07-أكتوبر-2020

يصدر المؤشر العربي عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

اعتبر ناشطون في منظمات المجتمع المدني في السودان، نتائج المؤشر العربي فيما يتعلق بالسودان بتأييد (40) % من الفئات المُستطلعة عدم تكفير الأشخاص  وتأييد (72) % فصل الدين عن الدولة؛ تقدمًا ملحوظًا.

متحدث المهنيين: حتى الرافضون للمشاركة في الاستطلاع يمكن اعتبارهم يؤيدون فصل الدين عن الدولة

ورغم أن الاستطلاع احتوى على فئة رفضت الاستجابة للاستطلاع، خاصة فيما يتعلق بالأسئلة المطروحة حول الدين، إلا أن الرفض في حد ذاته مؤشر على أنهم يؤيدون فصل الدين عن الدولة، وعدم تكفير الأشخاص الذين لديهم تفسير مغاير حول الدين، بحسب متحدث تجمع المهنيين، وليد علي.

اقرأ/ي أيضًا: إضراب عمال أرياب الحكومية والخسائر تصل 36 كليو غرامًا من الذهب

ويقول وليد علي في إفادته لـ"الترا سودان": "الأشخاص الذين رفضوا الإجابة حول سؤال فصل الدين عن الدولة، هم أيضًا يؤيدون العلمانية لكن يخشون من الوصمة التي تلاحق الاعترافات في هذا الشأن، إذ لا زالت بعض الفئات تحت تأثير المجتمعات التقليدية".

وفي مجتمع محافظ إلى حد كبير، كان من الصعب المجاهرة بفصل الدين عن الدولة في السنوات القليلة الماضية، إلا أن صعود القوى الليبرالية مع ثورة كانون الأول/ديسمبر التي أطاحت بالنظام البائد، ساعد على ما يبدو الأصوات المطالبة بالعلمانية على الخروج العلني، وفي نفس الوقت بات تكفير الأشخاص طبقًا للآراء الدينية من الأمور المرفوضة. وساندت السلطة الانتقالية هذا الاتجاه، حيث توعد وزير العدل نصر الدين عبد الباري، التكفيريين بالملاحقة القانونية ضمن إصلاحات قانونية صدرت في تموز/يوليو الماضي. 

ويضيف متحدث تجمع المهنيين وليد علي في تصريحه لـ"الترا سودان": "إذا جاءت إجابة بعض المستجيبين للاستطلاع أن الأمر لا يعنيهم -أي وجود الدين في السياسة- فهذا يعني أنهم لا يرفضون تطبيق العلمانية".

وكشف المؤشر السنوي الذي أصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن (15) % من السودانيين الذين استجابوا للاستطلاع لا يؤيدون تكفير أشخاص يحملون وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين، بينما يوافق (57) % على هذا الرأي، وتعطي هذه النسب مجتمعة (72) % وهي نسبة رافضي التكفير.

وبحسب المؤشر العربي أجاب (19) % بالاعتراض، فيما أجاب (4.5) % من السودانيين المستجيبين بعبارة "أعارض بشدة" تأييد الأشخاص الذين يحملون وجهات نظر مختلفة حول تفسير الدين، وتشكل النسبتان معًا (23.5) % هم من يؤيدون تكفير الأشخاص بناءً على تفسيرهم للدين.

كما أظهر المؤشر، أن (9) % من السودانيين الذين استجابوا للاستطلاع يؤيدون فصل الدين عن السياسة، فيما يعارض بشدة (18) % هذا الاتجاه، بينما (31) % يوافقون على فصل الدين عن الدولة، و (38) % أجابوا بعبارة "أعارض فقط"، ما يعني أن (40) % من السودانيين يوافقون على فصل الدين عن الدولة.

اقرأ/ي أيضًا: وزير الصحة المكلف يزور الولاية الشمالية ويقف على الأوضاع الصحية

واعتبر متحدث تجمع المهنيين النسب التي جاءت في المؤشر العربي حول السودان تقدمًا كبيرًا في قبول العلمانية، مشيرًا إلى أن المواطنين أصبحوا أكثر وعيًا في النظر إلى الأشخاص الذين يجاهرون بالآراء الدينية بعدم الإسراع في تكفيرهم كما كان يحدث من حلفاء النظام البائد والتيارات الدينية المتشددة التي ترعرعت تحت بصر الأجهزة الأمنية لحزب المخلوع.

سقوط النظام البائد وآلته الإعلامية انعكس على تحسن مؤشرات الرأي العام حول مسألة الدين والدولة

وارتفع الحديث علانية عن العلمانية في الشهور الأخيرة على خلفية مطلب طرحه رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبدالعزيز الحلو في طاولة المفاوضات في شباط/فبراير الماضي؛ مطالبًا بفصل الدين عن الدولة مقابل تخليه عن مطلب تقرير المصير للمنطقتين.

كما أن سقوط النظام السابق وتوقف البرامج التلفزيونية التي كانت تعكس استطلاعات وآراء من جانب واحد في نظر متحدث تجمع المهنيين وليد علي، انعكس على تحسن مؤشرات الرأي العام حول مسألة فصل الدين عن الدولة، مشيرًا إلى أن النظام البائد المنتمي إلى التنظيم الإسلامي كان يستخدم آلة إعلامية مدعومة بإمكانيات مالية عالية لبث برامج تجرم الآخر وتكفره، وهناك أشخاص كانوا ضحايا لهذه الحملات.

ويعيب وليد على القوى السياسية عدم تعريف العلمانية التي تناسب السودانيين، وقال: "هل العلمانية التي تتدخل في قانون الأحوال الشخصية مثل تجريم زواج الرجل من امرأتين كما هو في النموذج التركي أم علمانية أخرى، لأن المدارس متعددة ويجب أن يختار السودانيون ما يناسبهم".

ويرى وليد علي أن من أيدوا تكفير الأشخاص دون التشدد بحسب إحصائيات المؤشر العربي وقعوا تحت تأثير مجتمعات أخضعتهم إلى تربية دينية عنيفة، وبالتالي إذا ما وجدوا الأجواء الملائمة يمكنهم أن يغيروا هذا الاتجاه نحو المزيد من الانفتاح.

وتابع وليد علي: "حتى بين جموع الأطباء وهم فئة محسوبة على الطبقة المستنيرة نجد من يقول أن بلادنا تنتظر القائد الأوحد، لكن دائمًا ما أقول لهم هذا يعني حكم الفرد وهو التأثير الديني الذي وقعوا فيه نتيجة استمرار النظام البائد (30) عامًا يغذي عقولهم على أن المطلوب هو القائد الأوحد".

اقرأ/ي أيضًا: مسح: الغالبية العظمى من السودانيين يعتبرون فلسطين قضيتهم ولا يعترفون بإسرائيل

من ناحيته يؤكد عضو المرصد السوداني لحقوق الإنسان، نصر الدين دفع الله، أن: "وتيرة الاستجابة للدولة الدينية ترتفع كلما انخفض الوعي، لكن بعد ثورة ديسمبر المجيدة وسقوط التنظيم البائد، ذهبت آلته الإعلامية التي صورت فصل الدين عن الدولة بالإلحاد والكفر وأغلقت منافذ الرأي الآخر تمامًا ولم يسمع سوى صدى صوته، وكان طبيعيًا أن يسقط نظام قائم على خلط الدين بالدولة".

عضو المرصد السوداني لحقوق الإنسان: الدولة المدنية نفسها مرادفة للعلمانية لأنها تقوم على المواطنة

ويوضح دفع الله أن نسبة الـ(40) % من مؤيدي فصل الدين عن الدولة والتي أوردها المؤشر العربي نسبة عالية جدًا، ويعتبر تقدمًا ويمكن إذا توسع الاستطلاع أن ترتفع النسبة إلى أكثر من (40) %، والسبب في ذلك النظام البائد الذي كان يتاجر بالدين وثورة ديسمبر التي رفعت الوعي.

وتابع عضو المرصد: "الدولة المدنية نفسها مرادفة للعلمانية لأنها تقوم على المواطنة وليس الدين أو الجنس"، موضحًا أن رفض (72) % لتكفير الأشخاص لمجرد تفسيرات دينية مؤشر جيد جدًا، وهذا يعني أن المجتمع السوداني يسير في الاتجاه الصحيح ورمى الدولة الدينية وراء ظهره.

وأضاف: "كلما نهضت البلاد وارتفعت الثورة الصناعية والاقتصاد يرتفع الوعي ولا يكون الأشخاص أسرى لدعاة الدولة الدينية". 

بينما يعتقد متحدث تجمع المهنيين والطبيب البيطري وليد علي، أن الوعي في السودان ارتفع إبان مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا في العام 1995، عندما اتفقت القوى السياسية التي شاركت في المؤتمر على منع قيام أحزاب ذات طابع ديني، وإقرار المدنية وحق المواطنة بدلًا عن الدولة الدينية.

اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي.. أضخم قياسات الرأي العام بالمنطقة العربية

وأردف: "بعد مسيرة سنوات يمكننا أن نقول أن السودانيين على أعتاب دولة مدينة غير متأثرة بالدين الذي يختلط بالسياسة، لأن النظام البائد قدم تجربة سيئة في هذا الصدد".

عضو مرصد حقوق الانسان: كلما نهضت البلاد اقتصاديًا وصناعيًا يرتفع الوعي ويقل الارتداد للدولة الدينية

وأضاف: "قبل سقوط النظام كانت الآلة الإعلامية تتهم الحزب الشيوعي بالتكفير، وحاليًا الشيوعي متهم برفض روشتة صندوق النقد الدولي وفشل برامجه الاقتصادية، وهذا تحول كبير جدًا طرأ على المشهد السياسي".

اقرأ/ي أيضًا

مقتل ضابط شرطة في "هيا" أثناء محاولة اقتحام مقر إحدى الشركات

"الوحدوي الناصري" يبلغ سفير فلسطين بالسودان رفضه للتطبيع