بعد اندلاع الحرب في بلدهم توجه آلاف السودانيين إلى دولة أوغندا الواقعة شرق القارة الأفريقية. وفي إطار محاولة "الترا سودان" معرفة الحالة الاقتصادية والمعيشية وفرص الاستثمار في هذا البلد، أجرى مقابلة مع رجل الأعمال السوداني عبدالرحيم عسكر الذي يملك شركةً لصناعة القهوة وتصديرها، ويعمل في مجال الاستثمار في أوغندا منذ العام 2005.
تطرق عسكر إلى العديد من مجالات الاستثمار وقدم نصائح للسودانيين القادمين إلى أوغندا لا سيما من ينوون الإقامة الطويلة والاستثمار
نصح رجل الأعمال السوداني عبدالرحيم عسكر السودانيين الراغبين في السفر إلى أوغندا بغرض الاستثمار – نصحهم بالتوجه إلى الصناعة حتى لو إن كان رأس المال قليلًا، قائلًا إن بإمكانهم الاستثمار في صناعة التغليف أو تعبئة المياه، وأما من يود الاستثمار في الصناعات الكبيرة فيمكنه –بحسب عسكر– العمل في العديد من المجالات المرتبطة بالصناعة التحويلية للمحاصيل.
وأوضح عسكر في حواره مع "الترا سودان" أنه في أوغندا منذ العام 2005. بدأ عمله بتجارة المحاصيل داخل أوغندا. والآن لديه "مصنع للقهوة"، ويصدر البن، لافتًا إلى أن البن يحل في المرتبة الثانية مباشرة في الاقتصاد الأوغندي، لذلك فهم يتشددون في المواصفات والشروط – بحسب عسكر. ويضيف: "عندما نشحن القهوة، يأتي خمسة موظفين من مختلف الجهات الحكومية للإشراف والرقابة على الشحن حتى يتأكدوا من مطابقة الشحنة للمواصفات". "بالنسبة إليهم هذه الشحنة تدر عملات صعبة، ولذلك فهناك تشدد حكومي وصرامة في الإجراءات" – أردف عسكر.
وقال عسكر إنه يشتري البن من المزارعين، ويخضع في المصنع لعمليات الفرز لتقييم الجودة حسب حجم حبة البن. "يمكن فرز خمسة أنواع" – يوضح عسكر.
"أوغندا تحظى بإنتاجٍ عالٍ من البن، لكن إنتاج الكونغو قد يكون أكبر، إلا أن عامل عدم الاستقرار في الكونغو يؤثر سلبًا على اقتصادها، وعدم استفادة سكانها من الموارد التي يستفيد منها الأجانب" – قال رجل الأعمال السوداني عبدالرحيم عسكر.
الاستقرار الاقتصادي
وعن سر استقرار تجارته في أوغندا طوال هذه السنين، يقول عسكر إن ذلك يعود إلى استقرار العملة الأوغندية (الشلن) منذ سنين عديدة إلى جانب الأمان الاقتصادي في السوق الأوغندي. ويضيف: "أنا أستثمر أموالي هنا منذ (19) عامًا. هنا يمكنك استبدال العملة إلى الدولار في أي موقع، حتى عامل الملحمة يمكنه أن يستبدل الدولار بالشلن الأوغندي أو العكس".
وأردف عسكر: "مثلًا تلاحظ في وسط كمبالا وجود نحو (40) صرافة في مبنى واحد، جميعها تعمل في العملة دون أي قيود حكومية"، مشيرًا إلى أن العملة مستقرة ولا توجد مخاوف من الارتفاع. وزاد: "مؤخرًا حدث انخفاض في الدولار مقابل الشلن الأوغندي حسب متابعتي، مع زيادة الاستثمارات السودانية عقب توجه الآلاف إلى هنا بعد اندلاع الحرب في السودان". "لقد علمت ذلك من أحد المصرفيين الأوغنديين" – يوضح عسكر.
التسهيلات الحكومية
وبشأن الإجراءات الحكومية وتسهيلات أوغندا للسودانيين، يقول عسكر إنه تفاجأ بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأوغندية بتسهيل دخول السودانيين إلى أوغندا دون قيود صارمة ومراعاتها ظروف الحرب في السودان. "لقد وصل آلاف السودانيين إلى هنا، وبعضهم بلا وثائق سفر. أعتقد أن هذا التعامل كان جيدًا ومحل تقدير" – يضيف عسكر.
ويوضح عسكر أن من ضمن تسهيلات أوغندا للسودانيين السماح لهم بالإقامة لمدة عام آخر حال انتهاء تأشيرة الدخول. كما يمكن الحصول على رخصة عمل بناءً على هذه الإقامة، لكن عندما تعمل يتعين عليك أن تدفع الضرائب للحكومة الأوغندية خلال ستة أشهر خاصةً المستثمرين – بحسب عسكر. "وفقًا لنظام الضرائب يبدأ السداد في 30 حزيران/يونيو من كل عام، وتمهلك الحكومة حتى نهاية العام" – يوضح عسكر. ويضيف: "في حال لم تسدد الضرائب بحلول نهاية العام يترتب على ذلك إيقاف النظام وإنهاء الرخصة، لكن قبل ذلك تتلقى رسالة عبر بريدك الإلكتروني بشأن التقييم الضريبي. يمكنك السداد قبل فوات الأوان".
مجالات الاستثمار
وعن أفضل المجالات لصغار المستثمرين ورؤوس الأموال الصغيرة، يقول عسكر: "إن كنت تريد استثمار ثلاثة إلى خمسة آلاف دولار، يمكنك شراء المحاصيل من المحافظات ونقلها إلى المدن. هذه تجارة ناجحة ولا تحتاج إلى رخصة عمل". ويضيف: "عندما وصلت إلى أوغندا، بدأت بتجارة المحاصيل مثل عباد الشمس". "تجارة الماشية أيضًا رائجة هنا وقليلة المخاطر. بدأ بعض السودانيين العمل في هذا المجال مؤخرًا" – أردف عسكر.
وبشأن فرص العمل للمهنيين والعمال في أوغندا، يوضح عسكر: "فرص العمل هنا قليلة، وحتى إن عثرت على وظيفة فلن يتجاوز راتبك (150) – (200) دولار أمريكي، وهذا مبلغ جيد للمواطن الأوغندي ويوفر له السكن والطعام، لكن السوداني الذي يعول أسرة ويريد السكن في شقة بـ (250) دولار أمريكي، لا يمكن أن يقبل بمثل هذا الراتب، لا سيما وأن السودانيين لم يتعودوا العيش في منازل صغيرة مثل الأوغنديين".
المعيشة
وعن سبل تدبير المعيشة في أوغندا، ينصح عسكر السودانيين المقبلين إليها أو المقيمين فيها بعدم الاعتماد على تناول الطعام من المطاعم، لافتًا إلى أن متوسط سعر الوجبة يبلغ (15) ألف شلن أوغندي –أي ما يعادل خمسة دولارات أمريكية– "وهذا مبلغ كبير جدًا" – يقول عسكر، مضيفًا: "على الشخص أن يطهو طعامه في المنزل أو أن يشتري الطعام الأوغندي؛ فهو رخيص (تباع الوجبة المحلية بأربعة إلى ثلاثة آلاف شلن – وهو ما يعادل أقل من دولار أمريكي واحد) مقارنةً بالأطعمة السودانية المكلفة".
وأشار عسكر إلى أن من ميزات أوغندا أن السكان المحليين ودودون جدًا ويرحبون بالجميع، لافتًا إلى أن "هناك تسامح ديني كبير، ويمكن أن تجد في المنزل الواحد المسلم والمسيحي يتعايشون معًا".
وبالسؤال عن مجالات أخرى للاستثمار، أجاب رجل الأعمال السوداني عبدالرحيم عسكر بأن "المجال الطبي واعد جدًا في أوغندا، ويمكن إنشاء مستشفيات ومستوصفات تقدم خدمة العمليات الصغيرة". ويضيف: "قد يأتي مريض واحد إلى المستشفى ويدفع في فحوصات عادية (100) دولار أمريكي". "الاستثمار في هذا المجال مضمون" – أكد عسكر.
وعن مستقبل السودانيين في أوغندا، يرى عسكر أن الأمر يعتمد على الاقتصاد والدخل الشهري والتحول إلى النظام الغذائي المحلي، منوهًا بأن "المنتجات المحلية رخيصة، ويمكن شراء الخضروات والطهي في المنزل أو الاعتماد على الوجبة المحلية". "لكن لا يمكن الاعتماد على الوجبات السودانية المكلفة" – يشدد عسكر.
رجل الأعمال السوداني عبدالرحيم عسكر لـ"الترا سودان": مجالات الاستثمار في أوغندا واسعة لكن هامش الربح قليل
وأوضح عسكر أن مجالات الاستثمار في أوغندا واسعة، مضيفًا: "لكن على السودانيين أن يعلموا أن هامش الربح قليل، فشحنة واحدة تكلفتها (60) ألف دولار أمريكي مثلًا قد تربح منها ألف دولار فقط. ومشكلة المستثمر السوداني أنه معتاد على الأرباح العالية".