تضيء شمعة غرفته المظلمة ليلًا بينما يسمع أصوات الطائرات التي تحلق على مقربة من الحي الذي يقطنه شمال العاصمة السودانية الخرطوم.
عماد (40 عامًا) من بين العالقين في العاصمة الخرطوم، قرر البقاء في منزله رفقة عائلته بالخرطوم بحري شمال العاصمة على الرغم من تزايد حركة النزوح منذ ثلاثة أسابيع هربًا من النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي في حرب يصفها المناهضون بالعبثية.
أثناء تحليق الطائرات الحربية أو سماع دوي المدافع يفضل سكان الخرطوم الجلوس في منتصف منازلهم تجنبًا لمخاطر انهيار الجدران
من غرفة مظلمة بسبب انقطاع الكهرباء ودرجة حرارة مرتفعة يحاول عماد التعايش مع الوضع الراهن الذي فاجأ السودانيين خاصة سكان العاصمة الخرطوم الذين لم يألفوا على حرب الشوارع وكانوا يكتفون بمشاهدتها على نشرات الأخبار.
أثناء تحليق الطائرات التابعة لسلاح الجو السوداني أو سماع دوي المدافع يفضل سكان الخرطوم الجلوس في منتصف منازلهم تجنبًا لمخاطر انهيار الجدران، وهي حوادث تكررت كثيرًا في مناطق مأهولة بالمدنيين خلال هذا النزاع المسلح.
إذا سألت عماد ما هو مصيرك؟ سيجيبك بأنه لا يخطط لمغادرة منزله ويتمنى في الوقت نفسه ألا يضطر إلى النزوح بسبب اشتداد النزاع.
بصعوبة في أغلب الأوقات يحصل عماد على الخبز والمياه وأحيانًا لا يحصل عليهما لأيام متتالية بسبب انقطاع خدمات الكهرباء والمياه وتوقف سلاسل الإمداد بين المستودعات والأحياء قرابة الشهر.
القتال الذي اندلع بين الجيش وقوات الدعم السريع أسفر عن مقتل (604) مدنيًا وإصابة خمسة آلاف شخص حسب الأمم المتحدة ونزوح (730) ألف شخص داخليًا وخارجيًا.
يرى أيمن حسن وهو متطوع في توفير الخدمات الأساسية في مستشفى حكومي جنوب العاصمة السودانية أن النزاع المسلح في العاصمة السودانية وبعض الولايات خاصة غربي البلاد "غير مسبوق" في خطورته على المدنيين.
ويوضح هذا المتطوع لـ"الترا سودان" أن الصراع المسلح قد لا ينتهي قريبًا ما لم تحدث "ضغوط غربية"، خاصةً من الولايات المتحدة الأمريكية التي تحركت مؤخرًا عقب تلقيها "تحذيرات جدية" من خطورة الوضع في السودان ومخاطر انعكاس النزاع على دول الإقليم.
ويقول أيمن حسن أن العنف المسلح في السودان يؤثر على المدنيين بسبب توسع الفقر والأزمة الاقتصادية وضعف البنية التحتية وتفشي الصراعات المسلحة في بعض الولايات والتي أسفرت منذ سنوات عن نزوح ثلاثة ملايين شخص داخليًا وخارجيًا.