بأشد العبارات" ما وصفتها بـ"التجاوزات والانتهاكات في حالة حقوق الإنسان وأعمال العنف المروعة" في السودان. وشجبت التقارير عن "انتشار العنف الجنسي والقتل على أساس العرق في غرب دارفور على يد قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها". ولفتت إلى تعرض ما يصل إلى (1,100) مدني للقتل في الجنينة وحدها بحسب تقديرات مجموعات محلية، فيما أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى نزوح مئات الآلاف من ولاية غرب دارفور.
وأعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن "جزعه" إزاء مقتل الجنرال خميس أبكر في حزيران/يونيو 2023، بعد ساعات من اعتقاله بواسطة قوات الدعم السريع في العاصمة الجنينة. وأوضح أن المليشيات العربية، مدعومة بقوات الدعم السريع، تستهدف مجتمع المساليت". وأضاف: "مقتل الوالي، المنتمي إلى المساليت، جاء بعد ساعات من انتقاده لقوات الدعم السريع في حوار تليفزيوني حول الهجمات المستمرة من مليشيات عربية يحشدها الدعم السريع ضد المساليت والبنية التحتية الحيوية في الجنينة".