08-يوليو-2022
مخاطبة للمنبر النسوي بكسلا

قضايا النوع الاجتماعي.. تحديات السلطة والمجتمع

كشفت عضوة المكتب التنفيذي للمنبر النسوي في كسلا آلاء إسماعيل عن إقدام أحد المواطنين على محاولة دهسهم بـ"عربة حصان" أثناء المخاطبة التي أقامها المنبر النسوي في السوق المركزي نهار الأربعاء الماضي بمدينة كسلا. وأضافت: "تعرضنا لألفاظ مسيئة وجارحة كان يلقيها المارة والمستمعون".

عضوة بالمنبر النسوي: نحن نخوض ثورة داخل ثورة ونعلن عن رفضنا للأنظمة الديكتاتورية والوصاية ولجميع أنواع القيود على حضورنا في المساحات العامة والخاصة

وتابعت آلاء في حديث لـ"الترا سودان": عقب انتهاء المخاطبة وفي نفس المكان الذي ناقشنا فيه "مطالب مشروعة" حول أهمية المشاركة السياسية للنساء وضرورة وجود النساء داخل لجان المقاومة بالأحياء، جاء بعدنا عدد من الشيوخ وأقاموا مخاطبة حول ماهية المنبر النسوي حوت معلومات "مغلوطة" منها حصولنا على تمويل ودعم خارجي بهدف "تفكيك المجتمع وهتك النسيج الأسري".

لقيتْ المخاطبة المقامة في "سوق النسوان" بالسوق المركزي عقب الموكب النسوي الذي دعا إليه "المنبر النسوي بولاية كسلا" في الأربعاء السابع من تموز/ يوليو الجاري - لقيت سخطًا من المواطنين، وأدت إلى صدامات بين المشاركين في الموكب والمجتمع، حيث واجهت المخاطبة مداخلات تقلل من شأن المُشاركات في الموكب وتشكك في قدراتهن فضلًا عن الهتافات المناوئة والعنف اللفظي الذي تعرضن له من قِبل المارة.

https://t.me/ultrasudan

ويواجه الحراك النسوي في السودان عامةً وفي الشرق تحديدًا عددًا من العقبات منها عادات وتقاليد قبائل شرق السودان التي لا تعترف بحقوق المرأة الأساسية والنظام "الوصائي" المجتمعي الذي بني على أساس التقليل من دور المرأة وتحجيمها وتحديد شكل معين وضيق لنوع الحركة المتاحة لها.

هجوم متوقع

وفي السياق نفسه، تقول هند عوض الكريم عضوة المكتب التنفيذي للمنبر النسوي بولاية كسلا إن الهجوم والعنف الذي واجهنه في المخاطبة "كان متوقعًا". وتابعت هند: "المخاطبة التي أقمناها في سوق كسلا تناولت أهمية المشاركة السياسية وتطلعات النساء، وماهية الحرية والسلام والعدالة وضرورة تضمين أجندة النساء في هذا الشعار بالإضافة إلى أهمية تمثيل النساء في لجان المقاومة"، موضحةً "لذلك كان هجوم المجتمع متوقعًا".

وأضافت هند لـ"الترا سودان": "مجتمع شرق السودان رسم مُسبقًا تفاصيل وحدود معينة للنساء ووضعهن في قوالب معينة ومن المتوقع رفضه لجميع الأشكال التي تناهض ما رسمه عمومًا".

وزادت هند: "نحن كنساء في شرق السودان بالتحديد، وعلى الرغم عن كل التحديات التي نمر بها في الفضاء العام، نُصر على اقتلاع حقوقنا ومساحتنا".

وبحسب هند، فإن مجتمع شرق السودان "أحد المجتمعات التي تُكرس للتسلط الذكوري وتحاول إخضاع النساء والتضييق عليهن بالقوانين والسياسات التمييزية". ومضت قائلةً: "نحن نخوض ثورة داخل ثورة ونعلن عن رفضنا للأنظمة الديكتاتورية والوصاية ولجميع أنواع القيود التي تؤثر في حضورنا في المساحات العامة والخاصة أو التي تعيق مشاركتنا في الحراك الثوري".

وأعربت هند عن تطلعهن إلى الوصول إلى دولة تضع "أجندة النساء" على رأس أولوياتها، لافتةً إلى أنه "من غير المفترض أن تنتظر النساء وقتًا معيّنًا ليُمنحن الأولوية في طرح قضاياهن"، مذكّرةً  بما كان يُثار من قبل حول "تكوين مؤسسات الدولة أولًا ثم الحديث عن حقوق النساء".

وقالت هند: "قضايا النساء يجب أن تُطرح في المقام الأول لأنها ذات أهمية ولها الأولوية"، متمنيةً الوصول إلى الدولة السودانية التي تلبي طموحاتهم وتشبه أحلامهم كمواطنات ومواطنين سودانيات وسودانيين، من دون تمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو العِرق.

ويواجه الحراك النسوي في جميع أنحاء البلاد بما فيها العاصمة الخرطوم تحديات من المجتمع مبنية على أساس النظرة النمطية للمرأة ودورها، حيث يتدخل المجتمع فارضًا شكل الحياة على الإناث -من المهد إلى اللحد- على عكس الذكور الذين يتمتعون بالحرية وبمساحات غير مشروطة للحركة في نفس المجتمع.

المجتمع والسُلطة في مواجهة النساء

ومن جانبه، يقول الناشط عبد الإله خليفة إن ما واجه مخاطبة الموكب النسوي تم في ظل "دولة دكتاتورية شمولية" أنتجها انقلاب 25 تشرين الأول/ أكتوبر، مستنكرًا ما تعرضت لها عضوات المنبر النسوي في "سوق النسوان" بمدينة كسلا.

وتابع خليفة في حديث لـ"الترا سودان": "جميعنا شهدنا الردة التي حدثت في مسألة الحقوق والحريات، بالذات فيما يخص المرأة بعد الانقلاب"، مضيفًا: "ما حدث يتطلب الإدانة من جميع القوى الحية والمجتمع لضمان عدم تكراره".

ومضى خليفة قائلًا: "يرتبط ما مارسه المجتمع على المخاطبة بتعقيدات المجتمع الشرقي التي تواجه الأنثى على وجه الخصوص". وأشار إلى وجود "مشكلة كبيرة" في حقوق المرأة في الشرق؛ حيث لا زالت ممارسات زواج القاصرات وختان الإناث متداولة على "نطاق واسع" وتشكل بدورها تهديدًا لحق المرأة في الحياة -على حد قوله- بالإضافة إلى تقاليد "إجبار الفتيات على الزواج من داخل محيط الأسرة" المنتشرة في الإقليم.

وأضاف خليفة: "تأثرت تلك التعقيدات أيضًا بشكل الإدارة والحكم الممارس خلال الثلاثين عامًا الماضية حيث كان الحكم متعسفًا بشأن المرأة ولم يكفل حقوقها الأولية"، ما تسبب -طبقًا لخليفة- في ضياعها "بصورة كبيرة". وكانت هذه التداعيات أكبر في الشرق -برأي خليفة- "لأن الإقليم يعاني من الفقر والجهل والمرض ما أسهم في مفاقمة الأوضاع". 

ولفت خليفة إلى استشراء الجهل بالحقوق المدنية والأساسية "بصورة كبيرة" في شرق السودان، معللًا ذلك بانعدام الاهتمام بالتعليم الجيد في مناطق عديدة، ولافتًا إلى وجود "ارتباط واضح" بين هذه المعطيات ونسب التعليم في أوساط الإناث. واستدرك خليفة أن تعليم الإناث قد زاد "بنسبة كبيرة" لكنه مقتصر على المراحل الأولية وتعلم الأساسيات من القراءة والكتابة، بسبب أن هذه المجتمعات تضع "وصمة" للنساء اللاتي ارتقين في المراحل التعليمية – على حد قوله.

خليفة: يجب التضامن مع النساء في جميع خطوات انتزاع حقوقهن وتثبيتها كمبدأ دستوري واضح لا يمكن التعدي عليه

وثمّن خليفة مجهودات النساء "الواضحة والقوية" لانتزاع حقوقهن وإنهاء التمييز والاضطهاد المبني على النوع الذي يُمارس بصورة متكررة في جميع أنحاء البلاد – بحسب خليفة، مضيفًا أن "النظرة السلطوية" لا زالت تطال النساء، ومشددًا على ضرورة التضامن مع النساء في جميع خطوات انتزاع حقوقهن و"تثبيتها كمبدأ دستوري واضح لا يمكن التعدي عليه".