03-نوفمبر-2023
نساء يحاولن جلب المياه خلال الحرب

عانت معظم أحياء الخرطوم من انقطاع المياه والكهرباء جراء الحرب (Getty)

منذ ساعات الصباح الأولى يقف محمد في آخر طابور طويل في "الفتيحاب" جنوبي أم درمان، ينتظر كل من فيه الحصول على حصة ضئيلة من الدقيق، حصة من شأنها أن تضمن له ولأسرته البقاء على قيد الحياة أيامًا أخرى، فلربما ينتهي هذا الحصار غدًا أو بعد غد. أوضح المواطن محمد الفاضل في حديثه إلى "الترا سودان" أن السوق الوحيد في المنطقة قد جف من المواد الغذائية تمامًا في حي "الفتيحاب" جنوبي أم درمان، حيث تبدو معاناة جميع المواطنين هناك متشابهة، فبعد أسبوعين من الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على الحي، والذي يعزيه متابعون إلى موقع الحي الإستراتيجي لقربه من مباني سلاح "المهندسين" التابع للجيش السوداني، مما أدخل مواطني "الفتيحاب" في دائرة الحرب بين الدعم السريع والجيش المندلعة منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي.

أحد سكان "الفتيحاب" لـ"الترا سودان": المنطقة تتعرض لحوادث مفجعة جراء مقذوفات الدعم السريع التي تستهدف سلاح "المهندسين"

ابقوا الصمود

أصدرت تنسيقية لجان المقاومة بالفتيحاب بيانًا تحدثت فيه عن أوضاع المواطنين بالمنطقة، ويبلغ عددهم (100) ألف مواطن بحسب البيان. ووجه البيان رسالة إلى أهالي منطقة "الفتيحاب" مفادها "ابقوا الصمود"، وحثهم على الصمود أمام "أبشع جريمة إنسانية يشهدها السودان منذ العام 1956" بحسب ما وصف البيان، مشيرًا إلى الحصار الذي تفرضه "الدعم السريع" على المنطقة. وأوضح بيان تنسيقية "الفتيحاب" أن الدعم السريع تمنع دخول المواد الغذائية والأدوية إلى المنطقة التي قال إنها تعاني من "الانقطاع التام للتيار الكهربائي والمياه"، بالإضافة إلى منع المدنيين من الخروج من الحي.

أكد بيان التنسيقية أن هناك أسر لم تتناول أي حصة من الطعام منذ ثلاثة أيام جراء حصار الدعم السريع للمنطقة. وجددت تنسيقية لجان المقاومة بالفتيحاب مطالبتها لقادة سلاح "المهندسين" بالإسراع في فتح ممرات آمنة، وهو ما لم يحدث حتى الساعة، فيما تقصف عناصر الدعم السريع منازل المواطنين الأبرياء، مما أسفر عن "خسائر كبيرة في صفوف المدنيين بالمنطقة، أغلبهم من النساء والأطفال". وشددت تنسيقية لجان المقاومة بالفتيحاب على ضرورة تنفيذ مطالبها بفتح ممرات آمنة عبر سلاح "المهندسين" يسمح بدخول المواد الغذائية والأدوية للمواطنين، وإيقاف سياسة "تجويع المدنيين" التي تستخدمها الدعم السريع سلاحًا من أسلحة الحرب إلى جانب استهداف المدنيين بالقذائف المدفعية، كما ناشدت التنسيقية عبر بيانها الجمعيات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بتقديم المعونات الغذائية والدوائية لأهالي منطقة "الفتيحاب".

https://t.me/ultrasudan

حوادث مفجعة

قال المواطن علي أحمد لـ"الترا سودان" إن المنطقة تتعرض لحوادث مفجعة جراء المقذوفات التي يطلقها أفراد الدعم السريع، مرجحًا أنها تستهدف "سلاح المهندسين"، لكنها دائمًا ما تخطئ هدفها وتسقط في أحياء "الفتيحاب"، وراح ضحيتها العديد من الأسر – بحسب أحمد. وشكا أحمد في حديثه إلى "الترا سودان" من شح المياه في المربع الذي يسكن فيه، قائلًا إنها "أصبحت شحيحة للغاية وتكاد تكون منعدمة إلا في صنبور في مكان منخفض في أحد شوارع الحي"، حيث يتجمع الصبية حاملين الأواني لسد حاجات منازلهم، وبينما هم يتناوبون على ملء الدلاء من الصنبور اختار المقذوف أن يملأ دلاءهم بالدماء بدلًا عن المياه، فأصيب أربعة أطفال في هذه الحادثة، في حين توفي طفل – بحسب هذا المواطن.

ويضيف أحمد أن كبار السن في المنطقة تحصد أرواحهم في كل يوم واحدًا تلو الآخر بسبب تدهور الخدمات الصحية وانقطاع الأدوية عنهم. ويؤكد ندرة المواد الغذائية في المنطقة مع ارتفاع أسعارها، لافتًا إلى وصول سعر الكيلوغرام من الدقيق إلى ستة آلاف جنيه.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان يعيش المدنيون في مناطق الاشتباك في أوضاع مزرية، جراء آثار الحرب المباشرة وشح المواد الغذائية والنقص الحاد في السيولة بعد ما يقارب سبعة أشهر من الحرب التي يرجح مراقبون صعوبة حسمها على الأرض.