08-سبتمبر-2021

حظيت المبادرةبترحيب كبير على مواقع لاتواصل الاجتماعي (الترا سودان)

نظم أبناء مدينة نيالا عدة مواكب لدعم التعايش السلمي ونبذ العنصرية بإقليم دارفور، وجاءت المبادرات محملة برسائل الفن والموسيقى والمسرح والحوار المتبادل بين مكونات المجتمع. 

في التقرير التالي نرصد أهم جوانب الحراك الثقافي والمجتمعي بحاضرة ولاية جنوب دارفور، مدينة نيالا.

الطريق إلى نيرتتي

اتجه مختار عبدالله من مدينته الأم نيالا إلى مدينة نيرتتي مسافة (170) كلم، لنشر ثقافة السلام والتسامح بمعية آخرين في أواخر آب/أغسطس من العام الجاري. 

رحب مواطنو نيرتتي بمبادرة نبذ العنصرية وشاركوا في الأمسية الغنائية بأغنيات من التراث المحلي

على مدخل المدينة كان في استقبالهم شباب من لجان المقاومة، دخل مختار ورفاقه المدينة على متن سيارات تقارب الـ(20) سيارة، تحمل كل واحدة منها شعارات تعزز وتدعم التعايش السلمي بين أبناء الإقليم الواحد. يقول مختار عبدالله لـ"الترا سودان": "اختلفت الشعارات ولكنها كانت ذات مدلول واحد؛ دعم التعايش السلمي ونبذ العنصرية".

اقرأ/ي أيضًا: مترجم| الصراع الإثيوبي.. تيار من الجثث على نهر "سيتيت"

ويتابع حديثه بالقول "أقيمت في سوق نيرتتي أمسية موسيقية، تخللتها الأغاني الشعبية والرقصات التراثية"، ويستطرد أن الفعالية الفنية كانت محل ترحاب وقبول كبير من المواطنين، وشارك أحد أبناء نيرتتي بعدته الموسيقية وختم الأمسية بأغنية من التراث المحلي، كتبت كلماتها باللغة الأم، وتابع: "وجدت الأغنية ترحابًا من غير الناطقين باللغة المحلية".

 

يعيدنا مختار عبدالله إلى فعاليات مدينة نيرتتي بقوله، إن مواكب دعم التعايش السلمي، القادمة من مدينة نيالا، توجهت صوب الشلال الأول "بركة الشيطان" في السوق القديم، وناحية الشلال الثاني قبالة سد نيرتتي، والشلال الثالث في "نلمي".

ويصف مختار شعور سكان المدينة لـ"الترا سودان" قائلًا: "رحبوا بالمبادرة، وقدموا الإفطارات الشعبية، وفي مقدمتها الطبق المحلي قدح العصيدة".

يوم السلام والعفو

وبالرغم من توقيع اتفاقية سلام جوبا، إلا إن خطابات الكراهية لا تزال تسمم أجواء البلاد. وتعيش مناطق دارفور بصورة خاصة في أجواء ما بعد الحرب، حيث مرارة الذكريات والفقد والالتفاف حول القبيلة.

وقبيل عدة أسابيع شهدت منطقة "كولقي" أحداث عنف تسببت في صدمة للمجتمع الدارفوري ككل. فكان لا بد من إقامة فعاليات للإفاقة من أحداث الصدمات المجتمعية، فكان يوم السلام والعفو بهدف نبذ العنصرية ونشر ثقافة التسامح والمحبة.

يقول منسق الجوكية عبدالله محمد، إن فكرة إقامة يوم للسلام والعفو وجدت قبولًا كبيرًا من أصحاب الركشات بمجتمع نيالا، وشاركوا في اليوم المفتوح بسعادة غامرة. ويضيف: "نشاهد يوميًا خلافات داخل الأسواق، بسبب القبلية واللون والعرق".

أسلحة الفن والموسيقى

لا تزال معسكرات دارفور ملأى بالنازحين واللاجئين، ولا تزال ذاكرة أبناء المنطقة معذبة بقصص الحروب وصور الأجساد المحترقة على الطرقات، والقلوب ملأى بالحنين إلى القرى البعيدة والأوطان الأصلية. فكيف عالج أبناء دارفور صدمات وآثار الحرب؟

يشرح الأمين العام لملتقى مشيش للإبداع والفنون الفاتح حمدان جبارة، أن جزءًا من أبناء دارفور ساروا في درب النضال حاملين البنادق، وآخرين كان سلاحهم الوحيد هو الموسيقى والمسرح.

الأمين العام لملتقى مشيش للإبداع والفنون: بالفنون نعالج ونوقف بركان العنصرية، وعبرها تصل الرسالة لكل الناس

وقال جبارة إن ملتقى مشيش نظم قافلة ثقافية لدعم اعتصام أهالي نيرتتي آنذاك، وقام بعمل يوم مفتوح للحديث عن السلام وعرض المسرحيات، بالإضافة لتقديم السمنارات عن أهمية التعايش السلمي، وضرورة تقديم الدعم النفسي للمتأثرين بالحروب.

ودعا الأمين العام لملتقى مشيش للإبداع والفنون، المبادرات للوصول إلى كل ولايات ومناطق دارفور، وقال: "بالفنون نعالج ونوقف بركان العنصرية، وعبرها تصل الرسالة لكل الناس"، ويواصل: "نطالب الولايات باحتواء الشباب والاهتمام بقضاياهم، لأنهم أمل الوطن".

من أجل التعايش السلمي

تظل مجتمعات ما بعد الحرب، في أشد الحاجة للتذكير الدائم بثقافة السلام، لمنع العودة لمربع الحرب والقتل. ويواصل أبناء دارفور تسيير المواكب لدعم ثقافة التعايش السلمي ونبذ العنصرية.

اقرأ/ي أيضًا: مع صعود البودكاست.. بعض أسباب عودة الزمن الذهبي للصوت

أما منسق مبادرة شباب نيالا "لا العنصرية، كلنا أهل" محمد السموأل، فيقول لـ"الترا سودان"، إن المبادرة نظمت الموكب الأول لنبذ العنصرية بقوام (27) سيارة، طافت في شوارع مدينة نيالا الرئيسية. وبحسب السمؤال كان الموكب الثاني بقوام (104) سيارة طافت أحياء نيالا شمالًا وجنوبًا بمعاونة الإدارة العامة للمرور. وجاء الموكب الثالث تحت شعار "لا للمخدرات" للتوعية بأضرار المخدرات وتعاطيها.

 المبادرة قدمت العون المادي والنفسي لضحايا حادثة طلاب الشهادة الثانوية، بالتعاون مع أطباء المبادرة

وزاد: "بعد زيارة نيرتتي في آب/أغسطس بدء شباب المنطقة في الخارج بتأهيل بيت الشباب، وبناء المرفقات الأساسية". ويتابع حديثه بالقول إن المبادرة قدمت العون المادي والنفسي لضحايا حادثة طلاب الشهادة الثانوية، بالتعاون مع أطباء المبادرة.

ويؤكد شباب المبادرات استمرار الجهود والعمل من أجل خلق مجتمع خالٍ من العنصرية، يتعايش سلميًا بكل ألوان الطيف.

اقرأ/ي أيضًا

نهاية سعيدة لقصة أسود حديقة القرشي

تتحدى الإعاقة وتمثل السودان في روسيا.. كيف بدأت "نادرين" رحلتها؟