01-أبريل-2024
مركز لإيواء النازحين

مركز إيواء نازحين

تجلس "طيبة" قرب شرفة قاعة مدرسة تحولت إلى دار إيواء في مدينة دنقلا بالولاية الشمالية لساعات طويلة، وهي تنظر إلى الفناء الخارجي وتعود بالذاكرة لمنزلها في العاصمة الخرطوم، مع اشتداد رغبتها بالعودة هربًا من أوضاع قاسية رفقة عائلتها في مخيمات النزوح.

أبلغت حكومة الولاية الشمالية النازحين بضرورة إخلاء المدارس لاستئناف العام الدراسي 

تحاول النساء التكيف مع دور الإيواء منذ قرابة العام في مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، لكن في بعض الأحيان يشعرن بتدهور الوضع النفسي جراء نقص الغذاء والرعاية الصحية والأدوية المنقذة للحياة، والتي تخص أطفالهن أو كبار السن مثل الأمهات والآباء، ومن الأشياء المقلقة بالنسبة للنساء صعوبة انتزاع الخصوصية في مثل هذه الأماكن.

تقول طيبة (27 عامًا) والتي وصلت دنقلا من شمال العاصمة الخرطوم مفضلة النجاة من الحرب، ومنطقتها الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع لـ"الترا سودان"، إن الوضع الإنساني يزداد سواء يومًا بعد يوم، في بعض الأحيان أفكر في العودة إلى الخرطوم ومنزلي، لكن الأوضاع الأمنية لم تتحسن، كما إن منزلي هناك فارغ من الأثاث الذي نهب بالكامل، إنها مأساة أن تفقد الماضي والمستقبل من حياتك.

تعتمد عائلة "طيبة" على تحويل مالي من أحد الأقرباء، ومع ارتفاع أسعار الغذاء تضطر إلى ترشيد النفقات إلى الحد الأدنى بشراء الأدوية للأطفال، والاعتماد على وجبات يوفرها متطوعون.

وتدخل الحرب بين الجيش والدعم السريع عامها الأول، ولا زالت حركة النزوح في تزايد مستمر، إلى جانب قرابة (10) مليون شخص نزحوا داخليًا وخارجيًا حتى مطلع هذا العام.

وتضم مدينة دنقلا (16) دار إيواء، بجانب (52) دار إيواء في مدينة وادي حلفا أقصى شمال البلاد، وهي دور إيواء توفر السكن لنحو (100) ألف شخص منذ (11) شهرًا من القتال بين الجيش والدعم السريع.

ومع اقتراب الصيف شمال البلاد، وظهور العقارب على سطح الأرض والمساكن، بعد جهد شاق حصلت إحدى العائلات النازحة والمقيمة في مركز إيواء بمدينة دنقلا على مصل العقارب، بعد تعرض طفل للدغة أثناء النوم، بينما كان يفترش الأرض ليلًا لعدم وجود "أسرة نوم" لدى غالبية النازحين.

وتقول عضو منظمة بنت السودان العاملة وسط مراكز الإيواء بالولاية الشمالية خادم الله عبد الرزاق لـ"الترا سودان"، إن وضع النازحين في الولاية "سئ للغاية" ويزداد سوءًا كل يوم بسبب نقص الغذاء والدواء.

وتحذر خادم الله عبد الرزاق من ظهور العقارب في فصل الصيف في الولاية الشمالية، وتضيف: "يفترش معظم النازحين الأرض للنوم ليلًا في مراكز الإيواء، وقد يتعرضون إلى لدغات العقارب".

وقالت عبد الرزاق إن بعض المواطنين تبرعوا بـ"أسرة النوم" لعائلة الطفل الذي تعرض إلى لدغة العقرب، لأنها شعرت بالصدمة من ذلك، فهي وصلت من الخرطوم ولم تعتد على مثل هذه المخاطر.

وتستدرك خادم الله: "تواصلنا مع الهلال الأحمر القطرية لتوفير الأمصال قبل حلول الصيف، ونأمل حدوث ذلك قريبًا".

وفي كلية تمريض بمدينة دنقلا تحولت عقب الحرب إلى دار إيواء، تقاسم النازحات وهن حوالي (300) من النساء والأطفال المخيم مع الطالبات في الكلية نتيجة استئناف الدراسة.

ومع تفاقم الوضع الإنساني مع اقتراب فصل الصيف، أبلغت حكومة الولاية الشمالية طبقًا لخادم الله عبد الرزاق، النازحين في دور الإيواء بالولاية أنها بصدد استئناف الدراسة، ويجب إخلاء المدارس، وتقول مفوضية العون الإنساني بالولاية أنها ستقوم بتوفير مخيمات بديلة، تضيف عبد الرزاق.

يعتمد النساء والأطفال في كلية التمريض التي تحولت لمركز إيواء على تناول العدس بالملعقة لصعوبة الحصول على الخبز

وتقول خادم الله إن النساء والأطفال الذين يتقاسمون مركز الإيواء في كلية التمريض دنقلا، يعتمدون على وجبة العدس بـ"الملاعق" لصعوبة الحصول على الخبز، وفي بعض الأحيان يتبرع المواطنون من الأحياء بتوفير الوجبات أو الخبز.

وتصف خادم الله الموقف الإغاثي في دور الإيواء ودنقلا وبقية المدن بالولاية الشمالية بـ"الضعيفة"، إلى جانب معاناة النازحين في دور الإيواء بمدينة وادي حلفا من مشكلة مياه الشرب لوجود مشكلة مستدامة في المدينة بشكل عام، خاصة في فترات الصيف.

وتشير خادم الله عبد الرزاق إلى ضعف البنية التحتية للنازحين في مراكز وادي حلفا، لعدم توفر داخليات الطلاب أسوة بما حدث في دنقلا، وقال إن معظم مراكز الإيواء في وادي حلفا مراكز صغيرة تحولت إلى دور إيواء في ظروف بالغة التعقيد.

وتابعت: "دور الإيواء في وادي حلفا رغم تركيز المنظمات عليها بشكل أكبر تعاني من المرافق الصحية ونقص حاد في مياه الشرب والإنارة".

وترى خادم الله أن أكبر أزمة تواجه النازحين حاليًا في الولاية الشمالية، إصرار الحكومة المحلية على استئناف الدراسة، وإخلاء المدارس دون وضع بدائل، وقد تكون غير متاحة في الوقت الراهن.