26-فبراير-2024
البرهان وحميدتي

البرهان وحميدتي

فتح بيان صادر من وزارة الخارجية الأميركية النار على الطرفين المتحاربين في السودان، وقالت إن الجيش والدعم السريع يعرقلان وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين المدنيين في السودان.

يستبق بيان الخارجية الأميركية تحرك دولي للضغط على الجيش والدعم السريع لفتح ممرات وإدخال المساعدات إلى المدنيين في السودان

جاء بيان الخارجية الأميركية، بالتزامن مع مناشدات أممية ومحلية لإنقاذ ملايين المدنيين من خطر المجاعة، بسبب شح الغذاء في المناطق التي تشهد قتالًا بين الطرفين، إلى جانب ملايين المواطنيين في الولايات خارج دائرة الحرب، يقدر عددهم بـ(25) مليون شخص، وفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".

 كما شملت المناشدات الأممية والمحلية لإعادة شبكات الاتصال والإنترنت في السودان، والمتوقفة منذ السادس من شباط/فبراير الجاري، مع عودة جزئية في نطاق شبكة "سوداني"، حيث تسبب حظر الاتصال في توقف التحويلات المالية بين السودانيين داخل وخارج البلاد.

 رفضت وزارة الخارجية السودانية البيان الأمريكي، واعتبرته اجحافا في حق القوات المسلحة السودانية، بمساواتها مع قوات الدعم السريع التي تنهب الأسواق والمستودعات الخاصة الممتلئة بأغذية الملايين والمنازل ومهاجمة القرى والمدن.

 ويقول المستشار السابق في المنظمات الدولية علي الحاج أحمد لـ"الترا سودان" إن البيان الأمريكي جاء "حانقا" على الطرفين المتقاتلين في السودان، نتيجة عدم المسؤولية تجاه المدنيين والتخلي عن المعايير الخاصة بحمايتهم، بما في ذلك تدابير إدخال الإمدادات إلى المناطق الساخنة.

ويرى الحاج أن الجيش باعتباره مسؤول من الولايات الواقعة تحت سيطرته، كان ينبغي على الأقل أن تحرص الحكومة القائمة على توزيع المساعدات، وإظهار قدر من المسؤولية تجاه المواطنين، لكن هذا لم يحدث نتيجة تآكل المؤسسات العامة وتفشي الفساد وعدم وضع المواطنين ضمن الأولويات.

 وقال إن الهجوم على قافلة الصليب الأحمر، والذي وقع في منطقة الشجرة نهاية العام الماضي، إلى جانب القيود المفروضة من جانب الجيش على الإمدادات الخاصة بالمستشفيات في الخرطوم، بحجة أنها تقع تحت سيطرة الدعم السريع، هي التي جعلت الخارجية الأميركية تدرج الجيش ضمن الاتهامات المتعلقة بعرقلة مساعدة المدنيين في السودان.

وأردف: "الحكومة القائمة في بورتسودان عليها أن تظهر حرصًا على مساعدة المواطنين في جميع ولايات السودان، بما في ذلك المناطق الواقعة في نطاق الحرب، لأنها مسؤولة عن حمياتهم وتمرير الغذاء إليهم خلال الحرب، لكنها لا تفعل ذلك وهي بعيدة كل البعد عن الاهتمام بحياة المواطنين".

 وأضاف الحاج قائلا: "إلقاء اللوم على الدعم السريع لن يجد نفعًا، فالحكومة هي المسؤولة من حيث المؤسسات القائمة في بورتسودان عن حياة المدنيين، وعليها أن تظهر قدرًا من الجدية والشفافية في الشحنات الغذائية التي وصلت إلى المطارات والموانئ".

وأشارت الخارجية السودانية إلى أن بيان الخارجية الأمريكية تضمن أن قوات الدعم السريع تنهب البيوت والأسواق ومستودعات المساعدات الغذائية في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إنه على الرغم من ذلك "يلوم القوات المسلحة على عدم وصول المساعدات إلى تلك المناطق!".

 وأنكرت وزارة الخارجية ضلوع الجيش في قطع شبكات الاتصال، وقالت إن هذا الأمر تتحمله قوات الدعم السريع وحدها. وشددت على أن الحكومة السودانية قدمت كل الدعم والإسناد لشركات الاتصالات لاستئناف خدماتها، وذلك بإقامة مشغلات جديدة في المدن الآمنة.

 ووصفت الخارجية السودانية مواقف الإدارة الأمريكية بـ"المترددة"، تجاه ما قالت إنه "تنصل قوات الدعم السريع من إعلان جدة"، وعدم اتخاذ الولايات المتحدة "خطوات حاسمة" حيال الانتهاكات المنسوبة لقوات الدعم السريع منذ التوقيع على الإعلان في أيار/مايو 2023.

ويقول العامل في المجال الإنساني أحمد عبد العزيز لـ"الترا سودان" إن البيان الأمريكي الذي انتقد الجيش السوداني، جاء نتيجة رفض القوات المسلحة إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التشادية وفق ما أكد البيان.

 وأردف قائلا: "ربما يعتبر الجيش الحدود التشادية مناطق متاخمة لمناطق خاضعة لسيطرة الدعم السريع، وهي عمليات تثير مخاوف من وصول مساعدات إلى الدعم السريع".

 ويقول عبد العزيز إن الجيش كان ينبغي أن يطلب التمثيل في عمليات ادخال الإغاثة عبر تشاد إلى إقليم دارفور، ويضمن سلامة وصولها إلى "أيدي المستحقين" وهم يشكلون ملايين المواطنين، ومن ضمن مسؤوليات الحكومة هي تأمين الغذاء لهم.

الخارجية الأميركية أصدرت البيان نتيجة ضغوط كبيرة تعرضت لها بسبب تدهور الوضع الإنساني في السودان

 وأضاف: "على الرغم من ذلك لم يساوي البيان الأمريكي بين الجيش والدعم السريع فيما يتعلق بعرقلة المساعدات، لأن قوات الدعم السريع نالت النصيب الأكبر من الانتقادات الأميركية، بسبب الانتهاكات وعرقلة مساعدة المدنيين وأحيانًا اعتراض طريقهم والتحقيق معهم واعتقالهم في مراكز سرية".

 وتابع بالقول: "الخارجية الأميركية أصدرت البيان نتيجة ضغوط كبيرة تعرضت لها بسبب تدهور الوضع الإنساني في السودان، وحملت الطرفين مسؤولية التدهور، وهي خطوات تسبق تحرك المجتمع الدولي للضغط على الطرفين لانتزاع تعهدات بفتح الممرات وإدخال المساعدات..هذا ما سيحدث قريبا".