12-سبتمبر-2023
معسكر للاجئين في السودان

قالت الأمم المتحدة إن نحو مليون شخص عبروا الحدود إلى دول الجوار جراء الصراع (Getty)

في كل يوم، يعبر المزيد من الأشخاص الفارين من الصراع الضاري في السودان إلى دولة جنوب السودان المجاورة عند نقطة جودة الحدودية في ولاية أعالي النيل بجنوب السودان.

وأدى موسم الأمطار وقصور التمويل من الجهات المانحة إلى إعاقة الجهود المبذولة لمساعدة الأشخاص على الابتعاد عن الحدود، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في مركز التجمع المكتظ على نحو متزايد في مدينة الرنك الحدودية.

فرت عزيزة مع زوجها وأطفالها من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة حيث مكثت بضعة أشهر ثم غادرت إلى جنوب السودان مع استمرار الصراع

وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء على موقعها الإلكتروني إن الغالبية العظمى من الوافدين الجدد هم من اللاجئين العائدين الذين كانوا يعيشون في السودان منذ فرارهم من الحرب الأهلية الدامية في جنوب السودان.

وطبقًا لتقرير مفوضية اللاجئين، فهناك عدد أقل من السودانيين مثل عزيزة إدريس وعائلتها الذين كانوا يعيشون حياة هانئة في العاصمة الخرطوم قبل اندلاع الصراع في نيسان/أبريل. وقالوا إنهم اختبؤوا تحت أسرّتهم لعدة أيام مع اشتداد مستوى العنف في الخرطوم.

وقالت عزيزة وهي أم لثمانية أطفال: "كنا نسمع كل يوم سقوط القنابل، وسمعنا عن أشخاص نعرفهم وقد ماتوا، من بينهم أطفال، فيما نزح آخرون". "كنا نعيش في حالة من الخوف ليلًا ونهارًا" – أردفت عزيزة.

https://t.me/ultrasudan

بعد نفاد الطعام والماء، اضطرت عزيزة وزوجها إلى الفرار إلى ولاية الجزيرة مع أطفالهما، حيث مكثوا مع أقاربهم لثلاثة أشهر، لكن مع استمرار النزاع في البلاد، شرعت عزيزة في رحلة شديدة الخطر مدتها ثلاثة أيام إلى جنوب السودان مع أطفالها.

وقالت عزيزة: "لقد واجهنا الكثير من التحديات على طول الطريق، أُوقفنا عند حواجز الطرق [من قبل رجال مسلحين] وطلبوا منا الخروج من السيارة وسألونا عن وجهتنا، وقلنا إننا نبحث عن مكان آمن من أجل البقاء. ضايقونا وأخذوا أموالنا".

وفي نهاية المطاف، انضمت عائلة عزيزة إلى أكثر من (240) ألف لاجئ من جنوب السودان والسودان من العائدين، والذين عبروا الحدود إلى جنوب السودان في الأشهر الأخيرة.

وقالت عزيزة: "عندما وصلنا إلى نقطة جودة الحدودية، رحب بنا السكان في جنوب السودان ترحيبًا حارًا وخضعنا لفحص صحي، ونُقلنا إلى هذا المركز المؤقت، وقدم لنا برنامج الأغذية العالمي والمفوضية قسائم نقدية وبطانيات للعائلة".

تتقاسم الأسرة الآن مأوى مشترك مع (16) عائلة أخرى. تقول عزيزة: "المساحة صغيرة جدًا، لكننا نحاول أن نضغط على أنفسنا، ونتقاسم المساحة لأنه عندما يهطل المطر، لا نستطيع النوم في الخارج".

لاجئون سودانيون يعبرون الحدود إلى إثوبيا
عبر نحو مليون الشخص الحدود إلى الدول المجاورة من السودان منذ بداية الصراع وفقًا للأمم المتحدة (Getty)

في كل يوم، يصل المزيد من الأشخاص إلى مركز الإيواء المؤقت الذي أنشأته المفوضية في الرنك. بُني المركز في الأصل لاستيعاب (3,000) شخص، ويعيش الآن أكثر من (8,000) شخص في المركز وما حوله في ظروف متزايدة الصعوبة.

وقال المسؤول الميداني لمفوضية اللاجئين في الرنك جيمي أوغوانغ: "نحن بحاجة إلى بناء المزيد من الملاجئ وتوفير الخدمات الصحية. لدينا أطفال يأتون وهم يعانون من سوء التغذية، ولكن هناك أيضًا أشخاص مصابون بأمراض مزمنة". وأضاف أن الأمطار أدت إلى تعقيد الجهود العاجلة لمساعدة الأشخاص على مغادرة المركز المؤقت المزدحم والوصول إلى مناطقهم الأصلية أو المزيد من المخيمات الدائمة.

يمثل تدفق العائدين واللاجئين الجنوب سودانيين من السودان ضغطًا على الموارد المحدودة لبلد يتعافى من حرب أهلية طال أمدها ومن الآثار المدمرة لتغير المناخ. ويستضيف جنوب السودان الآن أكثر من (300) ألف لاجئ وطالب لجوء، بالإضافة إلى أكثر من (2.3) مليون نازح داخليًا.

فرت أمجوما أشول موت، البالغة من العمر (29) عامًا، من منزلها في مدينة بانتيو بجنوب السودان، في عام 2016 بعد أعمال العنف الشرسة. رحلت أولًا إلى مخيم للاجئين في منطقة غامبيلا في إثيوبيا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى السودان حيث كانت تأمل في إعادة بناء حياتها. وقالت: "أجبرتني الأوضاع على العودة. والآن، يبقى السؤال في ذهني: كيف سيتمكن أطفالي من البقاء على قيد الحياة والحصول على التعليم؟".

إن نقص التمويل وضعف إمكانية الوصول وعدم ملاءمة البنية التحتية يجعل من الصعب للغاية على وكالات الإغاثة الاستجابة لحالة الطوارئ وتخفيف الضغط على مركز التجمع المكتظ والمنطقة الحدودية.

خلال زيارة قام بها مؤخرًا إلى جنوب السودان، لاحظ المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي – لاحظ التحديات الحرجة التي تواجهها المنظمات الإنسانية، ودعا إلى تقديم دعم عاجل للأشخاص الفارين من الأزمة في السودان. وقال غراندي: "التحديات ضخمة والاحتياجات الإنسانية تتضاعف – من الغذاء والرعاية الصحية والمأوى المناسب.. يجب إيلاء اهتمام خاص للنساء اللاتي يتعرضن في أوضاع كهذه لمخاطر عالية للغاية".

وبعد أربعة أشهر من الصراع في السودان، فر نحو مليون شخص إلى البلدان المجاورة. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى أكثر من (1.8) مليون شخص بحلول نهاية عام 2023، مما سيرفع احتياجات التمويل الإجمالية إلى أكثر من مليار دولار.

تأمل عزيزة في بناء مستقبل لأطفالها في جنوب السودان بمجرد أن تتمكن من مغادرة مركز التجمع المؤقت. وقالت: "الناس يجلسون هنا فحسب. حتى الأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، وعلى الرغم من أن الدعم الذي نتلقاه يساعدنا على البقاء، إلا أننا نعاني من الصعوبات".