خلفت الفيضانات أضرارًا هائلة في البنى التحتية والمساكن سيما في الولايات التي تفتقر للإمكانات اللازمة والبدائل في البنى التحتية وغياب التدخلات الحكومية، ورغم ذلك اضطر عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات الجلوس في امتحانات شهادة الثانوية العامة اليوم الأحد في مادة التربية الإسلامية ومادة الفنون فيما جلس الطلاب/ت المسيحيين لمادة التربية المسيحية.
جلس طلاب قرية الكمير بشندي للامتحان من المخيمات التي شيدت بعد أن اجتاحت الفيضانات مدارسهم ومنازلهم
كيف جلس الآلاف من الطلاب/ت للامتحان الأول الذي انطلق في الساعة الثامنة صباحًا بتوقيت السودان المحلي، في المناطق التي غمرتها الفيضانات؟ فمثلًا في قرية الشقالوة شمال شندي والتي شهدت انهيار (800) منزلًا لم يجد الطلاب مفرًا من الذهاب إلى الامتحانات حيث وفرت الشرطة حافلات لنقلهم إلى مراكز الامتحانات بمدينة شندي، وتقوم بعض الجهات بجهود إنسانية لإيوائهم في مساكن جماعية لمتابعة الامتحانات التي جاءت وسط سخط الرأي العام، عقب رفض وزارة التربية والتعليم تأجيلها مبررة ذلك بأنها اضطرت للتأجيل من آذار/مارس الماضي، بسبب كوفيد 19 والإغلاق الكلي للبلاد وأنها لا تستطيع أن التأجيل مجددًا.
اقرأ/ي أيضًا: ولاية الخرطوم تخفض الرسوم في عدد من القطاعات
في المناطق المتضررة بالفيضانات شمال الخرطوم بمناطق الفكي هاشم والكدرو كادت أوراق الامتحانات أن تتأخر عن موعدها في الوصول إلى المدارس من المخازن الرئيسية بالوحدات الإدارية، وبفعل مجهودات بعض منظمات المجتمع المدني والشرطة والمحلية تمكنوا من الدخول إلى منطقة الفكي هاشم في الساعات الأولى من صباح اليوم بشحنات أوراق الامتحانات، إلى المنطقة التي تقع على بعد أمتار من نهر النيل وتحدها المياه من كل جانب.
وتعد قرية الفكي هاشم شمال الخرطوم واحدة من المناطق التي شهدت كارثة فيضانات غير مسبوقة حيث فقد المواطنون ممتلكاتهم التي غمرتها المياه ولم يجدوا سوى أرواحهم التي اتلفتها الهموم من كيفية ترميم ما دمرته الفيضانات في ظل الأزمة الاقتصادية والقصور الحكومي المحاط بالأزمة أيضًا.
ودفعت مناطق واسعة ثمنًا غاليًا أمام قوة الفيضانات في مناطق فتيح العقليين وأم عشر الواقعة جنوب الخرطوم التي امتدت إليها كارثة الفيضانات، وأدت إلى نزوح عددًا كبيرًا من المواطنين بينهم عشرات الطلاب/ات الذين جلسوا لامتحانات الشهادة الثانوية اليوم بفضل تدخلات منظمات المجتمع المدني والشرطة.
ويقول محمد حسن شقيق أحد الطلاب من منطقة أم عشر لـ"ألترا سودان": "جلس شقيقي للامتحان في ظل ظروف عسيرة، أرسلناه إلى الأقرباء في الكلاكلة حتى يتمكن من إيجاد بيئة ملائمة، لكن التجربة قاسية جدًا نحن لا نتوقع منهم نتائج كبيرة في ظل هذه الظروف الحرجة، لم نعثر على منزلنا الذي تحول إلى حطام".
أما في قرية كمير العوضية، غرب مدينة شندي والتي غمرتها الفيضانات أقامت منظمات المجتمع المدني مخيمات إجلاس الطلاب/ات في الامتحانات غير أن القلق يساور الأهالي من أن البيئة لم تعد مناسبة للتحصيل الأكاديمي للطلاب/ات الذين تضررت عائلاتهم بشكل كبير من الفيضانات وفقدوا المنازل والمرافق العامة من بينها المدارس.
ولم تكن الأحوال في مدينة سنجة التي تضررت من الفيضانات أفضل حالًا بالتزامن مع امتحانات الثانوية العامة والتي نظمت في وقت حرج للغاية، بحسب رحمة عيسى الذي فقد منزله وخسر محصوله جراء المياه التي هدمت منزله.
ويضيف رحمة لـ"ألترا سودان": "الطلاب/ات تمت معالجة وضعهم بالتدخلات بواسطة منظمات المجتمع المدني والحكومة والقوات النظامية لكن هذا الوقت ليس مناسبًا للجلوس للامتحانات التي تحدد مصير حياتك، كان الأفضل تأجليها قليلًا ولو أسبوعين أو شهر حتى يلتقط المتضررون من الفيضانات أنفاسهم".
عضو لجنة المعلمين: رغم المخاوف من غياب المراقبين بسبب قلة الأجور، إلا أن اليوم الأول للامتحانات سار بشكل جيد
وخلفت الفيضانات معاناة كبيرة في مدينة سنجة التي نزح منها ثلاثة آلاف شخص قبل أسبوعين وسط حاجة السكان إلى تشييد منازلهم من جديد في نفس الموقع وبناء الجسر الذي تهدم، فيما تمد الأزمة الاقتصادية لسانها ساخرة من أحلام العودة.
اقرأ/ي أيضًا: حوار| قضايا السلام والانتقال الديمقراطي مع رئيس الجبهة الثورية
ويرى عضو لجنة المعلمين محمد عوض الكريم في حديث لـ"ألترا سودان" أن الامتحانات في اليوم الأول سارت بشكل جيد رغم المخاوف من غياب المراقبين نسبة لاحتجاج المعلمين على تدني أجور المراقبة، لكن لجنة المعلمين تدخلت في الساعات الأخيرة واقنعت منسوبيها أن مراقبة الامتحانات واجب وطني.
وأكد عوض الكريم أن منظومة الصناعات الدفاعية وفرت المعونات وأقنعة الوجه للحماية من فيروس كورونا وتم تنظيم التباعد الجسدي داخل قاعات الامتحان.
ويكشف عوض الكريم أن المعلمين شعروا أن العائد المادي لمراقبة الامتحانات غير مجز وكانت هذه الأزمة مستمرة حتى الخميس، لكن تدخلات لجنة المعلمين أدت إلى حل الأزمة وصباح اليوم الأحد، وكان المواطنون يتخوفون من أن تواجه الامتحانات مشكلة في المراقبة، لكن المشكلة حلت في اللحظات الأخيرة.
وقال عوض الكريم: "تم تسكين طلاب/ت المناطق المتضررة شمال الخرطوم في مناطق قريبة من مراكز الامتحانات وتم توفير الإعاشة من المبادرات الاجتماعية فيما وفرت بعض العائلات المنازل لإقامة الطلاب/ت".
ويؤكد عوض الكريم أن المبادرات الاجتماعية وبعض الجهات الحكومية والقوات النظامية قدمت مساعدات كبيرة جدًا للطلاب/ت لأن الظروف هذا العام حرجة للغاية مع الفيضانات وتأثيرات الإغلاق الكلي لتفادي كوفيد 19.
وتابع عضو لجنة المعلمين عبد الكريم: "التباعد الجسدي نفذ داخل القاعات بنسبة (100)% وردتنا معلومات من الولايات أن الأوضاع سارت على ما يرام بفضل تكوين لجنة طوارئ من اللجنة المركزية للجنة المعلمين مهمتها التدخل والتنسيق مع الحكومة والمبادرات لمعالجة المشاكل الطارئة في الامتحانات".
قرع حاكم الخرطوم جرس الامتحانات بمدرسة طرفية يعد مؤشرًا على اهتمام الحكومة بسكان الأطراف
وقرع حاكم ولاية الخرطوم أيمن نمر، صباح اليوم جرس الامتحانات من مدرسة عيدان بمنطقة مايو جنوبي الخرطوم، معلنًا بدء امتحانات الشهادة السودانية، في خطوة قد تكون مؤشرًا على أن الحكومة الانتقالية باتت تشعر بمعاناة سكان الأطراف، وتحاول الوصول إليهم، لكن مع انهيار البنى التحتية في الولايات وتخوم العاصمة بفعل الفيضانات تظل المنافسة منعدمة بين الطلاب/ات في المركز والأطراف، وهو ما يجعل هذا العام استثنائيًا، فهل تتكرر هذه المأساة سنويًا؟
اقرأ/ي أيضًا
لجنة المعلمين تدعو للتضامن من أجل إنجاح امتحانات الشهادة
إجلاء (160) سودانيًا من ليبيا بالتنسيق مع منظمة الهجرة الدولية