أكدت وكالات تابعة للأمم المتحدة أن السودان يواجه "خطرًا متزايدًا لوقوع مجاعة ناجمة عن الصراع، والتي ستكون لها عواقب كارثية".
أفاد التحليل أن الأعمال العدائية المستمرة في البلاد تفاقم مسببات سوء التغذية لدى الأطفال
وذلك استنادًا لتحليل حديث أجرته اليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، أفاد أن الأعمال العدائية المستمرة في البلاد تفاقم مسببات سوء التغذية لدى الأطفال، مشيرًا إلى عدم حصولهم على الطعام المغذي ومياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، والتي يضاعفها جميعًا النزوح الجماعي.
وقالت الوكالات في بيان مشترك، صدر بالأمس، إن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في السودان وصلت إلى مستويات الطوارئ، حيث يواصل العاملون في المجال الإنساني نضالهم من أجل توصيل المساعدات وسط تزايد العنف والعقبات البيروقراطية. وحذرت من أن الوضع تدهور خلال الأشهر الأخيرة، فيما لا توجد "علامات على التراجع" بحسب البيان.
وأكد البيان: "أن سوء التغذية والمرض يعززان بعضهما البعض، حيث يصاب الأطفال المرضى بسوء التغذية بسهولة أكبر، ويمرض الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بسهولة أكبر، ويعانون من نتائج أسوأ. وحتى عندما يتعافى الأطفال، يمكن أن يكون لسوء التغذية آثار مدى الحياة على النمو البدني والمعرفي. يخاطر السودان بضياع جيل، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة على مستقبل البلاد".
ودعت المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل أطراف النزاع إلى السماح بشكل عاجل بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال في السودان، الذين يعانون من "العنف المروع والنزوح والصدمات - ويواجهون الآن مجاعة محتملة"،حد قولها .
وحذر البيان من أن مستويات سوء التغذية مثيرة للقلق بشكل خاص بين الأمهات الحوامل والمرضعات، و لك استنادًا للتقييم الذي أجرته منظمة أطباء بلا حدود الشهر الماضي في مخيم زمزم بشمال دارفور، والذي وجد أن أكثر من 33% من النساء الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية، "مما يشير إلى أنه من المرجح أنهن يضحين باحتياجاتهن الخاصة لإطعام أطفالهن".
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن الأمهات والأطفال في جميع أنحاء السودان يعانون من الهزال بسبب سوء التغذية، مضيفة أن الحرب المستمرة "حرمتهم من كل ما يحتاجون إليه للبقاء على قيد الحياة". وشددت على أن حياة الملايين معرضة للخطر ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن "وإلا فإننا نخاطر بخسارة جيل كامل من الأطفال".
وفي السياق، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبرييسوس أن سوء التغذية "ليس أزمة تحدث لمرة واحدة"، وأوضح أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يواجهون تحديات تنموية ومشاكل الصحة طوال حياتهم، كما أنهم أكثر عرضة للوفاة بسبب الأمراض المعدية. وقال: "الساعة تدق، مما يجعل الأمهات والأطفال في السودان أقرب إلى المجاعة".
وحذرت الوكالات الأممية من ازدياد الوضع سوءًا بالنسبة للأمهات والأطفال، مع توقع بدء موسم الأمطار في حزيران/ يونيو، مشيرة إلى أن السودان يدخل موسم العجاف، وهو أمر مقلق بشكل خاص هذا العام، حيث تشير التقارير إلى أن الإنتاج الزراعي عام 2023 كان أقل من المعدل الطبيعي بسبب انعدام الأمن والنزوح.
ودعت الوكالات إلى تأمين الوصول الفوري ودون عوائق وبشكل مستمر إلى المجتمعات التي تعاني الآثار الأكثر سوءًا، عبر جميع الطرق الممكنة. ودعت إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإلى زيادة دعم المانحين، وقالت: "إن الفرصة لتجنب الأسوأ تضيق بسرعة".
قالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، إنها تشعر بحزن عميق إزاء الوضع الإنساني في الفاشر، "حيث يضيق خناق الحرب على السكان المدنيين الذين يتعرضون للهجوم من جميع الجهات".
وأشارت سلامي إلى الأنباء الواردة عن سقوط ضحايا وانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وأن الأسر - بما في ذلك الأطفال وكبار السن - تُمنع من مغادرة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور بحثًا عن الأمان، وقالت إن "الإنسانية هي أول ضحية للحرب".
وأكدت أنها تتلقى تقارير مثيرة للقلق العميق، تفيد بأن المرافق الطبية ومخيمات النازحين والبنية التحتية المدنية الحيوية قد تم استهدافها من قبل أطراف النزاع.
بالإضافة إلى ذلك، لا تتوفر الكهرباء أو الماء في أجزاء كثيرة من الفاشر، كما أن وصول العديد من الأشخاص إلى الضروريات الأساسية والخدمات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية، محدود.
وأضافت سلامي: "بعد أكثر من عام من الصراع الوحشي، استنفدت الأسر مواردها الشحيحة، وتتآكل قدرتها على الصمود مع مرور كل يوم من العنف. يجب على جميع الأطراف تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، وعليها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. إن للحروب قواعد يجب أن يحترمها الجميع مهما كانت الظروف".