05-فبراير-2022

يتزايد قلق عاملين في دور رعاية الأطفال في ولاية الخرطوم من تكدس "الذكور"، بينما تتزايد طلبات التبني والكفالة على الطفلات؛ إذ أن  ضعف السياسات العامة لدى المؤسسات المعنية هي السبب في المباشر في نظر متخصصي الخدمة الاجتماعية في تدهور الأوضاع في هذه الدور.

وانتشرت معلومات غير مؤكدة أمس الجمعة عن وفاة بعض الأطفال في دار رعاية الطفل اليتيم بالخرطوم "المايقوما"، ولم يتمكن "الترا سودان" من التأكد من صحة هذه المعلومات.

وأُسس دار رعاية الطفل اليتيم في الخرطوم في ستينات القرن الماضي، وتأثر بالتقلبات السياسية في هذا البلد الذي دفع تكلفة الانقلابات العسكرية بشكل فادح في الوضع الاقتصادي والإنساني.

تعاني المرضعات من تدني الأجور وصعوبة التنقل وغياب التدريب

  وتتقاسم وزارتا الصحة والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم الإشراف الطبي والاجتماعي والإنساني على دار رعاية الطفل اليتيم "المايقوما"، لكن بعض المحللين الإجتماعيين يؤكدون لـ"الترا سودان" أن مسؤوليات كل طرف غير واضحة ما يضع أمام هؤلاء الأطفال معوقات متعددة مثل غياب الرعاية الطبية المستمرة وانخفاض أعداد المرضعات وعدم المضي قدمًا في مشاريع سياسات عامة قد تشجع الأمهات البيولوجيات على متابعة الحالة الصحية والإنسانية لأطفالهن.

بين عامي 2020 و2021 تعاقدت وزارة التنمية الإجتماعية بولاية الخرطوم مع (300) سيدة مرضعة، فيما كانت أعداد المؤهلات بينهن حسب معايير العمر والصحة البدنية (50) سيدة.

وتنص المعايير الدولية على تخصيص سيدة مرضعة لكل ثلاثة أطفال فقط يوميًا لأن الطفل حديث الولادة يحتاج إلى الرضاعة كل ساعتين.

تقول انتصار حسن وهي عاملة في الخدمة الاجتماعية في حديث لـ"الترا سودان"، إن المرضعات في دور الأطفال في العاصمة أو المدن لا يتم التعاقد معهن بالصورة المثالية ومنحهن أجور مجزية.

وتشير إلى أن سيدة واحدة قد تُرضع أكثر من (20) طفلًا في دور الرعاية، ويحدث هذا الأمر في دار رعاية اليتيم "المايقوما" في السنوات الأخيرة مع انخفاض رغبة المرضعات في العمل بأجور قليلة.

ويأوي دار الطفل اليتيم بالخرطوم "المايقوما" نحو (600) طفلًا وكانت وزارة التنمية الإجتماعية بولاية الخرطوم حذرت في العام 2020 من أن قطوعات الكهرباء أدت إلى وفاة بعض الأطفال بسبب ارتفاع حرارة الطقس في فصل الصيف.

وفي نهاية العام الماضي، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود الفرنسية أنها تعتزم توفير مولد كهربائي في الدار لكن صعوبة استقدام فريق فني من فرنسا للتركيب أدى إلى تحويل هذا المشروع لتوصيل خط ساخن بسداد المنظمة تكلفته.

وتقول المرضعات اللائي يعملن في دور رعاية الأطفال بالعاصمة إن الأجور التي يتقاضونها قليلة مقارنة مع مهامهن التي تتطلب البقاء ثمانية ساعات بجوار الأطفال وفي مناوبات خلال اليوم الواحد.

وتتقاضى المرضعة نحو خمسة آلاف جنيه "أقل من 10دولارات" شهريًا، فيما دفعت منظمة أطباء بلا حدود التي وقعت مذكرة مع وزارة التنمية في العام 2020 أجور اضافية بلغت (12) ألف جنيه للمرضعة كما دفعت المنظمة الفرنسية (30) ألف للطبيب العمومي بدار رعاية الطفل اليتيم بالخرطوم.

ويوضح مصدر حكومي أن مشكلة دار الطفل اليتيم ليست مالية بل السياسات العامة غير واضحة والعبء الأكبر يقع على عاتق وزارة الصحة الولاية رغم وجود العديد من المشاكل الصحية وهي من صميم وزارة الصحة الإتحادية".

وتابع : "التدخلات الصحية يجب أن تكون من صميم وزارة الصحة الإتحادية.

وتابع المصدر : "عندما تحضر الشرطة طفلاً يحتاج للرعاية الأبوية إلى الدار يجب أن يذهب إلى المستشفى أولًا تحت إشراف وزارة الصحة الاتحادية حتى يتسلم الدار طفلًا سليمًا".

ويضيف المصدر إن : "السياسات العامة اذا وضعت بطريقة صحيحة فإن دور الإيواء يمكن أن تقدم خدمات جيدة لدرجة خفض الأعداد عبر سياسات عليا تقلل أعداد الأطفال محتاجي الرعاية الأبوية".

وتبدو السياسات العامة بشأن الكفالة وتبني الأطفال في السودان تقف عائقا أمام حل مشكلة بقاء الأطفال في هذه الدور لفترات طويلة قد تمتد لسنوات فالعائلات بحسب مصدر حكومي من وزارة التنمية الإجتماعية تفضل تبني الطفلات وليس الأطفال الذكور.

اقرأي أيضًا: حولية "ستي مريم".. في تذكر امرأة أحبت الناس وأحبوها

حينما سأل "الترا سودان" المصدر الحكومي عن السبب قال إن المجتمع يعتقد أن حل مشكلة فتاة صغيرة أفضل من حل مشكلة الفتيان لأن الأطفال يمكنهم التأقلم مع كل الظروف عكس الفتيات.

خففت حكومة حمدوك القيود أمام "الأمهات البيولوجيات" لكن هذه المكاسب مهددة بالزوال 

وعندما جرى تشكيل المؤسسات الانتقالية في نهاية العام 2019 أتخذت بعض السياسات المرنة التي تساعد الأمهات البيولوجيات على وضع أطفالهن في موقع آمن لنقلهم إلى دور الإيواء لكن هذه الإجراءات لم تستمر طويلًا لحاجتها لتدخلات حكومية أكثر أمانًا لدى "الأمهات البيولوجيات".

وعملت وزارة التنمية الإجتماعية بولاية الخرطوم في العام 2020  على تخفيف القيود لدى "الأمهات البيولوجيات" بإرسال الأطفال حال عدم رغبتهن في الرعاية إلى دور الإيواء بشكل آمن متفق عليه بين الطرفين بشكل سري.

ويوضح المصدر الحكومي أن الوضع حاليًا يمر بحالة فراغ حكومي وغياب المؤسسات أو صعوبة تأسيس تشريعات جديدة قد تساهم لكن مع ذلك تعمل دور الإيواء على ضمان رعاية الأطفال محتاجي الرعاية الأبوية.

اقرأ/ي أيضًا

هيومن رايتس ووتش تطالب بإجراءات ملموسة لإنهاء القمع في السودان

"سودان فلم فاكتوري" تنظم ورشة عن صناعة الأفلام الوثائقية

دلالات: