حذر محللون سياسيون أن الصراع الدائر بين الرزيقات والفلاتة بمنطقة تلس بولاية جنوب دارفور منذ نهاية آذار/مارس المنصرم، قد لا ينتهي نتيجة لوقوع مناطق جنوب نيالا ضمن تداخلات لمجموعات محلية مسلحة تعمل في الذهب والمخدرات ولديها ارتباطات مع أفريقيا الوسطى.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دلقو قد وجه بحسم الصراع عسكريًا وأمر بإقامة منطقة عازلة بالطيران الحربي لوضع حد للنزاع المسلح بين الفلاتة والرزيقات منذ 26 آذار/مارس الماضي، وذلك على خلفية مقتل ضابط من الرزيقات ينتمي لقوات الدعم السريع بواسطة عصابة تمتطي دراجات نارية.
الاقتتال القبلي خلف (80) قتيلًا فيما أمرت السلطات بحسمه عسكريًا وسط مخاوف محلية من التهجير
وشهدت محليات "دمسو" و"تلس" و"برام" بولاية جنوب دارفور يومي الثلاثاء والأربعاء، قتالًا داميًا بين قبيلتي الرزيقات والفلاتة بسبب مقتل ضابط برتبة الملازم يتبع لقوات الدعم السريع في طريق “سنقو الضعين” على يد مسلحين.
وكانت لجنة أمن ولاية جنوب دارفور أشارت إلى أن السلطات فشلت في احتواء الأزمة بعد انهيار بوادر المصالحة، عقب إعلان زعيم الفلاتة دفع الديات وتسليم الجناة إثر اقتفاء آثار الجناة إلى مناطق الفلاتة.
وخلف الصراع الأهلي (80) قتيلًا من الطرفين، وفر الآلاف إلى القاعدة العسكرية في منطقة قريضة بولاية جنوب دارفور من مناطق تلس جنوبي الولاية المتاخمة للحدود مع جنوب السودان وأفريقيا الوسطى.
ويقول الأستاذ الجامعي سالم النو المتخصص في قضايا إقليم دارفور في حديث لـ"الترا سودان"، إن الصراع بين الفلاتة والرزيقات رأس جبل الجليد لأزمة تعاني منها المنطقة من تلس وسونقو وهي مناطق على الحدود مع أفريقيا الوسطى المعروفة بانتشار قوات من جنسيات روسية فيها تعمل في نهب الذهب ونقل المخدرات.
وذكر النو أن التقسيم الإداري أيضًا ضمن عوامل الصراع لأن قوانين الحكم المحلي تختلف عن الحواكير التي تعود إلى القبائل، فبينما يقسم قانون الحكم المحلي بعض المناطق فإنه يتداخل مع الحواكير المملوكة لقبائل أخرى، وهذا الإجراء يثير الصراع المسلح بين القبائل.
ويرى النو أن نشر الطيران العسكري يأتي لملاحقة عصابات زراعة المخدرات في المنطقة والتي تنشط في زراعة "البنقو" الحشيش المحلي، ومعروف أن هذه المناطق متاخمة لأفريقيا الوسطى التي تعاني من اضطرابات وموجات نزوح نحو السودان لبعض المجموعات.
ويعتقد النو أن الصراع في جنوب دارفور وفي المناطق الحدودية مع أفريقيا الوسطى لن ينتهي ما لم تتدخل الدولة عبر القوانين، إلى جانب مكافحة زراعة المخدرات والتي تدار عبر جماعات مسلحة.
اقرأ/ي أيضًا: الإذاعة العبرية: وفد إسرائيلي التقى سرًا بمسؤولين عسكريين في الخرطوم
من جهته ذكر المحلل السياسي والمتخصص في قضايا المنطقة محمد تورشين في حديث لـ"الترا سودان"، أن إرسال الطيران الحربي القصد منه سياسة التهجير القسري في سونقو وتلس.
محلل سياسي: المليشيات المسلحة تثير الحرب العبثية في جنوب دارفور لنهب الذهب والسيطرة عليه
وأشار تورشين إلى أن المناطق في سونقو وتلس قريبة من الحدود مع أفريقيا الوسطى، وهناك مخطط لمحاصرة المعارضة المسلحة لحكومة بانغي، مشيرًا إلى أن الدولة ليست محايدة في الصراع.
وأكد تورشين أن المليشيات المسلحة تثير الحرب العبثية في جنوب دارفور لنهب الذهب والسيطرة عليه، وقال إن الصراع القبلي معروف وطرق حله متاحة للجميع لكن ما يحدث الآن محاولة لإفراغ المنطقة من الناس لنهب الموارد.
وأوضح تورشين أن سكان تلس لا يثقون في القوات التي ترسلها الدولة، بسبب قد تنحاز إلى طرف، وبالتالي زيادة رقعة الصراع.
وتابع: "الصراع القبلي أداة لتحقيق أجندة سياسية لبعض الأطراف التي لديها طموحات في السلطة".
اقرأ/ي أيضًا
السفير الروسي بالخرطوم يؤكد أن العلاقات بين البلدين "تشهد تقاربًا مضطردًا"
وفاة 10 وإصابة آخرين في حادث مروري بطريق الإنقاذ الغربي