25-مارس-2024
البرهان وحميدتي ومقاتلون على ظهر مركبة عسكرية

"الحاجة لنصر حاسم". بهذه العبارة تتدفق التعليمات من غرفة السيطرة والقيادة بقوات الدعم السريع لقادتهم بالميدان بعد الخسارة الكبيرة التي تعرضوا لها في منطقة أم درمان القديمة والإذاعة والتلفزيون لتبدأ الحاجة إلى تحقيق نصر سريع يعيد التوازن للقوات التي انتشرت في مساحة واسعة؛ مما جعلها في حالة ارتباك ميداني.

مصدر مطلع لـ"الترا سودان": التفوق الجوي للجيش يعقد حسابات الدعم السريع الذي يتميز بكثافة النيران وكثرة الجنود

وسط هذا التراجع الميداني بدأت قوات الدعم السريع في فتح جبهات عسكرية جديدة وتسخين أخرى كانت تراجعت حولها الاشتباكات، حيث بدأت اشتباكات ضارية حول الفرقة (22) مشاة بمدينة بابنوسة غربي السودان، وضربت عليها حصارًا. كما عملت قوات الدعم السريع على تسخين جبهة سلاح الإشارة الذي تراجعت الاشتباكات حوله منذ فترة، ليعود الدعم السريع في شن هجمات متلاحقة ويومية، رغم الخسائر التي تقع في صفوف الطرفين.

معارك الغرب

يقول  إن معارك بابنوسة مختلفة عن بقية المعارك في غرب السودان ودارفور. واستبعد المصدر تكرار سيناريو سقوط الفرقة (16) مشاة بمدينة نيالا، مرجعًا الأمر لاختلاف البيئة والسياق الاجتماعي. وأضاف لـ"الترا سودان": في معارك الفرقة (22) مشاة بابنوسة الأمر يختلف، وذلك لرفض زعماء القبائل تقديم دعم واضح للدعم السريع، وعملت منذ بداية التوترات في المنطقة لاتخاذ موقف الحياد وتجنيب مناطقهم الاقتتال.

وأضاف المصدر أن أغلب جنود الجيش هنالك ينتمون إلى قبيلة المسيرية؛ مما يشجعهم على مواصلة القتال عكس ما حدث في الفرق العسكرية في دارفور التي كانت فيها الإدارة الأهلية تدعم قوات الدعم السريع؛ الأمر الذي سهل عليهم المهمة.

وزاد بأن التفوق الجوي للجيش يعقد حسابات الدعم السريع الذي يتميز بكثافة النيران وكثرة الجنود، إلا أن التحصينات الجيدة للفرقة بجانب ميدان المعركة المكشوف يوقع خسائر بشرية كبيرة في صفوف الدعم السريع الذي يواصل سياسة الموجات في هجماته على الفرقة.

وفي حال سقوط الفرقة الذي وصفه بـ"الصعب"،  يقول المصدر سيكون لذلك تأثير من ناحية رفع معنويات الدعم السريع، ويشجع الشباب في المنطقة للانخراط بصفوفه. بجانب أنه سيؤثر من ناحية عملياتية على بقية المناطق العسكرية التي تتبع للجيش، خاصة شمال وجنوب كردفان.

المحلل السياسي محمد الضاوي يقول إن ولاية غرب كردفان إستراتيجية لوجود عدد من حقول النفط مثل هجليج ودفرة وبليلة، وخسارتها يؤثر في تدفق النفط. وسيستخدم الدعم السريع ذلك كوسيلة ضغط سياسي في أي عملية تفاوضية. وأضاف محمد الضاوي في حديثه لـ"الترا سودان": تحقيق أي انتصار عسكري له تأثير سياسي، لذلك سيسعى الجيش لعدم سقوط ولاية غرب كردفان.

صعوبة المهمة

فيما يقول الصحفي المهتم بملف غرب كردفان، إبراهيم عربي إن المعركة في مدينة بابنوسة ليست مثل المعارك التي دارت في مدينة نيالا حول الفرقة (16) مشاة؛ لأن معظم قبيلة المسيرية ترفض أن تكون أرضهم غنيمة لقوات الدعم السريع، لذلك توافد العديد منهم للانضمام والقتال في صفوف الجيش.

وأضاف لـ"الترا سودان": "الإدارات الأهلية في غرب كردفان تختلف عن مدينة نيالا التي دعمت بشكل واضح الدعم السريع، وحثت الشباب للالتحاق به. في بابنوسة توجد فقط إمارة الجبوري التي أعلنت وقوفها مع الدعم السريع ودعمهم لقائد الدعم السريع هنالك؛ حسين برشم، والذي كان يقود متحركًا تعرض للضرب من قبل الطيران الحربي.

وأردف عربي أن الدعم يصل للفرقة رغم الحصار، وتتم عملية إسقاط جوي. بجانب أن الفرقة لديها مخزون كبير من الأسلحة فضلًا عن الغنائم، وهنالك تنسيق بين الفرقة العاشرة بأبوجبيهة والفرقة (18) بمدينة كوستي، بجانب الفرقة (14) بولاية جنوب كردفان، لبدء حملة لفتح الطريق بين مدينة الأبيض والنيل الأبيض، وهذا سيؤثر بشكل كبير على المعارك في مدينة بابنوسة.

وكشف أن أبرز قادة الدعم السريع الذين يقودون المعارك هم العقيد التاج -هنالك معلومات أنه تعرض لإصابة- بجانب حسن رابح.

معارك سلاح الإشارة

جبهة أخرى تشهد معارك ضارية، وذلك بعد أن الهزائم التي تعرض لها الدعم السريع في أم درمان القديمة. ويعمل الدعم السريع بعد تلك الهزائم على انتزاع أي نصر يعيد التوازن له في ميدان المعارك، ويرفع الروح المعنوية، لذلك يواصل منذ أيام هجماته على سلاح الإشارة في مدينة بحري دون تقدم، حيث عمل مؤخرًا على زيادة عدد قواته واستخدام الدبابات من نوع (T55).

يقول المحلل العسكري العميد متقاعد إدريس مختار، إن هجمات الدعم السريع على سلاح الإشارة سوف تزيد وتيرتها. وأضاف لـ"الترا سودان": "التحصينات المنيعة للجيش تصعب من عمل القوات المهاجمة للدعم السريع، بجانب فقدانه لكثافة النيران التي كان يتميز بها في بداية الحرب. ولكن رغم ذلك سعى في الأيام الماضية للهجوم من محورين في محاولة للسيطرة على مبنى الأمن السياسي ومحور مستشفى الأمل، كما بدأ في استخدام مسيرات لمهاجمة الدفاعات المتقدمة للجيش".

محلل عسكري: من الصعوبة أن يتخلى الجيش عن سلاح الإشارة نسبة لموقعه الإستراتيجي

وأردف مختار: "من الصعوبة أن يتخلى الجيش عن سلاح الإشارة نسبة لموقعه الإستراتيجي، وخسارته تهدد الجانب الذي يسيطر عليه الجيش في القيادة العامة، ويقطع خطوط الإمداد و يجعل الدعم السريع يتوسع في المساحة المطلة على نهر النيل".

ويرجع العميد مختار تزايد الهجمات على محور سلاح الإشارة وزيادة الهجمات على الفرقة العسكرية ببابنوسة لحاجة الدعم السريع لنصر عسكري يرفع الروح المعنوية لجنوده، بجانب تخفيف الضغط على قواته في أم درمان، فضلًا عن تشتيت انتباه الجيش الذي يعد في متحركات للهجوم على مدينة ود مدني.