لا تقتصر أزمة الوقود في السودان على الطوابير التي تمتد لساعات أمام محطات الخدمة، لأن الأزمة أجبرت السيدات على الوقوف في صف خاص بهن للتزود بالوقود، ومع ذلك يشتكين من التمييز الذي يمارس بحقهن قرب المحطات وتأخيرهن أكثر من الرجال. دفعت هذه المشكلة بالسيدة وعد بهجت، إلى بث فيديو مباشر على حسابها في فيسبوك من محطة وقود، لكنها اُقتيدت بعنف أمام المشاهدين إلى قسم الشرطة، حيث تواجه حاليًا ثلاثة تهم.
وعد بهجت: التمييز الذي يُمارس على السيدات في محطات الوقود سيء للغاية
في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تحول مقطع فيديو بثته السيدة وعد بهجت، إلى قضية رأي عام حينما قامت بتصوير رجل شرطة اقتادها من محطة وقود بشارع (15) بالعمارات إلى قسم امتداد الدرجة الأولى بدون إخطارها بسبب اقتياده لها رغم سؤالها المتكرر، ولكن عندما وصلت إلى القسم تم تدوين ثلاثة بلاغات بحقها تتعلق بانتهاك الخصوصية والإساءة والإزعاج العام.
اقرأ/ي أيضًا: تحرش وحبس وفصل موظفة حكومية.. قصة سيدة هزت الأوساط النسوية
وكانت بهجت تقوم ببث فيديو مباشر من حسابها الشخصي على فيسبوك، تشكو فيه من تمييز يمارس على النساء في محطة الوقود بتأخير صف السيارات التي تقودها السيدات وتسريع صفوف الرجال، ورغم احتجاجهن المستمر؛ لكن أصواتهن لم تشفع لهن بالحصول على الوقود.
وأثارت القضية العديد من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر البعض عن صدمتهم من الطريقة التي تم التعامل مع بهجت بها، كما أثارت نقاش صلاحيات رجل الشرطة، والطريقة الصحيحة للتعامل مع المواطنين.
وتفضل النساء الوقوف في صف خاص بهن عندما يتزودن بالوقود، خاصةً مع اشتداد الأزمة وتطاول الطوابير لدرجة أن بعضهن يعدن إلى المنزل في الساعات الأولى من الصباح على أمل العودة بعد ساعات قليلة، لكن مع ضمان حجز مواقعهن.
اقتاد الشرطي وعد بهجت إلى قسم الشرطة رغم أنها كانت تقوم ببث مباشر على فيسبوك تشرح فيه معاناة السيدات بمحطات الوقود وعدم اكتراث العمال بمعاناتهن، الأمر الذي رأت فيه وعد؛ تمييزًا سلبيًا بحقهن.
قيد قسم شرطة امتداد الدرجة الأولى ثلاثة بلاغات بحق وعد بهجت، الشاكي فيها هو نفس رجل الشرطة الذي اقتادها في الفيديو، وكان يقوم بحراسة محطة الوقود.
وظلت بهجت، في قسم الشرطة حتى وقت متأخر من الليل، ثم أفرج عنها بالضمانة على أن تنعقد محاكمتها في الثالث من كانون الأول/ديسمبر القادم بمحكمة الخرطوم وسط.
وتقول وعد بهجت لـ"الترا سودان"، إن قضيتها بدأت في محطة الوقود عندما شعرت بالتمييز ضد النساء من عمال المحطة بإيقاف العمل في صف السيدات وتزويد الرجال فقط، مشيرةً إلى أن انتظار السيدات في طوابير الوقود يجلب عليهن متاعب عديدة، منها ترك أعبائهن المنزلية والأطفال، ومع ذلك لا يتم التعامل معهن بشكل لائق، ما دعاها للاحتجاج ببث مباشر لما يحدث في المحطة على حسابها في فيسبوك.
وتشدد بهجت على أنها قامت برفقة هيئة الدفاع التي تتولى قضيتها، بتقديم شكوى ضد الشرطي الذي اقتادها من المحطة، وذلك لأن طريقته كانت عنيفة، وحاول إجبارها على التحرك معه دون مراعاة خصوصيتها كسيدة ومواطنة، يجب أن تجد التعامل اللائق.
وترى وعد بهجت أن ما حدث قد يكون متصلًا بالاستهداف الذي يلاحق نشطاء المقاومة الشعبية، إلى جانب بقاء العقلية القديمة في التعامل مع السيدات، خاصةً أن النظام البائد مارس انتهاكات عنيفة بحق آلاف النساء في البلاد.
فيما أشارت أمينة أمانة حقوق الإنسان في اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، نون كشكوش، في تصريح لـ"الترا سودان"، إلى أن التمييز السلبي ضد النساء مترسخ في السودان. موضحةً أن النساء يتعرضن إلى التحرش اللفظي و"التنمر" في صفوف الوقود، إلى جانب إلزامهن في بعض الأحيان بإبراز شهادة تثبت ملكيتهن للسيارة، ويتم منعهن من التزود بالوقود إذا لم يحملن شهادة الملكية.
وتعتبر كشكوش أن هذه الأمور المزعجة راكمت الغبن لدى السيدات، وتؤدي إلى حدوث مشكلات قرب محطات الوقود.
اقرأ/ي أيضًا: تحرش وحبس وفصل موظفة حكومية.. قصة سيدة هزت الأوساط النسوية
وكانت وزيرة التنمية الإجتماعية لينا الشيخ، قد خاطبت وزارة الطاقة، للتعامل بشكل استثنائي مع السيدات اللائي ينتظرن في صفوف الوقود، وعدم تأخيرهن حسب ما علم "الترا سودان".
ناشطة حقوقية: السيدات لديهن ظروف مختلفة
وتشير نون كشكوش إلى أن السيدات لديهن ظروف مختلفة، لأنهن مرضعات أو حوامل او يتولين رعاية الأبوين والأطفال، ذلك إلى جانب مسؤولياتهن في سوق العمل، بالتالي يجب التعامل معهن بشكل متساوٍ مع الرجال في محطات الوقود.
اقرأ/ي أيضًا
الجيل الثالث من "إثيوبيي السودان" عالقون بين بلدين بحثًا عن هوية
مبادرة إنسانية تغير واقع المشردين من المرضى النفسيين في الأبيض ونيالا