13-أكتوبر-2024
مطبخ جماعي

المطابخ الجماعية

في أجواء احتفالية نادرًا ما تحدث في مناطق الحرب، ومع العزف على الموسيقى جرى افتتاح مطبخ جماعي في منطقة الثورة الحارة (75) الواقعة تحت سيطرة الجيش في أم درمان، وفق مقطع فيديو منشور على "فيسبوك"، وقص شريط الافتتاح نساء يترددن إلى المركز للحصول على وجبة "البليلة"، التي تعد من حبوب محصول "العدسية".

النساء أبرز المشاركات في افتتاح "تكية البليلة" في أم درمان الحارة (75) 

"تكية البليلة" كما سُميت، يقول المتطوعون إنها تعمل بالغاز بدلًا عن حطب الأشجار، بالتالي السرعة في تجهيز الوجبات إلى جانب ضمان استمرار العمل لوقت أطول عكس المطابخ، التي تعتمد على الحطب والخشب لطهي الطعام وتتوقف عند النفاد.

"البليلة" وجبة سودانية تعد من حبوب العدسية التي تزرع في السودان في مساحات واسعة، وهي حبوب اقتصادية يتراوح سعر الجوال من (200) إلى (25) ألف، ما يعادل مائة دولار أميركي، خاصة في موسم ازدهار تجارة المحاصيل الزراعية.

غالبية المطابخ الجماعية  تقدم "البليلة" مع إضافة الملح فقط، ولا يملك المدنيون المحاصرون في المناطق الساخنة نتيجة الظروف القسرية وانعدام الخيارات، لا يملكون خيارات إضافة الزيت أو التوابل لتحسين النكهة والمذاق.

في مقطع الفيديو شارك المئات في افتتاح المطبخ الجماعي، كما حرصوا على وضع الأواني في الطوابير الممتدة بامتداد المنتظرين لعملية التوزيع بواسطة المتطوعين.

في حفل الافتتاح والذي وصل مرحلة قص الشريط، أعداد النساء كانت أكبر من الرجال، وتأثير الحرب عليهن بدا واضحًا للعيان، وفي الغالب فإن الرجال إما ذهبوا إلى جبهات القتال أو نزحوا أو ظلوا بلا عمل في المنزل.

أطلق مؤسسو المطبخ على المقر الجديد "تكية البليلة" في مركز فاطمة الزهراء، ورغم أن المركز يقدم خدماته في منطقة صغيرة، إلا أن المشاركين في حفل الافتتاح كان كبيرًا خاصة النساء.

عزف الرجال وهم يرتدون الزي العسكري على الآلات الموسيقية في ساحة قرب المطبخ الجماعي عددًا من الألحان للأغاني الوطنية والشعبية، فيما زغردت النساء وكأن القدر أنصفهن في الحصول على الغذاء من مكان قريب بدلًا من البقاء مع الجوع، أو قطع مسافات طويلة لتناول وجبة صغيرة في مطبخ خارج نطاق المنطقة، لأن مشقة الحصول على الطعام والدواء والمياه والوقود أبرز القضايا التي تواجه المدنيين في العاصمة والمدن الواقعة ضمن دائرة الحرب.

الجوع هو العنوان الأبرز خلال حرب السودان، بملامسة أفواه (755) ألف شخص، ويلاحق نحو خمسة ملايين شخص، وتهدد الحرب الأمن الغذائي لـ (25) مليون شخص، بمعنى أن أدوات الإنتاج والعمل والتجارة مهددة بالفقدان بسبب تطاول أمد الصراع.

في المطابخ الجماعية لا يحصل المدنيون على كمية كبيرة من الطعام، لأن المتطوعين يعملون في ظروف حرجة ومؤن قد لا تدوم طويلًا في المستودعات، وهناك حرص على خلق التوازن ما بين توزيع الطعام لأكبر عدد من المواطنين، وفق حصص غذائية تجعل البطون فارغة لوقت أطول.

خلال الخطابات التي تصدر من قائدي الجيش والدعم السريع الحليفين سابقًا و الخصمين اللدودين منذ (18) شهرًا، لا يتم التطرق إلى معاناة ملايين المدنيين في المناطق الساخنة أو ولايات النزوح بصورة جدية أو يومية أو استراتيجية وفق ما يقول المتطوعون.

وتتحول المفاوضات بشأن المساعدات الإنسانية برعاية الأمم المتحدة أو الوساطة الأميركية والسعودية، إلى "حالة من البيروقراطية"، حيث يستغرق الطرفان وقتًا طويلًا، وفي الغالب لا يتفقان على المقترحات.