في هذا الحوار يُجيب عميد كلية القانون، بجامعة الخرطوم، د. محمد عبدالسلام، على أسئلة "الترا سودان"، عن العدالة الانتقالية في السودان، عقب ثورة كانون الأول/ديسمبر 2018. وأثناء الفترة الانتقالية. وما هي الحوجة الآن لها؟ وهل الحكومة الانتقالية، وأطراف العملية السياسية، مهتمون بتحقيق العدالة الانتقالية؟ وأي نموذج أقرب للتطبيق نظرًا للحالة السودانية.
العدالة الانتقالية تعني التعامل مع تركة الانتهاكات الواسعة والجسيمة التي حدثت إبان حكم الدكتاتورية في السودان
-
بشكل مباشر، ما الذي نعنيه بمفردة عدالة انتقالية؟ وماهي ضرورتها في الفترة الانتقالية الحالية؟
- العدالة الانتقالية تعني التعامل مع تركة الانتهاكات الواسعة والجسيمة التي حدثت إبان حكم الدكتاتورية في السودان. ويتم ذلك بعدة طرق قضائية وغير قضائية. وتشمل هذه الطرق: التجريم الجنائي والمحاسبة، وتكوين المحاكم الخاصة، والهجين، والمختلطة. بجانب ضرورة الإصلاح القانوني والمؤسسي للمنظومة العدلية. حتى يستطيع النظام القضائي القيام بأمر محاسبة المتهمين.
اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي والتباين ما بين الحكومة والرأي العام بخصوص التطبيع في السودان
تشمل العدالة الانتقالية وسائل أخرى غير قضائية، وتتمثل هذه الوسائل غير القضائية في تكوين المفوضيات الخاصة بالحقيقة والمصالحة، أو الحقيقة والكرامة، والتي تعمل على كشف الحقيقة والعفو المشروط، والاعتراف بالجرائم، وكذلك الإصلاح المؤسسي والقانوني، وجبر الأضرار بالنسبة للضحايا.
-
وعليه، ترى بأنّها ضرورية في السودان وفي الفترة الانتقالية الحالية؟
- بالطبع، العدالة الانتقالية ضرورية في السودان، لأنها لا تنجح إلا في فترات الانتقال السياسي. بعد ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة، هنالك ضرورة ملحة للعدالة الانتقالية، لأنّ المجتمع في حالة انتقال، وبالتالي هي ضرورية، وأيضًا فرص نجاحها متوفرة، لإمكانية توفّر المجتمع الديمقراطي، المتوقع أنْ تُقام فيه هذه العدالة الانتقالية.
العدالة الانتقالية مهمة أيضًا من أجل الانتقال نهائيًا من المجتمع القمعي، إلى مجتمع تسود فيه سيادة حكم القانون والدستور. ويكونان الأساس الذي يتحاكم إليه الشعب.
-
هناك نماذج عديدة سابقة لعدالة انتقالية؛ جنوب إفريقيا/رواندا/تونس/تشيلي...إلخ، أي نموذج من هذه يصلح في السودان؟ ولماذا؟
- صحيح، هنالك نماذج عديدة، ولكن كل هذه النماذج ليست بالضرورة تصلح للسودان، وإنما يحب الاستفادة منها كنماذج فُضلى للعدالة الانتقالية. لذا من الضروري ابتدار نموذج سوداني للعدالة الانتقالية، يؤسس على التجربة السودانية، وذلك من أجل التعامل مع تركة الماضي.
-
بالنظر إلى تجربتك الأكاديمية والعملية، إلى أي مدى تعتقد باستعداد السودانيين الآن لتحقيق العدالة الانتقالية؟
- هنالك حاجة ماسة لذلك، ولكن يفتقد الناس الوعي بأهميتها وضرورتها في نقل المجتمع إلى مجتمع ديمقراطي تسود فيه قيم حكم القانون. عامة الناس لهم استعداد طبيعي نحو تحقيق العدالة الانتقالية بأشكالها المتعددة، ولكن النُخب الحاكمة، عسكرية كانت أو مدنية، ليسوا على استعدادٍ للخوض في خلق اتفاقٍ تاريخي، وتسويةٍ تقودُ إلى حل معضلة الجاني والضحية، وكذلك مسألة جبر الأضرار.
-
إلى أي مدى تعتقد بأنّ الحكومة الانتقالية راغبة ومستعدة في إقامة عدالة انتقالية، وكذلك الأحزاب السياسية والحركات المسلحة؟
- للأسف، جميعهم يتحدث عن العدالة الانتقالية، ولكن للأسف أيضًا، ليس لديهم مشروع وطني، ولا نموذج سوداني للعدالة الانتقالية.
-
ماهي أبرز عقبات تحقيق العدالة الانتقالية في المرحلة الانتقالية؟
- أول هذه العقبات هي: عدم وجود نموذج سوداني للعدالة الانتقالية، هذا بالإضافة إلى فقدان الرغبة السياسية لأي مشروع جاد للعدالة الانتقالية. بجانب غياب التسوية التاريخية لأي انتقالٍ نحو المجتمع الديمقراطي، وكذلك سيادة حكم القانون. وأخيرًا: تناقص أولويات السلام والعدالة، وأيهما ذو أولوية على الآخر، وماهية أولويات الضحايا وأسرهم.
اقرأ/ي أيضًا: ناشطون يعتبرون النتائج التي كشفها المؤشر العربي بشأن السودان تقدمًا ملحوظًا
-
أخيرًا، ما هو دوركم كأكاديميين، وفي جامعة الخرطوم بالذات لدعم تحقيق العدالة الانتقالية؟
- الجامعة ناقشت محور العدالة الانتقالية في ملتقى الحوار والتحول الديمقراطي، وخرجت بالعديد من التوصيات. هنالك أيضًا منظمات مدنية، وتحالف عريض للعدالة الانتقالية، يقود طرح القضايا الملحة.
تدعم جامعة الخرطوم تقديم الرؤى من أجل مشروعٍ وطني متكامل للعدالة الانتقالية في السودان
جامعة الخرطوم تعمل على توفير بيئةٍ جيدةٍ لدعم تحالفات المجتمع المدني، وكذلك تدعم تقديم الرؤى من أجل مشروعٍ وطني متكامل للعدالة الانتقالية في السودان.
اقرأ/ي أيضًا