مع كل الدعوات المتعلقة بوقف الحرب في السودان والصادرة من المنظمات الدولية والمجتمع الإقليمي، لا يمكن تصور أن المدافع المنصوبة وسط الأحياء السكنية في العاصمة والمناطق الساخنة في البلاد ستعود إلى مستودعات الطرفين المتحاربين.
عاملة بمنظمة إنسانية: وضع النزاع المسلح السودانيين أمام اختبار صعب للغاية
"وضع النزاع المسلح السودانيين أمام اختبار صعب للغاية"، كما تقول العاملة في منظمة إغاثة دولية سوسن أحمد، والتي تصر على وصف الحرب بـ"الوضع السوداوي في البلاد".
في حديثها لـ"الترا سودان"، تقول سوسن أحمد التي تتنقل بين ولايات السودان لمتابعة أوضاع النازحين، إن عيون الأطفال وكأنها ممتلئة بدموع حبست مؤقتًا، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة "لأنهم جوعى" - تضيف.
النازحون في حيرة ما بين جلوس الأمهات في ردهات مركز إيواء في مدينة ودمدني وهن يتذكرن الأيام الأخيرة قبل الحرب في العاصمة الخرطوم، وما بين صيحات أطفال يلعبون في الفناء يلاحقهم مستقبل مظلم بشأن العام الدراسي الذي لم يحدد متى يبدأ.
الطعام الذي يطهى -حسب سوسن- قد يكون غير كافٍ، لكن بالنسبة للمجتمع في هذا البلد فإنهم يشعرون بالخجل من تناوله خلسة أو دون مشاركته مع الآخرين نساء وأطفال ورجال يقضون يومهم في التأمل والاختفاء عن الأنظار تارة، أو النوم لعلاج الإرهاق النفسي.
لم تثر حماستهم الأنباء التي تتحدث عن عودة طوعية لبعض العائلات صوب العاصمة الخرطوم لأن أخبار المعارك لم تتوقف وأرقام الضحايا في تصاعد فما الذي حدث حتى يعودوا إلى منازلهم - هكذا تصف هذه العاملة طريقة تفكير الفارين من القتال والذين يقيمون في مركز الإيواء منذ خمسة أشهر والبعض قضى نصف عام وهم في هذه الحالة.
"لا يزال السودان يفتقر لخطة استجابة دولية لإنقاذ ملايين الأشخاص المحاصرين بالجوع خلال الأشهر القليلة القادمة"، كما يقول علي الحاج الباحث في العلاقات الدولية، مشيرًا إلى أن الوضع في السودان بعيد عن "مرآة العالم" ولم يرى وجه الحرب بالشكل المطلوب.
وتقول سوسن أحمد إن عشرات الآلاف في مدينة مثل ودمدني لا يعلمون مصيرهم، وعندما تتسع دائرة القتال لا يملكون شيئًا للذهاب إلى خارج البلاد، ولا يمكنهم بدء إيجارات جديدة للسكن في الولايات الأخرى.
وتتحمل الولايات أكثر من خمسة ملايين شخص فروا من المناطق الساخنة، ومليون لاجئ عبروا الحدود إلى دول الجوار، وتعمل وكالات الأمم المتحدة في نطاق استجابة قد تشمل مليون شخص بينما يبقى نحو أربعة ملايين شخص في انتظار وعود بالمساعدات.
وقالت المملكة العربية السعودية إنها انفقت نحو مليار دولار على جهود الإغاثة في السودان منذ بداية القتال، وهي عبارة عن مساعدات أرسلتها عبر جسر جوي خصص لهذا الغرض.
والسعودية واحدة من دول الخليج التي رمت بثقلها في الملف السوداني مستضيفة محادثات بين الجيش والدعم السريع للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، كما تلعب الرياض دورًا في توفير الاحتياجات الإنسانية للملايين.
يقول علي الحاج إن المساعدات التي وصلت إلى السودان كانت كافية لسد النقص في الغذاء والسلع الاستهلاكية والمواد الحياتية والأدوية، لكن طريقة التوزيع لم تكن بالمستوى المطلوب لأن الأجهزة الحكومية غير فاعلة وعقيمة وواحدة من انعكاسات الحرب أن مؤسسات الدولة شبه منهارة.