بالتزامن مع مواكب 30 من حزيران/يونيو الثلاثاء المنصرم، والتي نظمتها لجان المقاومة السودانية فقدت سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين المنتخبة في السيطرة على الصفحة الرسمية لتجمع المهنيين السودانيين في فيسبوك، وهي منصة إعلامية تتيح التواصل مع السودانيين ولجان المقاومة والتنظيمات وحتى وكالات الأنباء العالمية والصحافة المحلية.
ويقدر عدد متابعي حساب تجمع المهنيين السودانيين على فيسبوك بحوالي المليون متابع حتى اليوم الخميس، ونالت الصفحة قدرًا من الثقة كونها الصفحة الرسمية الموثقة بالعلامة الزرقاء من إدارة فيسبوك.
خبيرة تقنية: من الصعب استرداد حساب تجمع المهنيين للمجموعة القديمة، لأن فيسبوك يعطي الأحقية للمنشئ الأول للحساب
بعض الأطراف وصفت سيطرة السكرتارية القديمة على حساب تجمع المهنيين السودانيين في فيسبوك، وحذف محرري السكرتارية الجديدة من خاصية النشر؛ انقلابًا مكتمل الأركان في الفضاء المفتوح. ما يعني أن ثمة تأثيرات سياسية لعبت دورًا في الأمر، خاصةً وأن العملية تزامنت مع مليونية 30 حزيران /يونيو، حيث يلعب تجمع المهنيين دورًا كبيرًا في قيادة المواكب وتوجيه المسارات، سيما مع الطوارئ في الميدان أو وقوع أعمال عنف من الشرطة وقوات الأمن.
اقرأ/ي أيضًا: "بلدنا" حركة سياسية جديدة بروح ثورية على أنقاض النادي السياسي القديم
ولطالما لعب التجمع دورًا بارزًا في فك الاختناق الأمني للمحتجين السلميين في الأحياء أثناء الحراك الشعبي، وذلك عبر توجيه الأحياء المجاورة بالخروج إلى التظاهر لتقليل الضغط الأمني عن الحي المستهدف.
وذهبت بعض التغريدات والمنشورات أبعد من ذلك، حيث وصفت السكرتارية القديمة بـ"الانقلابيين"، وتم التلاعب بصور مجلس قيادة انقلاب الإنقاذ، حيث غير بعض الناشرين صورة المخلوع عمر البشير أثناء تلاوته للانقلاب العسكري في نهاية حزيران /يونيو 1989 وهو يتوسط عسكريين، ووضعوا صورة محمد ناجي الأصم عضو السكرتارية القديمة وخلفه عضو السكرتارية القديمة الآخر إسماعيل التاج، وهما المتهمات بقيادة الانشقاق في تجمع المهنيين.
وأظهرت الصور التي تعرضت للتلاعب عبر "فوتوشوب"، الأصم وهو على منصة الانقلاب العسكري بعد فقدان السكرتارية الجديدة السيطرة على حساب تجمع المهنيين في فيسبوك.
ولم يستبعد نشطاء نظرية المؤامرة عن العملية التي وقعت في نهار الثلاثاء، وأشاروا إلى أن سيطرة السكرتارية القديمة على حساب تجمع المهنيين في فيسبوك تمت بطرق فنية والاستعانة بخبراء تقنيين، وهو ما نفاه أحد المقربين من السكرتارية القديمة وقال لـ"ألترا سودان"، إن الحساب لن يسترد لصالح السكرتارية الجديدة، لأنه بحوزة السكرتارية القديمة التي أنشأت الصفحة. وبالتالي يمكن مشاركة السكرتارية الجديدة في إدارة الصفحة لكن لا يمكن حذف الشخص الذي قام بإنشاء الحساب أول الأمر.
اقرأ/ي أيضًا: وزير الصحة ينفي خروجه في مليونيات 30 حزيران/يونيو
وتؤكد الخبيرة الإلكترونية وخبيرة منصات التواصل الاجتماعي سارة محمد الحسن لـ"ألترا سودان" أنه من الصعب استرداد حساب تجمع المهنيين السودانيين لصالح السكرتارية الجديدة، لأن "فيسبوك" وضع معايير جديدة على إدارة الحسابات لمنح المزيد من الأمان للمستخدمين، فالشخص الذي انشأ الحساب أولًا هو المتحكم الرئيسي في الحساب، ولا يمكن إبعاده إلا باختراق حسابه الشخصي، ومن ثم إبلاغ إدارة فيسبوك بالإزالة وقد تستجيب أو لا تستجيب إدارة فيسبوك للطلب حسب ما تراه مناسبًا".
وتوضح سارة أن :"إدارة فيسبوك عادة ما تغلق الحسابات الموازية أو الشبيهة للاسم الأصلي، لذلك لم تتردد في إغلاق الحساب الجديد لتجمع المهنيين السودانيين الذي يدار بواسطة السكرتارية الجديدة".
خبيرة: استعادة صفحة تجمع المهنيين لصالح السكرتارية الجديدة مسألة صعبة، ولا يمكن أن تحدث إلا عبر تنازل "الأدمن الرئيسي" بالتراضي
وتعتقد سارة محمد الحسن أن استعادة صفحة تجمع المهنيين لصالح السكرتارية الجديدة مسألة صعبة، ولا يمكن أن تحدث إلا عبر تنازل "الأدمن الرئيسي" بالتراضي، لكن تقنيًا فإن إدارة فيسبوك تعطي الأحقية للشخص المنشئ للصفحة، وهو ما يحدث حاليًا في حساب تجمع المهنيين.
وبعد فقدانها للسيطرة على الصفحة الرسمية، أنشأت السكرتارية المنتخبة صفحةً أخرى بنفس الاسم، ولكن سرعان ما تعرضت للإغلاق من قبل فيسبوك، حيث سارعت السكرتارية لنشر بيان يوضح أن الصفحة تعرضت لبلاغات متعددة، الأمر الذي أدى لإغلاقها، وهو ما دعا الكاتب الصحفي والناشط أحمد الشريف للتشكيك في قدرات الجماعة الانقلابية على القيام بهذا الأمر، حيث اتهم "لجان إلكترونية" عالية التنظيم بالمشاركة في إغلاق الصفحة الجديدة، وأردف بالقول: "قد تكون أجنبية".
وحصد انقلابيو تجمع المهنيين انتقادات حادة منذ سيطرتهم على حساب الفيسبوك لهذا الكيان النقابي الذي قاد الحراك الشعبي، وحظي بإجماعٍ نادرٍ بين السودانيين، حيث ساعد التأييد الشعبي للتجمع في الإطاحة بالنظام البائد، فمثلًا كتب "موسى إدريس" معلقًا: "وصلنا مرحلة العزل السياسي الحرج، حتى الآن ما لقيت جهة تدافع عن الانقلابيين في سرقتهم" في إشارة إلى سيطرة السكرتارية القديمة للصفحة الإعلامية الموثقة والتي تقترب من مليون متابع.
كما انتشرت تصميمات زرقاء كتبت عليها "انتهى عهد الانقلابات في السودان" مع وسم "العزل السياسي للانقلابيين"، والذي شهد تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، بينما حاول مؤيدو السكرتارية القديمة المنتقدين التبرير بأنها تتصدى للاختطاف الحزبي للتجمع، في اتهامٍ للحزب الشيوعي السوداني بمحاولة الهيمنة على تجمع المهنيين، على الرغم من أن الحزب الشيوعي نفسه اتهم المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي بالهيمنة على مقاعد السكرتارية الأولى.
ومن الناحية التقنية ربما سيطول انتظار السكرتارية الجديدة لاستعادة حساب تجمع المهنيين على فيسبوك، طالما أن معايير فيسبوك تعتمد المنشئ الأول للحساب، بجانب أن استمرار الخلافات لا يمنح للطرفين فرصة للانخراط في نقاشات جديدة.
بينما لاحقت الاتهامات عضو السكرتارية القديمة مهند محمد حامد الشهير بـ(ياو ياو)، بالسيطرة على صفحة تجمع المهنيين. فلم تتردد السيدة "هناء الأمين" في توجيه إتهامٍ صريحٍ لمهند بالسيطرة على حساب التجمع على فيسبوك، وطرد السكرتارية الجديدة وتقويض الديمقراطية.
وقالت هناء في منشور على حسابها على فيسبوك: "قرر مهند في يوم (30) حزيران/يونيو 2020 أن ينقلب على السكرتارية الجديدة والانفراد بالتحكم في صفحة التجمع على فيسبوك، وقرر أن وحده يعلم مصلحة الشعب السوداني". فيما لم يتسن لـ"ألترا سودان" الحصول على تعليق فوري من مهند، غير أن وائل طه المنخرط في صفوف التجمع الاتحادي يشير إلى أن الحساب يدار بواسطة السكرتارية القديمة، ولم يختطف كما تروج السكرتارية الجديدة.
أما الساخطون على الطرفين فيرون أن العمل السياسي غاب على الأرض وتحول إلى الأسافير، خاصةً في بلدٍ مترامي الأطراف وبه مناطق كثيرة غير مشمولة بشبكات الإنترنت والكهرباء، ما يعني أن تأثير التجمع نفسه يقتصر على المدن فقط، وأن النقابات الحقيقية هي أهدافٌ رئيسية لبناء الديمقراطية، عوضًا عن العراك حول حساب فيسبوك.
اقرأ/ي أيضًا
"موكب كسلا" يمهل الحاكم العسكري ثلاثة أيام لإقالة مسؤولي حزب المخلوع
الصحة تصدر التقارير الوبائية وتكشف عن أسباب توقفها في الأيام الفائتة