مجتمع

"الرحمتات".. عادة رمضانية في السودان تفقد معظم طقوسها

22 مارس 2024
فتة اللحم السودانية.jpg
فتة اللحم السودانية التي تقدم في الرحمتات (youtube)
تسنيم خوجلي
تسنيم خوجلي

اعتاد أيمن في شهر رمضان من كل عام أن يقوم بإعداد وجبة "الرحمتات" في آخر جمعة من الشهر الفضيل لروح والدته التي توفيت قبل عامين، يقول أيمن لـ"الترا سودان" إن أخواته يجتمعن عنده في هذا اليوم لمساعدة زوجته في إعداد الطعام والمكون من الحساء واللحم والأرز والخبز، وهي ما تعرف بالسودان بالفتة أو السليقة.

وتتعدد الروايات حول هذه العادة، إذ يرى باحثون أنها متعلقة بالخميس الذي يسبق آخر جمعة من رمضان، بينما يقول آخرين إن الرحمتات تكون في آخر جمعة من الشهر

ويفيد أيمن أنه عادة ما يقوم بذبح خروف لهذا الطقس الديني الرمضاني، راجيًا من الله أن تكون هذه الصدقات رحمة لوالدته في قبرها، وليس أيمن الوحيد الذي يحافظ على عادة الرحمتات السودانية، والتي يقول باحثون في التراث السوداني أنها جاءت من كلمة "الرحمة جات"، أو "الرحمة أتت"، فالكثير من السوادنيين يقومون بتقديم وجبات "الرحمتات" في الجمعة الأخيرة من الشهر الكريم، خاصة في القرى والأحياء السكنية القديمة.

وبالرغم من ذلك فقدت هذه العادة الكثير من الطقوس التي كانت مصاحبة لها، واقتصرت فقط على تقديم الوجبات كصدقات لروح المتوفي من الأسرة.

وتتعدد الروايات حول هذه العادة، إذ يرى باحثون أنها متعلقة بالخميس الذي يسبق آخر جمعة من رمضان، بينما يقول آخرين إن الرحمتات تكون في آخر جمعة من الشهر.

متعلقة بالأطفال

أكدت روايات لمعاصرين أن عادة  "الرحمتات" كانت في الماضي مناسبة مرتبطة بالأطفال بشكل كبير، حيث كانوا يجوبون المنازل في آخر جمعة من شهر رمضان والتي كانت تسمى بـ "الجمعة اليتيمة"، فتقدم لهم المنازل اللحوم والتمور، وذلك بحسب اعتقادات سائدة في المجتمع عن مكانة الأطفال السامية، بحيث يمكن أن تصيب دعواتهم للميت بالرحمة والمغفرة.

وتقول السيدة محاسن محمد (72 عام) إن الأطفال كانت لهم أناشيد معينة "للرحمتات"، بحيث يرددون بصوت مرتفع " الحارة ما مرقت، ست الدوكه ما وقعت" ويقصد بالحارة هنا فتة الأرز واللحم التي تقدم في هذه المناسبة، بينما ست الدوكة تمثل المرأة التي تعد الطعام، في إشارة منهم إلى استعجالها في تقديم الوجبات لهم.

وتضيف محاسن في حديث لـ "الترا سودان" أن الأناشيد الأطفالية تكون دائمًا مصاحبة بالقرع على الأواني المنزلية المختلفة من حلل وصواني معدنية وما إلى ذلك، وأشارت أيضًا أنه من الأناشيد التي يرددها الأطفال قديمًا في هذه المناسبة،  "تات.. تات الرحمتات أدونا تلات بلحات تين تين.. أدونا لحم ميتين".وبحسب محاسن تقدم الأسر دعوات لطلاب الخلاوي لتلاوة القرآن رحمة على روح المتوفي، بجانب تناول الطعام الذي يقدم في هذه المناسبة خصيصًا.

طقوس غائبة

بسبب الظروف الاقتصادية والحياة المدنية اندثرت الكثير من الطقوس المصاحبة لهذه المناسبة وأصبحت طقوس غائبة، وصارت "الرحمتات" تقتصر فقط على توزيع الوجبات على المحتاجين، أو في الخلاوي والمستشفيات، فيما ابتعد الأطفال بشكل قطعي عن هذه المناسبة، بعد أن كانوا يلعبون دورًا كبيرًا في إحيائها

وفي أغلب الأحيان اقتصر تقديم "الرحمتات" على الوجبة الأساسية فقط، بعد أن كانت تحتوي على المشروبات والتمور، بينما لا تعلم الكثير من الأجيال الجديدة عن الطقوس المصاحبة التي كانت تزين هذه المناسبة.

تتميز العادات والتقاليد السودانية في رمضان بامتزاجها بالطابع الديني مع التراث، بحيث تشير معظم هذه العادات الرمضانية  للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى

وتتميز العادات والتقاليد السودانية في رمضان بامتزاجها بالطابع الديني مع التراث، بحيث تشير معظم هذه العادات الرمضانية  للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، بداية بالـ"الرحمتات" ومرورًا بالإفطارات التي تقدم على الطرقات فيما يسمى الآن بالـ "البرش السوداني" بعد أن انتشر بشكل واسع في البلدان العربية والإفريقية المجاورة بسبب حالة النزوح الكبيرة التي خلفتها الحرب في السودان، وآثر السودانيون أن يحافطوا على عاداتهم وتقاليدهم المميزة في ظل الواقع الجديد الذي فرضته عليهم الحرب.

 

الكلمات المفتاحية

سودانيون في طريقهم إلي مصر.png

سودانيون مبعدون من مصر.. الانتقال من اللجوء إلى التشرد

قال متطوعون في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية إن السلطات المصرية أبعدت ما لا يقل عن عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين بين عامي 2024 و2025، مشيرين إلى أن عمليات الإبعاد لا تزال مستمرة.


الأبيض - شمال كردفان.jpg 2.jpg

في انتظار التدوين.. "عروس الرمال" مدينة الأبيض تنزف ببطء

"على قلق، في كل يوم مع مواعيد إفطار رمضان، صرنا ننتظر قذائف قوات الدعم السريع، التي لم تتوقف منذ أحد عشر يومًا، تبث الرعب والخوف بين سكان المدينة. لن تستطيع أن تخمن في أي مكان ستسقط قذيفة اليوم، فكل الأمكنة قيد "التدوين". هكذا تحدثت المواطنة فتحية التوم، من مدينة الأبيض لـ"الترا سودان"، وأضافت: "فقدنا أعزاء كثر منذ بداية الحرب، عانينا كثيرًا جدًا في الأبيض، وحين…


شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم

Sudan Army.png
سياسة

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

كوبري توتي في العاصمة الخرطوم.JPG
أخبار

لجنة مقاومة: القوات المسلحة تسيطر على منطقة المقرن وفندق كورنثيا

أفادت لجان مقاومة إن القوات المسلحة السودانية تمكنت من فرض سيطرتها بالكامل على الجبهة الغربية من مناطق وسط الخرطوم، ويشمل ذلك حي المقرن وفندق كورنثيا، وقاعة الصدافة، وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا "المجمع الغربي"، وكلية البيان.


عناصر من الجيش أمام القصر الجمهوري
سياسة

سيطرة الجيش على القصر الجمهوري.. دلالات سياسية ومرحلة جديدة

بعد قرابة العامين من المعارك الدامية التي مزقت العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات، أعلن الجيش السوداني استعادة السيطرة على القصر الجمهوري، أحد أهم الرموز السيادية في البلاد.

القوات المسلحة - الجيش.jpg
أخبار

لجان مقاومة: انفتاح كبير للجيش في محلية أمبدة حتى تخوم سوق ليبيا

قالت تنسيقية لجان مقاومة كرري إن القوات المسلحة السودانية وقوات العمل الخاص، حققت اليوم الجمعة 21 آذار/مارس 2025 انفتاحًا كبيرًا في محلية أمبدة إلى تخوم سوق ليبيا.