20-مارس-2024
جلسة مجلس الأمن الدولي

مجلس الأمن

عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، جلسة لبحث تداعيات أزمة انعدام الأمن الغذائي في السودان بسبب الحرب، وذلك ضمن إطار بند "حماية المدنيين في الصراعات المسلحة". وجاءت استضافة الجلسة بناءًا على طلب من غيانا وسويسرا جهتي التنسيق المشتركة في مجلس الأمن، بالتعاون مع سيراليون وسلوفينيا.

نائب مدير منظمة الفاو: حجم الجوع في جميع أنحاء السودان يثير قلقًا عميقًا، وأرجح انزلاق بعض المناطق، لا سيما كل من ولايتي غرب ووسط دارفور، إلى حالة كارثية من انعدام الأمن الغذائي

وتأتي الجلسة على خلفية المذكرة البيضاء التي أرسلها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أعضاء المجلس، في تاريخ 15 آذار/مارس، بشأن التدهور الحاد للأمن الغذائي في السودان.

وتم إرسال المذكرة البيضاء وفقًا للقرار رقم  (2417)  لعام 2018، والذي يطلب من الأمين العام أن يقدم تقريرًا سريعًا عند حدوث "خطر المجاعة الناجمة عن النزاع وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع".

قال نائب مدير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ماوريتسيو مارتينا "إن حجم الجوع في جميع أنحاء السودان يثير قلقًا عميقًا"، مرجحًا انزلاق بعض المناطق، لا سيما كل من ولايتي غرب ووسط دارفور، إلى حالة كارثية من انعدام الأمن الغذائي مع اقتراب موسم العجاف في أيار/ مايو، حسب ما أفاد.

وأضاف أن اقتصاد السودان يعتمد بشكل كبير على القطاع الزراعي، حيث يعمل ما يقارب  الـ 65% من السكان في الزراعة، مشيرًا إلى اقتراب نفاد الاحتياطات الغذائية للمزارعين الذين نجحوا في إنتاج المحاصيل رغم الصراع الدائر، بجانب الارتفاع الحاد في الأسعار، وصعوبة الوصول إلى الأشخاص الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

وقال مارتينا إن الصراع يزيد من أزمة الجوع، ويقيد الإنتاج الزراعي، ويدمر البنية التحتية الرئيسية وسبل العيش، وذلك بجانب عرقلته للتدفقات التجارية، وتسببه في زيادات حادة في الأسعار، فيما يقيد الصراع أيضًا وصول المساعدات الإنسانية، ويؤدي إلى نزوح واسع النطاق.

 وأوضح أن انتشار القتال وتصاعده يؤثران بشكل مباشر على الأمن الغذائي، خاصة مع وصول الصراع إلى مناطق جديدة، لا سيما في ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض، والتي تعد بمثابة سلة الغذاء الرئيسية في السودان، على حد تعبيره.

وأضاف: "وخلال موسم الحصاد الأخير- الذي يمتد من تشرين الأول/ أكتوبر إلى شباط/فبراير، وهو عادة الوقت الذي يتوفر فيه الغذاء بأكبر قدر ممكن في السودان، من المتوقع أن يواجه ما يقدر بـ (18) مليون شخص أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذا هو أسوأ مستوى للجوع سجله التصنيف المرحلي للأمن الغذائي على الإطلاق خلال موسم الحصاد".

وجدير بالذكر أن الفاو كانت قد أصدرت الثلاثاء، تقريرها السنوي الذي يعمل على تقييم المحاصيل والإمدادات الغذائية في البلاد، فحص التقرير إنتاج الغذاء في العام المنصرم، وقيم الإمدادات الغذائية في جميع أنحاء ولايات السودان والمكونة من (18) ولاية.

وأوضحت نتائج التقرير الأضرار التي سببها النزاع للإنتاج الزراعي، ومن بينها أن أداء موسم إنتاج الحبوب الرئيسي لعام 2023 كان سيئًا للغاية بسبب تأثير الصراع، حيث انخفض بنسبة 46% عن محصول العام السابق. ووصف ماوريتسيو مارتينا آفاق إنتاج الغذاء في عام 2024 بـ "القاتمة".

وقالت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إيديم وسورنو "إن مهزلة إنسانية تجري في السودان تحت غطاء من الإهمال الدولي والتقاعس عن العمل". وزادت بالقول: "ببساطة، نحن نخذل شعب السودان".

وحذرت من حالة انعدام واسعة النطاق وسريعة التدهور في الأمن الغذائي في السودان. ومضت قائلة: "بكل المقاييس، الحجم الهائل للاحتياجات الإنسانية، وأعداد النازحين الذين يواجهون الجوع، يعد السودان واحدًا من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة".

وقالت إن "إيصال المساعدات الإنسانية بمثابة شريان الحياة لملايين الأشخاص الذين فقدوا كل شيء تقريبًا بسبب الصراع." معربة عن أسفها  إزاء العوائق الشديدة التي تواجه عملية الوصول إلى الفئات الأضعف، خاصة في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة.

وبالرغم من القرار الذي اعتمده مجلس الأمن، والذي يدعو إلى وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق إلى السودان. أكدت وسورنو عدم إحراز تقدم كبير على أرض الواقع منذ ذلك الحين معربة، عن أسفها الشديد إزاء ذلك.

ووصفت المؤتمر رفيع المستوى حول السودان ودول الجوار المقرر انعقاده في باريس في 15 نيسان/أبريل بـ"الفرصة المهمة لتقديم التزامات ملموسة لدعم عملية المساعدات ومعالجة المعاناة، بما في ذلك من خلال زيادة المساهمات المالية للنداء الإنساني للسودان لعام 2024"  والذي تلقى (131) مليون دولار، وهو ما يعادل 5% من جملة (2.7) مليار دولار.

يجب حظر استخدام التجويع كوسيلة للحرب، وحماية السلع الحيوية والبنية التحتية والخدمات اللازمة للنظم الغذائية والإنتاج

وكشفت إيديم وسورنو الخطوات العاجلة التي جاءت في توصيات المذكرة البيضاء، والتي قدمها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرًا إلى مجلس الأمن، وذلك في إطار معالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد، وتمثلت في ضمان احترام الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حظر استخدام التجويع كوسيلة للحرب، وحماية السلع الحيوية والبنية التحتية والخدمات اللازمة للنظم الغذائية والإنتاج.

وذلك بجانب ضمان التزام الأطراف بحوار إنساني مستدام لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر خطوط الصراع والحدود، وزيادة التمويل للعمليات الإنسانية، إضافة إلى الضغط من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار والتوصل إلى حل سلمي للصراع.