06-أكتوبر-2020

من مراسم توقيع السلام بالعاصمة جوبا (Getty)

بعد مفاوضات امتدت لعام كامل، تمّ التوقيع في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا، على اتفاقية السلام، بين الحكومة الانتقالية، والجبهة الثورية. فيما لم يشمل الاتفاق في صورته النهائية فصيلين مهمين، وهما: حركة تحرير السودان جناح عبدالواحد محمد نور، والحركة الشعبية شمال، جناح عبدالعزيز الحلو. حوت الاتفاقية العديد من المكاسب، والإيجابيات. أبرزها إنهاء حقبة طويلة من الحرب. لكن ما هي أبرز عقبات تنفيذ هذه الاتفاقية؟

يشير مراقبون إلى جملة من العقبات التي قد تعرقل الاتفاقية

وجرتْ مراسم التوقيع على اتفاقية سلام جوبا، بحضور مسؤولين ورؤساء دول وحكومات إقليمية وعربية، بجانب ممثلين عن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة. ويُعالج الاتفاق عبر بروتكولات ستة، عدد من القضايا، من بينها القضايا القومية، والهُوية، والترتيبات الأمنية، والمواطنة، والعدالة الانتقالية، بجانب الحريات العامة. فيما أفردت الاتفاقية بندًا خاصًا بالنازحين واللاجئين، بغرض ترتيب أوضاعهم، وإعادتهم إلى مناطقهم التي هجّرتهم منها الحرب، وجبر ضررهم بالتعويض والإعمار. لكن مراقبين، ومع تأكيدهم على المكاسب الكبيرة التي حوتها الاتفاقية، إلا أنهم أشاروا إلى جملةٍ من العقبات التي من المتوقع تُعرقلها.

اقرأ/ي أيضًا: مسح: الغالبية العظمى من السودانيين يعتبرون فلسطين قضيتهم ولا يعترفون بإسرائيل

يُفصّلُ شمس الدين ضو البيت، عضو الوفد الحكومي المفاوض، أبرز العقبات التي ستُواجه اتفاقية السلام، بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، في ما أسماه: عقبة الذهنية المركزية التاريخية. ويشرح شمس الدين ذلك في إفادته لـ "ألترا سودان"، في الذهنية المركزية التي ظلّت طوال العقود الماضية تُقاوم مسألة أيلولة السلطات الحقيقية للأقاليم، وإلى المناطق خارج العاصمة. ومظاهر ذلك -بحسب شمس الدين- في الاحتجاج على أنّ المخصصات التي أقرّتها الاتفاقية لإقليم دارفور كبيرة.

العقبة الثانية أمام الاتفاقية، والحديث لضو البيت، في التمويل، وهو أقل من خُمس ما يتم صرفه على الحرب سنويًا أيام حكومة الإنقاذ. بجانب أنّ هناك مشكلات أخرى ذات طبيعة فنية وإدارية. وكيفية ترجمة التوجهات الجديدة التي جاءت بها الاتفاقية، وعودة الحكم الإقليمي الفيدرالي، والمفوضيات.

ويقترح شمس الدين، حلولًا لهذه العقبات الثلاث، بضرورة تمليك ما تمّ الاتفاق عليه، إلى المستفيدين من سكان الريف السوداني، والنطاقات الرعوية. وفيما يخص التمويل، فحله في ضرورة تكوين مظلة إقليمية ودولية للتركيز على إيجاد التمويل من الأشقاء في دول الخليج، الذين أبدوا استعدادًا وافرًا لذلك. وأخيرًا، فإنّ عقبة القضايا الفنية والإدارية هي تحدي خاص بالسودانيين، وإيمانهم ببناء دولتهم.

اقرأ/ي أيضًا: المؤشر العربي.. أضخم قياسات الرأي العام بالمنطقة العربية

الصحفي المهتم بقضايا السلام، وليد النور، يُشير إلى جملة من العقبات التي من الممكن أنْ تُواجه اتفاقية السلام، أول هذه العقبات هي التمويل المالي الذي ستُقابل به كل من الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، ما تمّ الاتفاق عليه في الاتفاقية. تجدر الإشارة هنا إلى قضايا مثل إعادة النازحين، وإعمار ما دمّرته الحرب، ومسائل أخرى مثل التنمية المتوازنة. العقبة الثانية بحسب النور، هي تسمية الولايات الحالية بالأقاليم، وعددها ثمانية. يُشير وليد النور في إفادته لـ "ألترا سودان" إلى أنّ هناك عدد من الأقاليم ستُواجه تحديات بخصوص الولايات التي سيتم تحويلها إلى ثمانية أقاليم. وضرب مثلًا بولايتي غرب كردفان وجنوب كردفان في منطقة لقاوة. التي تنتمي إثنيًا إلى جنوب كردفان، فيما هي تتبع الآن جغرافيًا إلى ولاية غرب كردفان. مضيفًا بأنّ الأمر ينطبق على بعض الولايات التي تمّ تقسيمها في السابق على أساس قبلي.

نصت اتفاقية السلام، على إعادة نظام الأقاليم، خلال ستين يومًا من تاريخ التوقيع النهائي

العقبة الأخيرة، بالنسبة لوليد النور، اقتصادية أيضًا، وتتمثل في أنّ هناك ولايات غنية بالموارد، وأخرى ليست كذلك. والاتفاقية أعطتْ ما نسبته (40)% من موارد أي ولاية أنْ تُصرف عليها. وليد النور يرى بأنّ ذلك تتضرر منه ولايات ليست ذات موارد جيدة. وفي المقابل يؤثّرُ إجمالًا على الناتج القومي للبلاد.

وأشار الناطق باسم الوفد الحكومي المفاوض، بحسب وكالة السودان للأنباء إلى أنّ الاتفاق سعى لمعالجة الاختلالات التنموية التي قامت بسببها الحرب، حيث تمّ الاتفاق على الطريقة التي ستُقسّم بها الموارد، والآلية التي ستُنفّذها، فيما تركت مسألة تفصيل الموارد لمفوضية تخصيص الإيرادات.

ونصت اتفاقية السلام، على إعادة نظام الأقاليم، خلال ستين يومًا من تاريخ التوقيع النهائي، كما نصت على توحيد ولايات دار فور الخمس في إقليم واحد، يكون تمثيل الأطراف المكونة لمسار دار فور، بما نسبته (40)%، وتمثيل الحكومة الانتقالية (30)%، والحركات الموقعة الأخرى (10)%، وأصحاب المصلحة المحليين (20)%.

اقرأ/ي أيضًا: ضبط مصنع عشوائي لمعالجة مخالفات التعدين بالخرطوم

يتفق الباحث السياسي عبد الله ديدان، مع العقبة الأولى التي ذكرها وليد النور، وهي عقبة التمويل المالي التي ستواجه اتفاقية السلام، بالإشارة إلى الأوضاع الاقتصادية التي تُعاني منها الحكومة الانتقالية منذ تشكيلها. ويُضيف في إفادته لـ "ألترا سودان"، بأنّ هناك عدد من العقبات الأخرى، لكن أبرزها أنّ اتفاقية السلام ذهبتْ بشكل مباشر نحو المحاصصات في ملف السلطة. وهو ما سيخلق برأي عبد الله ديدان عدم استقرار. بجانب عقبة أخرى تتمثل في الخلافات المرحّلة ما بين العسكريين والمدنيين في الحكومة، خاصة وأنّ العسكريين لديهم احساس بأنّهم ساهموا كثيرًا في الوصول للسلام، وبالتالي هذا الوضع يُتوقّع منه مكاسب بالنسبة لهم مستقبلًا. هذا الخلاف بين العسكريين والمدنيين والحكومة، يرافقه بحسب ديدان، خلاف آخر ما بين الحاضنة السياسية للحكومة: قوى إعلان الحرية والتغيير.

عبد الله ديدان: المسارات الجغرافية في الاتفاقية خلقتْ واقعًا مأزومًا

ويختم عبد الله ديدان، قائمة العقبات التي يرى بأنّها أمام اتفاقية السلام بجوبا، بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية، إلى أمر يراهُ مهم، وهو أنّ الاتفاقية قامت على مسارات جغرافية: مسار الشرق، مسار الشمال، مسار الوسط مثلًا. وهي مسارات يعتقد ديدان بأنّها خلقتْ واقعًا مأزومًا، يتبدى الآن في أصوات الرفض التي تعالت الآن للذين وقعوا على المسارات، كونهم لا يُمثلوها.

اقرأ/ي أيضًا

إضراب عمال أرياب الحكومية والخسائر تصل 36 كليو غرامًا من الذهب

مقتل ضابط شرطة في "هيا" أثناء محاولة اقتحام مقر إحدى الشركات