حينما تم لقاء عنتيبي بين رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح برهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفي معرض رفضي للخطوة أشرت إلى أن ذلك الفعل مخالف للقوانين وعلى رأسها قانون القوات المسلحة وقوانين أخرى، وقد انتهت تلك العاصفة سريعًا بارتباك جميع أطراف الحكومة، ومحاولات التنصل من الزيارة بعد نفي رئيس الوزراء عبد الله حمدوك معرفته بها، وإصرار برهان على سدادها وفوائدها وتأكيده بعلم حمدوك المسبق بها.
لم تفوت إسرائيل الفرصة، ورحبت بتصريحات الناطق الرسمي للخارجية السودانية
أمس الأول وبعده عادت هذه القضية مجددا للأضواء بالتصريحات المتبادلة بين أركان وزارة الخارجية، ففيما أعلن الناطق الرسمي للخارجية حيدر البدوي، أن الاتصالات مستمرة وقائمة بين الخرطوم وتل أبيب من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، مشيدًا بالخطوة التي قام بها الفريق البرهان، مؤكدًا أنها وضعت الدبلوماسية في الطريق الصحيح، سارع وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين بنفي أي اتصالات مع إسرائيل، وقال إن أمر العلاقات مع إسرائيل لم تتم مناقشته في الوزارة بأي شكل كان، كما لم يتم تكليف السفير حيدر بدوي للإدلاء بأي تصريحات بهذا الشأن، وبالطبع لم تفوت إسرائيل الفرصة، ورحبت بتصريحات الناطق الرسمي للخارجية.
اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: الإمارات تحلم بدولة عسكرية في السودان وتسعى لجره للتطبيع
لن نخوض في موضوع هذه التصريحات وقيمتها السياسية، إنما سنتناولها من زاوية قانونية بحتة، ويحق لنا أن نتساءل؛ كيف يمكن لدبلوماسي يتولى هذا المنصب الرفيع متحدثًا باسم واحدة من أهم الوزارات، أن يصرح بما يخالف القوانين السارية ببلاده. وكيف يمكن أن تتبادل وزارة الخارجية على مستوى الوزير المكلف عمر قمر الدين وناطقها الرسمي حيدر البدوي التصريحات تأكيدًا ونفيًا في موضوع إسرائيل، دون استدراك من جهة قانونية بالوزارة أن ما يخوضان فيه هو في الأساس أمر مجرم بالقانون ويعرض من يخالفه للعقوبات.
أنشر فيما يلي نص قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨ الذي ما زال ساريًا حتى اليوم، حتى نبين فقط خطل ما يتردد هنا وهناك حول قضية التطبيع من ناحية، وكيف يخالف المسئول الحكومي القانون في بلادنا.
نص قانون تجريم التطبيع
بسم الله الرحمن الرحيم
قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1958، الصادر بتاريخ 15/7/1956
اسم القانون:
- يسمى هذا القانون "قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨".
- منع التعاقد والتعامل:
- يحظر على أي شخص أن يعقد بالذات أو بالوساطة اتفاقًا من أي نوع مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو مع هيئات أو أشخاص يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل أو يعملون لحسابها كما يحظر التعامل مع الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل، ويحدد مجلس الوزراء تلك الشركات والمنشآت في إعلان ينشر في الجريدة الرسمية.
- منع دخول البضائع: يحظر دخول أو تبادل أو الاتجار في البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية المنقولة في السودان سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر.
- تعتبر إسرائيلية كل البضائع والسلع المصنوعة، في إسرائيل والتي يدخل في صناعتها أو تجهيزها جزء أيًا كانت نسبته من منتجات إسرائيل والتي يصدر بتحديدها إعلان من مجلس الوزراء ينشر في الجريدة الرسمية.
- تعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية كل السلع والمنتجات التي يعاد شحنها من إسرائيل وكذلك السلع والمنتجات التي تصنع خارج إسرائيل بقصد تصديرها لحسابها أو لحساب أحد الأشخاص أو إحدى الهيئات المبينة في المادة ٢، ويصدر بتحديد تلك السلع والمنتجات إعلان من مجلس الوزراء ينشر في الجريدة الرسمية.
- تقديم شهادة منشأ:
- يجب على المستورد في الحالات التي يعينها وزير المالية والاقتصاد الوطني تقديم شهادة منشأ عن البضائع المستوردة وقت طلب ترخيص الاستيراد أو في الميعاد الذي يحدده الوزير ويبين بها اسم البلد الذي صنعت فيه السلع المستوردة وأنه لم يدخل في صنعها أو تجهيزها أية مادة من منتجات إسرائيل أيا كانت نسبتها.
- ولا يسمح بمرور البضائع المستوردة من الحظيرة الجمركية دون تقديم الشهادة المشار إليها عند الطلب.
- منع التصدير: يمنع تصدير السلع التي يعينها مجلس الوزراء إلى البلاد التي يثبت له أنها تعيد تصديرها إلى إسرائيل.
- البضائع التي تدخل: دون إخلال بالاتفاقيات الدولية التي يكون السودان طرفًا فيها، أراضي السودان أو تسري أحكام المواد (3 ، 4 و5) على البضائع والسلع التي تدخل أراضي السودان أو تمر عبرها وتكون برسم إسرائيل أو أحد الأشخاص أو إحدى الهيئات المنصوص عليها في المادة 2.
- العقوبات.
- كل مخالفة لأحكام هذا القانون يعاقب عليها بالسجن مدة قد تمتد إلى عشر سنوات أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معًا.
- وفي كل حالات الإدانة يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة ويحكم كذلك بمصادرة وسائل النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة إذا كان أصحابها على علم بالجريمة وقت النقل.
من المسيء أن يكون على رأس أولويات الحكومة التطبيع مع كيان استيطاني يمارس انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان
وأخيرا؛ هذه الحكومة هي نتاج ثورة كبيرة من المسيء أن يكون على رأس أولوياتها التطبيع مع كيان استيطاني يمارس انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، وبدون تفويض من الشعب، في قضية كبيرة مثل هذه، أنجزوا فقط المهام الموكلة إليكم بالوثيقة الدستورية، واتركوا مثل هذه القضايا للحكومات المنتخبة، واحترموا القوانين.
اقرأ/ي أيضًا